الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إبداعات الواعدين في الكويت… بين الإهمال واستغلال دور النشر
play icon
من معارض الكتاب
الثقافية

إبداعات الواعدين في الكويت… بين الإهمال واستغلال دور النشر

Time
الأربعاء 30 أغسطس 2023
View
42
السياسة

المؤسسات الثقافية مطالبة باستحداث سلسلة تهتمّ بنشر كُتب الشباب

مدحت علام

أتاحت دول أجنبية وعربية عدة مساحة واسعة لنشر الإصدارات الخاصّة بمبدعيها الشباب، في مختلف المجالات الثقافيّة والأدبيّة والعلميّة والاقتصاديّة وغيرها، لقناعة هذه الدول أن الإبداع الشبابي هو الشريان الذي يصل الحاضر بالمستقبل، ومتى انقطع هذا الشريان أو أصابه العطب في أحد جوانبه، فإن التدفّق سيقلّ، إن لم يتوقّف، ممّا يؤدي إلى قطيعة بين الحاضر، الذي سيصبح ماضياً والمستقبل الذي سيصبح حاضراً.
وهذا الأمر تنبّهت إليه الشعوب المتقدمة، التي قطعت أشواطاً كبيرة في المضي قدماً نحو التطوّر والأخذ بالأساليب العلمية والثقافية في مختلف مجالات حياتها، وحتى الشعوب التي لا تزال تسير في طريق التقدّم، تنبّهت أيضاً لدور الشباب الحيوي في مجالات الحياة بكل أفرعها ومناهلها.
والكثير من الدول الخليجية، استطاعت استقطاب الشباب من خلال التشجيع على الإبداع والابتكار، ومن ثم إقامة ورش عمل لتنمية مهاراتهم وصقل مواهبهم، باستضافة خبراء واختصاصيين ومبدعين كبار، يقدمون خلاصة أفكارهم، في الشأن الأدبي والإبداعي، لإفساح المجال أمام المواهب الصاعدة لتكريس أدواتهم، والارتقاء بمستوياتهم، ومواجهة الساحة بقدر وفير من الخبرة، التي استشرفوها من تلك الورش.
فالكويت رغم ما تتمتع به من زخم أدبي وثقافي متميز، ضارباً بجذوره في عمق التاريخ، ولا يزال متوهجاً بفضل إنجازات أدباء كبار أمثال الدكتور خليفة الوقيان والدكتور سليمان الشطي، والدكتور مرسل العجمي، والروائية ليلى العثمان والروائية فاطمة يوسف العلي وغيرهم الكثير، حتى في جيل الوسط والشباب، إلا أن الاعتناء بإصدار الكتب الخاصة بالمبدعين الواعدين، متوقفة، ولم نسمع عن سلسلة تعتني بالإبداع الواعد، كما هو معمول في دول عربية وأجنبية عدّة، مثل سلسلة "الإصدار الأول"، مثلاً، التي تنشر لكتاّب وأدباء أوّل كتاب لهم، وذلك لتشجيعهم على الولوج في الساحة الثقافية، وتذليل العقبات التي قد تواجه المبدع المبدئ الذي لا معرفة سابقة له بسوق النشر، وهذا الأمر أسهم بشكل كبير في تدشين مبدعين كثر في تلك الدول، في مجالات الشعر والقصة القصيرة والرواية والنصوص المسرحية والدراسات والبحوث، والتراث والتاريخ والعلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
هذا الأمر يجب أن يتبنّاه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، من خلال إدارة للنشر، التي تتبعه، وتقوم فقط بنشر السلاسل المهمة، والتي أثبتت وجودها على الساحة العربية، مثل عالم الفكر والإبداعات العالمية، وعالم المعرفة وغيرها من السلاسل، التي يتعثّر بعضها في الصدور، وبعضها لا يزال صامداً، من خلال النشر الورقي والإلكتروني.
وفي المقابل، لم تكن هناك في أي وقت من الأوقات، سلسلة تهتمّ بكتابات ومؤلفات وإبداعات الشباب الواعد، تأخذ أي مسمّى، سواء إبداعات شبابية، أو الكتاب الأول أو إصدارات واعدة، وغير ذلك من المسميات، التي تخدم الشباب المبدعين، تشجيعاً ودعماً، كي تمتد الحالة الثقافية ولا تتوقف أو يضعف أثرها، نتيجة الإحباطات التي قد يواجهها الشباب في مسيرتهم الإبداعية، بسبب تركهم لأهواء دور النشر التي لا تهتم في كثير من الأحيان، إلا بالكتب التي يتحقق فيها الإبهار الزائف، بغض النظر عن القيمة الأدبية المقدمة، من خلال النظرة التجارية البحتة، التي لا تعطي الإبداع الحقيقي قيمته المنشودة.
فكلنا شاهد- وما زال يشاهد- الطوابير المتراصة أمام أجنحة دور النشر في معارض الكتب الدولية، لشراء كتاب، كلّ ما فيه عبارة عن تهويمات وكتابات لا علاقة لها بالأدب من قريب أو بعيد، إلّا أن صاحب هذا الكتاب تمكّن من تحقيق شهرة من خلال متابعته المتواصلة لمواقع التواصل الاجتماعي، وتضبيط المتابعين والمعجبين، من دون أن تكون لديه الثقافة والموهبة والأدوات، التي من خلالها يقدّم المفيد للقارئ، فيما ترفض تلك الدور نفسها النشــر للمبدع الحقيقي، الذي يقدّم الأدب في صورته المستقبليّة الحقيقيّة، أو تُطالبه بدفع مبالغ مالية، نظير النشر، ومن ثم لا تهتمّ بالدعاية لكتابه، ولا تسعى إلى نشره وتوزيعه على نطاق واسع، لأنها قد أخذت حقّها منه مسبقاً، ومن ثمَّ فهي على دراية برغبات القراء التي حدثت لها طفرات وتغييرات كثيرة.
وفي ظل ذلك التحدي، فإن المؤسسات الرسمية المعنية بالنشر في الكويت سواء الإلكتروني أو الورقي، وحتى المؤسسات الأخرى سواء في جمعيات النفع العام، أو المؤسسات التي يملكها أفراد، مطالبة بتشجيع الأدباء الشباب على نشر كتبهم، حيث إن هذا الأمر غاية في الأهمية، خصوصاً ونحن نعيش أوقاتاً عصيبة على الإبداع الحقيقي، بعدما تدخّلت مواقع التواصل الاجتماعي في الانتصار للغث، وإزاحة السمين من المشهد.

آخر الأخبار