الخميس 03 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

إبراهيم العطار القائد الأسطوري

Time
الخميس 13 يوليو 2023
View
9
السياسة
محمد الفوزان

بطل مسلم أنفق كل ثروته على حماية مملكة غرناطة، كان قائد جيشها، ووالي بلدة لوشة، واشتهر بمحاربته القشتاليين في الأندلس، وعرف بشجاعته وإقدامه، حتى وصفته الوثائق الإسبانية بـ"القائد الأسطوري"، وخلدت إسبانيا ذكراه بنصب تذكاري له في لوشة.
تناقلت الروايات التاريخية قصصه وأخباره وتاريخه، واختلفت المرويات عنه، ونقلت عنه أحداثا أصبحت من الأساطير الإسبانية، فقد نُسبت له وظائف كثيرة اختلفت من جنرال إلى تاجر ثري وحارس، وحتى الخادم الأول لقصر الحمراء.
بدأ رحلة حياته تاجراً متواضعا للتوابل، وسرعان ما جمع ثروته تدريجيا، وساعدته مهاراته العسكرية، وإتقانه استعمال السيف أن يتولى منصب والي لوشة عام 1470.
برز اسمه في معركة "إل مادرونو" يوم 11 أبريل 1462، والتي شارك فيها الى جانب أبو الحجاج يوسف الخامس لإعادة العرش له، وهكذا اشتهر هو وسيفه عند المسيحيين نظرا لأدائه المبهر والشجاع.
كانت تربطه علاقة بآخر سلاطين بني الأحمر من ملوك غرناطة أبو عبد الله محمد الثاني الصغير، فقد تزوج الأمير من ابنته مريمة عام 1482، وهكذا توطدت علاقتهما أكثر.
رغم غناه، عاش حياة متواضعة، اذ مع كل الثروة التي كان يمتلكها لكنه عند زواج ابنته لم يجد ما يجهزها به، فقد أنفق كل ثروته على حماية مملكة غرناطة حتى قال المؤرخ الإسباني فوينتي ألقنطرة: "إن العطار لم يجد في عرس ابنته مريمة ما يجهزها به سوى ملابس وجواهر استعارتها من صديقتها".
كان العطار شديد الولاء لأميره، وكان بمثابة يده اليمنى التي تفتح له شمال غرناطة، وتدخل في معارك طاحنة تثبيتاً لملكه، وكان بمثابة الورقة الرابحة لأبي عبد الله، فهو الفارس الذي أرهب القتشاليين.
كان إبراهيم العطار واليا على مدينة لوشة، وكانت حينها منطقة عسكرية ستراتيجية لاعتبارها عاصمة غرناطة، وآخر معاقل المسيحيين في المنطقة، وبسبب ذلك حصّنها بعدد كبير من المحاربين المغاربة المعروفين بصلابتهم، وقوتهم، وشجاعتهم.
وفي يوليو 1482 انطلق جيش الكاثوليكيين إلى لوشة، مكون من فرسان قلعة رباح (أول ميليشيا عسكرية تتكوّن في مملكة قشتالة) ومن عدد من الفرسان المعروفين أمثال بيدرو فرنانديز ومعه خمسة آلاف فارس وعشرة آلاف من المشاة، مع مدفعية من أجل الحصار وآلاف العمال لحفر الخنادق وبناء الجدران.
بدأ القشتاليون بناء معسكراتهم على ضفاف نهر غرناطة في منطقة مليئة بالمنحدرات والبساتين والوديان، مما شكّل تحديا أمامهم في اختيار أماكن الجنود والمناورة.
قبل أن يتمكن القشتاليون من تحديد أماكنهم، أغار عليهم العطار بشكل مفاجئ فاستطاع هزيمتهم وأجبرهم على التراجع، بعد أن فض صفوفهم، واستولى على أسلحتهم، وأوقع بينهم قتلى كثر من بينهم كبار الجيش وقادتهم.
شكلت هذه المعركة نقطة تحول لجيش العطار من الدفاع عن لوشة إلى الهجوم، وفتح الحدود القشتالية الشمالية.
زادت هذه المعركة من هيبة العطار والفرسان المغاربة (الذين يوصفون في المصادر الإسبانية بالذين لا يقهرون).
استطاع جنود العطار الاستيلاء على قلعة كاركابوي، بينما تراجع القشتاليون لحماية حدودهم، بعدها بدأ العطار بتجهيز جيشه لغزو مدينة "اليسانة" (لوسينا) المسيحية الواقعة شمال بلدة لوشة، ووقتها تمكن الغرناطيون من جمع أكثر من سبعة آلاف رجل.
سميت المعركة أيضا مارتين غوانزاليس، وفيها تواجه جيش إمارة غرناطة مع القوات القشتالية، ووقعت في أبريل 1483.
في 20 أبريل حاصر أبوعبد الله اليسانة تحت إشراف العطار، الذي كان خبيرا بأراضي جنوب قرطبة، وحقق سلسلة نجاحات متتالية ضد المسيحيين.
واجه جيش المسلمين دي لوس دونسيليس، الذي استغاث بعمه ليأتي بجيشه من مدينة كابرا (في إرلندا)، ووقتها نظم العطار جيشه ليدخل من الاتجاه الشمالي- الغربي تجنبا لمواجهة القوات المسيحية.
نظرا لقلة عدد جيش المسلمين، اضطروا للانسحاب إلى ضواحي المدينة، لكن وقتها تلاقى الجيشان وبدأت المعركة.
بسبب الهجوم المفاجئ للقشتاليين انسحبت قوات أبي عبد الله بعشوائية، وقتل العطار وقتها، بينما كان يحاول الدفاع عن أميره بسيفه، وحاول أبو عبد الله الفرار لكن حصانه علق في الوحل.
ورغم محاولته الاختباء، فإن الجنود لاحظوا أهميته من لباسه فاقتادوه أسيرا، ومن هنا كانت نقطة انهيار غرناطة، بعدما خسرت المدينة فارسها الشجاع.

[email protected]
آخر الأخبار