الأربعاء 16 يوليو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

إسقاط القروض تكريس للاستهتار بالمال العام ...!

Time
الأربعاء 20 فبراير 2019
View
5
السياسة
حسن علي كرم

حسنا فعلت الحكومة عندما سارعت في جلستها الاخيرة الى بحث مسألة ما يسمى اسقاط القروض.
وحسناً فعلت عندما حسمت قرارها بالا اسقاط للقروض.
وحسنا تفعل لو انها تشرح للمواطنين، بالتفصيل، ما يترتب على اسقاط القروض من تداعيات، ليس على الوضع المالي للدولة، فالدولة مالياً بخير، الا ان ثراءها لا يعني ان نرفع شعار اليوم خمر وغداً امر، ولا ينبغي للدولة الحصيفة ان ترفع شعار اصرف ما في الجيب، ولا ينبغي للدولة المسؤولة عن المجتمع تكريس ثقافة اصرف ما في الجيب.
ان الدولة يجب ان تتجاوز عقلية الثري الجاهل الذي يصرف بحماقة ولا مسؤولية وحسابات الزمن.
الغزو كان كافياً لكي نعرف كم ان المال عزيز كما وان الوطن أعز، وما على الحكومة الا ان تتصلب وتصمد ازاء الضغوط الشعبية ولا تلتفت لأصوات لا تقدر قيمة الفلس الأصفر.
لقد خسر دعاة اسقاط القروض قضيتهم، وكشفوا عن انهم بلا قضية، ولا كانوا بحاجة للتجمهر في ساحة الإرادة، والتباكي ومناشدة ابو الجميع سمو الامير، حفظه الله ورعاه، ليسقط عنهم القروض، فيما القضية، هذا اذا كانت هناك قضية، حلها ابسط من التباكي والتجمهر، لكن يبدو ان من دعا الى التجمهر ومن وضع السيناريو، ووزع الأدوار على الخطباء والمتحدثين، ومن اخرج المشهد، كانوا بحاجة الى اخذ دورات في التمثيل والإخراج والسيناريو وتوزيع الأدوار بإتقان.
لقد كان كافيا الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي للسيدة التي تباكت امام الكاميرات، ومثلت دور المطلقة والمشردة والمنبوذة، حتى يدرك الجميع ان قضية القروض مسرحية فاشلة، وان ليس هناك قروض تنهك كاهل المواطنين، ولا هناك مقتروضون مهددون بالسجن، او بمصادرة منازلهم وطردهم الى الشارع.
السيدة التي اختاروها لتمثيل الدور من المؤكد انها كومبارس وممثلة لم تتقن دورها، ولا كانت تصلح لتمثيل الدور، ومن شاهد الفيديو، حتى هؤلاء الذين كانوا يتعاطفون مع المقترضين تراجعوا عن تعاطفهم بعد مشاهدتهم للفيديو واكتشفوا انهم خُدعوا…!
الامر المؤكد ان هناك مقترضين، وان هناك من ينهك كاهله القرض، لكن في المقابل هل كل هـؤلاء المقترضين على حق، وانهم يستحقون التعاطف والوقوف الى جانبهم ودعوة الحكومة الى اسقاط قروضهم؟
الحكومة حتى الان ناقشت القضية ورفضت اسقاط القروض الا ان ذلك لا يكفي، فما اكثر ما رفضت مطالبات سابقة ثم ما لبثت ان تراجعت وخضعت للمطالبات، ومنها التقاعد المبكر مثلاً.
ولو وافقت على اسقاط القروض، لغدا المواطنون يتدافعون على ابواب البنوك للاقتراض، من هنا نعتقد ان ما قدمه محافظ البنك المركزي الى مجلس الوزراء من شروح غير كافي، فهل لدى الحكومة بجهازها المحاسبي والمالي والاجتماعي معلومات كافية عن حالات المقترضين، وأسباب الاقتراض؟
هذا لا يعني عدم مقترضين محقين، فهناك كثير من الشباب تداينوا لشراء قطعة ارض لبناء بيت العمر، وهناك شباب اخرون يتداينون للبناء، لان كما هو معلوم فان القرض الإسكاني لا يغطي تكاليف البناء، ما يضطر الشباب للاقتراض. هذه الفئة من المقترضين لا ريب ينبغي ان تلتفت الحكومة الى قروضهام، اما بإسقاطها او بزيادة القرض الإسكاني او بحلول اخرى.
دعاة اسقاط القروض يتعمدون خلط الماء باللبن، تبريراً لقضيتهم، وان العدالة تقتضي مساواة المواطنين بالقسائم والمزارع والشاليهات والى غير ذلك، رغم هذا نكررالقول، ثالثاً ورابعاً، لا تتوافر شروط العدالة باسقاط القروض، ثانياً اسقاطها
معناه تأصيل ثقافة القروض، والاستخفاف بالمال وعدم الحرص على التوفير، وان البنوك والجهات المقرضة الرابح الاعظم، وكل ذلك على حساب المال العام ومستقبل الوطن.
الكويت يراها البعض غنية، لكن يتجاهل هؤلاء ان مجمل أموال الصندوق الاحتياطي، وصندوق الأجيال، لو جمعت لما استوت خُمس أرباح سنة واحدة للشركات العملاقة الاميركية او اليابانية او الألمانية، نحن نحتاج نشر ثقافة التوفير ليس على مستوى المواطنين، انما على مستوى الدولة، نحن نردد كالبلهاء القلس الأصفر ينفع لليوم الأسود، لكن نهز أكتافنا ونقول يفرجها رب العالمين، وننسى ان الله في آياته يذكرنا بحسن العاقبة وبحسن التدبير، وان لا نبسط أيدينا كل البسط ولا ان نقتر.
الخلاصة ليس كما يوحي دعاته ان اسقاط القروض قضية شعبية او وطنية، بل لعلنا نراها قضية غير مستحقة للاعتصام والتجمعات الفارغة، ان البديل المعقول عن اسقاط القروض وتكريساً للعدالة التي يطالبون بها، هو صرف منحة مالية بالتساوي مع نهاية كل ميزانية سنوية لذوي الدخول المتدنية والمتوسطة.

صحافي كويتي
آخر الأخبار