الخميس 19 سبتمبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إجرام بلا حدود
play icon
كل الآراء

إجرام بلا حدود

Time
الأحد 22 أكتوبر 2023
View
62
الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

حدث ما تخوَّفنا منه منذ سنوات، وكتبنا نحذر من عواقب الخطاب العدائي والطائفي في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، وأن لغة وثقافة الهيمنة والاستبداد لن تفلح أبدًا، وأن الخطاب الإنساني، ولغة السلام هما الضامن الوحيد لاستمرار الأمن العالمي.
وأن إشعال الحرب أيسر بكثير من إيقافها، لأن هذا النوع من الصراع الإجرامي ليس له خطة، أو حدود يمكن التوقف عندها، لكن فقط مزيد من الضحايا الأبرياء، وبخاصة من النساء والأطفال والشيوخ، والعجائز، الذي أصبح قتلهم مجرد أرقام غير تقديرية على صفحات وشاشات وسائل الإعلام، وأصبح الضمير الإنسانب في حالة تبلد وجمود بعد أن فقد حرارة الإيمان بأهمية الحفاظ على الأرواح المقدسة، وأبسط حقوق الإنسان في الأمن والعيش الكريم.
العالم وعلى مدار السنوات الماضية يشاهد بصمت مخز ما تفعله آلة الحرب الصهيونية، تجاه شعب يدافع عن أرضه، ويدافع عن أعدل قضية تحرر وطني في العصر الحديث.
يشاهد العالم يوميًا قصفا لكل مقومات الحياة، ودك المنازل فوق رؤوس قاطنيها الأبرياء، ولا يحرك ساكنًا أمام هذه الأشلاء المتطايرة لأطفال أبرياء، في عمر الزهور، كل جريمتهم في نظر المحتل أنهم وُلدوا في هذه البقعة الجغرافية.
ورغم هذا الصمت السياسي والديبلوماسي المريب يبقى هناك أحرار في هذا العالم تشتعل في قلوبهم معاني الرحمة والإنسانية.
حتى أن بعض أفراد الجالية اليهودية فى أميركا (رابطة يهود ضد الصهيونية) اقتحمت الكونغرس مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، ووقف جريمة الإبادة الجماعية في غزة، وهو دحض لمزاعم وزير الخارجية الأميركى أنتونى بلينكن الذي صرح أن زيارته لإسرائيل جاءت كيهودي متعاطفا، وليس مسؤولا سياسيا، وهو الذي رد عليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن اليهود تم اضطهادهم في أوروبا، وجاؤوا الى الشرق الأوسط، وعاشو واندمجوا مع جيرانهم من المسلمين والمسيحيين، وكانوا جزءا من النسيج المجتمعي!
هذه المظاهرات من الشرفاء فى أنحاء العالم تظهر بوضوح سقوط ورقة التوت عن هذا النظام الصهيوني المجرم، الذي فقد صوابه، وأضاع كل فرص السلام في الشرق الأوسط، وأوصل المنطقة إلى نقطة اللا عودة، وذلك بدعم أميركي- بريطاني متهور، وذلك لا يريد إلا إزكاء نار الحرب التي ستحرقهم قبل أن تحرقنا.
أن هذا الغضب المكتوم سوف ينفجر في وجوههم، وسيتم استهدافهم، ولن يكونوا في مأمن، كما يعتقدون، لأن حرب الوجود والبقاء يخسر فيها الجميع، إلا أصحاب الحق والمدافعين عن وجودهم.
الحقيقة أن هناك محاولات للعودة إلى السلام، ووقف إطلاق النار، حيث استضافت المملكة العربية السعودية الشقيقة برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، مؤتمر لمنظمة دول "مجلس التعاون" الخليجي ورابطة الآسيان، لبحث سبل التعاون في كافة المجالات.
وقد ألقى ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان كلمة عبر فيها عن غضبه، وألمه، وندد باستهداف المدنيين، وقصف المستشفيات والبنية التحتية، وقد وافقه الرأي جميع المشاركين من قادة دول الخليج وجنوب شرق آسيا في البيان الختامي.
وطالبوا بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وعدم استهداف المدنيين في الحروب، وفقا لاتفاقية جنيف، وضرورة ادخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء، وعدم استهداف محطات الكهرباء والماء اللازمة لأسباب الحياة، وقيام دولة فلسطينية على حدود 6 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
والمتابع جيدًا لردود الفعل العالمية على هذه الجرائم الصهيونية، يدرك أن العالم أصبح يفرق بين الأديان التي تدعو للسلام وحرية العقيدة من جهة وبين الأنظمة والمنظمات المتطرفة التي تتخذ فكرها العدواني الإقصائي من الدين ستارًا لأعمالها الإجرامية، وأهدافها الاستيطانية التوسعية على جثث الأبرياء.
هذا النظام العالمي الجديد، الذي ينتهج المخطط الشيطاني الماسوني، أصبح واضحًا للجميع باستهداف الأبرياء، وبخاصة الأطفال، إما بالقتل، أو بنشر سمومهم الملوثة لفطرة الأطفال النقية، ونشر الإلحاد والفكر المادي البحت، والقضاء على كل المعاني الإنسانية، والقيم الأخلاقية التي هي مقاصد كل الأديان السماوية.
ولذلك يجب على كل أحرار العالم أن يقفوا صفًا واحدًا ضد هذه الحرب الشرسة، كلٌّ فى موقعه، الجندي بسلاحه، والكاتب بقلمه، والسياسي بضميره، والمواطن بانتمائه، ورجال الدين المستنيرين بمواعظهم الإنسانية الراقية.
الكل مسؤول أمام الله، ونحن في امتحان وابتلاء، يجب أن نتحمله، ونتحمل مسؤولياتنا، ولو بأضعف الإيمان.
نسأل الله التوفيق والسداد، وأن يعيننا على ما نحن فيه، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
كاتبة كويتية

الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

آخر الأخبار