الأربعاء 09 أكتوبر 2024
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

إسماعيل فهد إسماعيل... الواحة والمدرسة

Time
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018
View
5
السياسة
يبست أشجار الواحة وارفة الظلال فجرا، وحمل اسماعيل فهد اسماعيل قلمه ليوقع آخر صفحة من كتاب رواية الحياة التي أراد لها ان تكون على شاكلة مشاغباته الفكرية السردية، حيث يمكن ان تعيش دهورا من المعاناة والأمل من دون ملل، وتبقى تجد بين السطور أيضا خفقات فرح وومضات معلم يعرف كيف يبقيك منتبها لا تهرب الى الملل.
هذا الاسماعيل الذي عرفته منذ 22 عاما كان دائما يعزف على اوتار الوجع ليوقظ الصوت من غفوة السهو حين تصبح المشكلة، اي مشكلة انسانية ،من العاديات اليومية، يبقى يضرب بمعوله ارضها الصلبة كي يزرع فيها نبتة تعيدها الى الاذهان.
ثوريا كان في زمن قل فيه الثوريون الشرفاء أمثاله الذين كتبوا المستقبل، هكذا استشرف في رواياته كل الغد، لم يكن الماضي عنده إلا علامات تدل على الطريق الذي اصبح مدرسة للرواية الكويتية، نقرأ بصماته في سطورها، ويلتف الشباب المبدع حوله يتعلمون منه كيف يمكن أن تصمد الكلمة في وجه التعتيم، ففي كل المعارك الثقافية التي دارت على الساحة الكويتية، خصوصا مواجهة الرقابة والتعنت الرقابي، كان المدافع الاول عن حرية الفكرة والرأي، كان الكلمة الرصاصة التي تشق عباب الصمت لتحيي اموات الانتظار.
اسماعيل فهد اسماعيل لم يكن مجرد شجرة ترمي ثمارها الى عابري السبيل ،بل تجعل من أغصانها مأوى لهم، في وريقاتها اللغة الطيعة تتشكل عصافير ومجاري ماء، ورطبا يتساقط طازجا على فلوات الذاكرة.
"كانت السماء زرقاء" حين ربطها بـ"الحبل" وجرها الى حيث "النيل الطعم والرائحة" ليبقى يجري شمالا جاعلا الجهات كلها تتركز في دائرة واحدة هي سباعية "احداثيات زمن العزلة"، تناول من "الشياح" بعض سيرة عن حروب صغيرة كي يدل على مكمن الوجع ويدفع بـ"ملف الحادثة" الى "دوائر الاستحالة" ليطلق "العصف" من محبسه "بعيدا... الى هنا".
هذا الاسماعيل الكهل لم يغادر شبابه ابدا، لانه كان يصنع لحظته بكلمة صريحة واضحة لا تقبل التأويل... هكذا عرفته، اجريت معه حوارات عدة، وفي كل مرة كانت المفاجأة بجديد يبنيه بالعرق والتعب ليجعل مداميكه حكايات للغد الآتي على صهوة الامل.
حين ننعى هذه القامة الكويتية – العربية، فنحن نفتقد خفقة من قلوبنا، وتنطفئ شمعة في طريقنا، ونخسر واحة... نعم واحة... لكننا نبقى نقرأ الغد الذي استشرفه في رواياته ودراساته.
اسماعيل فهد اسماعيل : لن نقول وداعا... لان كلماتك لا تزال تزهر في الروايات ومدرستك ستبقى مشرعة الابواب.
لك الراحة الأبدية في الملكوت الأعلى... ولنا دمعة ودهر من الصمت حزنا على فراقك.
حسن أحمد عبدالله
آخر الأخبار