إلى الشيخ "المفكر" محمد الصباح… هذه ملاحظاتنا! (2-3)
نتابع في الجزء الثاني من سلسلة مقالاتنا الموجهة الى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد الصباح إبداء ملاحظاتنا الموضوعية على مقابلته رؤساء تحرير الصحف، وكذلك ما ورد في برنامج عمل الحكومة الذي كان انعكاسا للرؤى والمضامين الاقتصادية التي استعرضها الشيخ محمد أمام ممثلي وسائل الإعلام.
1- لنفترض جدلا اقتناعنا بأن التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة في الوقت الحالي هو ملف الاقتصاد الوطني، وضرورة إصلاح مواطن الخلل فيه، ومعالجة عجز الميزانية العامة، واعتبار ذلك هو الهاجس الأهم الذي حدا بسمو الرئيس أن يقدم رؤيته الإصلاحية علناً، ويسقطها في برنامج عمل الحكومة.
لو سلمنا فعلا بهذا الأمر رغم تحفظنا على إهمال جوانب مهمة تشغل بال المواطن الكويتي، فإن ثمة عقبات واقعية سوف تعترض تنفيذ هذه الرغبة التي يتبناها سمو الرئيس من أبرزها: اختيار الفريق الاقتصادي ذي المهارات العالية القادر على ترجمة هذه العناوين البراقة.
إضافة إلى تحقيق القدر المعقول من التعاون التكاملي مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، علاوة على تذليل الصعاب على مستوى البيئة التشريعية والإجرائية، وكذلك ضمان أغلبية مريحة من النواب لمساندة الحكومة في ذلك الشأن، والمحاولة في خط مواز لمنع حدوث التصدعات أو الصدام بين السلطتين، لا سيما في هذا التوقيت، حتى تتبلور ملامح جدية الحكومة في تطبيق ما صاغته مكتوبا، وما ورد على لسان رئيسها على نحو عملي ظاهر.
فضلاً عن تفعيل دور الإعلام الرسمي، ممثلا بوزارة الإعلام ومركز التواصل الحكومي لتأدية دورهما في وضع خطة تفاعل مبنية على أسس فكرية مع الرأي العام، بدلا من الاجتهادات الخجولة،أو الصمت في كثير من الأحيان، وهما أمران يضعان صورة الحكومة الذهنية في خانة غير مقبولة.
2- لو كان لدى مجلس الوزراء فريق متخصص يجيد إتقان "مهارات التفكير المنطقي" لاستطاع بناء توجهاته وقراراته على نحو مدروس ومقنع، وكذلك التعاطي مع الأزمات والتحديات بعيدا عن الارتجال أو العشوائية.
"فمهارات التفكير" مصطلح رائج، وحقل معرفي متجدد، له قواعده وأدبياته، وعموما، يمكن من خلال اكتساب تلك المهارات القدرة على تحليل المشكلات، واقتراح الحلول المبدعة والمذهلة، فمثلا، نستطيع البحث في عمق مطالبة المواطنين بإقرار زيادات مالية، عبر الإبحار في ما يسمى "اقتصاد الأسرة"،عبر تقسيم شرائح الأجور ومختلف الموارد المالية، وأوجه الصرف المشتركة، والثقافة الاستهلاكية.
في المقابل يمكن حصر الشكوى في الفئات الأقل مرتبات والأكثر حاجة، مع إدخال معطيات أخرى مثل: عدد أفراد الأسرة، ومن المتوظف فيها، وهل يوجد لديها مسكن تملكه أم تلجأ إلى الإيجار؟
هذا عدا معرفة أسباب الاقتراض من البنوك أو الديون المتراكمة من أطراف أخرى، والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى وضع إجراءات تنظيمية عادلة لكبح جماح أسعار السلع والخدمات، واستئجار العقارات وغير ذلك.
فربما يؤدي ضبط هذه الانفلاتات إلى إعادة التوازن إلى ميزانيات الأُسر محدودة الدخول خصوصا، وهكذا، يمكننا التجديف خارج إطار المألوف في ابتداع حلول جديدة، كأن نمنح أولوية التوظيف لعمل إضافي في الفترة المسائية للشريحة شحيحة الموارد في الجمعيات التعاونية، والشركات المتعاقدة مع الحكومة، والتصورات في ذلك الإطار قد تتسع دائرتها.
(يتبع)
عبدالرحمن المسفر