كل الآراء
إلام الخلف بينكم إلاما؟
الأحد 21 أكتوبر 2018
280
السياسة
مشعل عثمان السعيدالاختلاف في اللغة يعني عدم الاتفاق، وعندما أختلف مع إنسان في الرأي فإني آتي برأي مخالف له، وعندما يختلف الشيآن لم يتساويا وهو لاشك التضارب بالرأي، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية أبدا، لكن التفرد بالرأي وإرغام الآخرين على التسليم برأي وقبوله من دون مناقشة يفسد للود قضايا، لان احترام الرأي والرأي الآخر ظاهرة صحية استغلها ضعاف النفوس لشيء ما في نفس يعقوب، وهي الأغراض الشخصية حتى أنهم أصبحوا يقولون: هذا لنا وهذا علينا وهذا معنا وهذا ضدنا، من كان معي فحي هلابه، ومن كان ضدي فيذهب إلى الجحيم، وهؤلاء القلة من الناس لا يستفيد منهم حتى من كان معهم، والحقيقة أن الناس أيام قوة الدولة الاسلامية لم يكونوا كذلك أبدا، كان الطرمّاح بن الحكم على مذهب الخوارج يرى رأي الشراة وكان الكميت بن زيد معروفا بتشيعه وحبه لآل البيت ورغم اختلاف مذهبيهما كانت بينهما خلة وصداقة ومودة، حتى أنهما كانا يصليان في مسجد واحد، ويتفقدان بعضهما البعض، والطرماح شامي النشأة والكميت كوفي، والأول طائي والثاني أسدي إلا أنهما كانا يسكنان الكوفة، كل له رأيه من دون خصام أو تحيز أو مجادلة، فلنختلف ولكن الاختلاف الراقي ألا نستخدم العبارات التي تسيء إلى بعضنا البعض. كان الخوارج يقاتلون المهلب بن أبي صفرة في النهار، ويتبادلون الأحاديث مع جنوده ليلا ويتسامرون، ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي:إلام الخلف بينكم إلاماوهذي الضجة الكبرى علاماوفيم يكيد بعضكم لبعضوتبدون العداوة والخصاماوأين الفوز لا مصر استقرتعلى حال ولا السودان داماوأين ذهبتم بالحق لماركبتم في قضيته الملامالقد صارت لكم حكما وغنماوكان شعارها الموت الزؤاماوثقتم واتهتم في اللياليفلا ثقة أدمن ولا اتهاماشببتم بينكم في القطر ناراعلى محتلة كانت سلامااذا ماراضها بالعقل قومأجدلها هوى قوم ضراماتراميتم فقال الناس قومإلى الخذلان أمرهم ترامىوكانت مصر أول من أصبتمفلم تحص الجراح ولا الكلاماإذا كان الرماة رماة سوءأحلوا غير مرماها السهاماأبعد العروة الوثقى وصفكأنياب الغضنفر لن يراماتباغيتم كأنكم خلايامن السرطان لا تجد الضماماأرى طيارهم أوفى عليناوحلق فوق أرؤسنا وحاماوانظر جيشهم من نصف قرنعلى أبصارنا ضرب الخيامافلا أمناؤنا نقصوه رمحاولا خواننا زادوا حساماونلقي الجو صاعقة ورعداإذا قصر الدبارة فيه غامااذا انفجرت علينا الخيل منهركبنا الصمت أو قدنا الكلامافأبنا بالتخاذل والتلاحيوآب بما ابتغى منا ورامالا أريد ان اطيل عليكم بهذه الآبيات، فهي اكثر مما ذكرت، وقد وصف حالنا أمير الشعراء قبل عشرات السنين ومازالت الحال كما هي، بل ازدادت سوءاً، وكي أخرج بكم من هموم الدنيا ومشاكلها، أذهب إلى الطرماح بن الحكم، والطرماح بكسر الطاء المشددة والميم وهو شاعر قحطاني من قبيلة طي، عاصر معظم دولة بني أمية لأنه توفي عن سن عالية في السنة الأخيرة من خلافة هشام بن عبدالملك عاشر خلفاء بن أمية عام 125 هجري وكان مولد الطرماح الشام ثم انتقل إلى الكوفة، وعرف بأنه من كبار شعراء عصره وكان ذا هجاء مقذع وهو القائل في قوم بني تميم ولن يضرهم قوله فيهم إذا ما قورن بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا:تميم بطرق اللوم أهدى من القطاولو سلكت سبل المكارم ضلتولو أن برغوثا على ظهر نملةرأته تميم من بعيد لولتومعنى الطرماح في اللغة: الرجل الطويل كالرمح الواضح النسب الطامح إلى الأمر، وفي قاموس المعاني، معنى الطرماح الرافع رأسه زهوا وتكبرا، وقد رد الفرزدق، همام بن غالب على هجاء الطرماح وقال أبياتا منها:لقد هتك العبد الطرمّاح سترهوأصلي بنار قومه فتصلتسعيرا شوت منهم وجوها كأنهاوجوه خنازير على النار قدتولو أن عصفورا يمد جناحهعلى طي في دارها لا ستظلتجف القلم ونشفت المحبرة في أمان الله.كاتب كويتي