الجمعة 20 سبتمبر 2024
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إلى حكومة إسرائيل والشعب اليهودي… تعالوا إلى كلمة سواء
play icon
الأولى   /   الافتتاحية

إلى حكومة إسرائيل والشعب اليهودي… تعالوا إلى كلمة سواء

Time
الأربعاء 18 أكتوبر 2023
View
831
السياسة

كتب ـ أحمد الجارالله:

حين قيل لعمر المختار: "إن إيطاليا تملك طائرات نحن لا نملكها"، أجاب: "أتُحلّق طائراتهم فوق العرش أم تحته"؟
قالوا: "تحته"، فقال: "من فوق العرش معنا، فلا يخيفنا من تحته".
بهذه الروح، استطاعت ثورة المختار التغلب على الغزو الإيطالي لليبيا، بعد سنوات، رغم إقدام سلطات الاحتلال على إعدام الرجل، لكنها لم تستطع إعدام فكرة التحرر الوطني، وهذا ما ينطبق اليوم على ما يجري في فلسطين، وغزة تحديداً، لا سيما بعد المجزرة المروعة التي ارتكبتها اسرائيل في المستشفى الأهلي المعمداني، أول من أمس، فالمعروف عن اليهود أنهم لا عهود لهم، ولهذا كل ما يفعلونه اليوم هو جزء من صلفهم.
عندما جاء رسول الله (صلى عليه وسلم) إلى المدينة المنورة، عقد صلحاً معهم، إلا أنهم نكثوه، ما تسبب في إخراجهم منها، فالعرب والمسملون تاريخياً يمدون يدهم إلى السلام، لكن يقابلون دائما بالتعنت الاسرائيلي، لأن الفكرة الأساس عندهم تقوم على ما قاله ليفي أشكول عام 1967، حين سئل عما يمكن أن يحصل لاسرائيل بعد الحرب، فقال: "كل عشر سنوات نقيم الحرب مع العرب، ونأخذ بعض الأراضي منهم، فينسون ما حصلنا عليه، ويطالبون بالأراضي الجديدة، وهكذا سنبقى حتى نقيم الدولة اليهودية على كامل ما كان يسمى فلسطين".
أيضاً، هم ليست لهم أي عهود حتى مع الأنبياء، فها هم يقولون لنبي الله موسى (عليه السلام) وفقا للآية الكريمة: "قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ"، لأنه وفق قولهم إن فيها قوما جبارين.
من هنا نسأل الاسرائيلي، أيا كان مشربه، متطرفاً أو وسطياً: هل استطاعت اسرائيل تأمين الاستقرار لها منذ العام 1948 حتى اليوم؟، وهل فعلا مدت يدها للسلام، أم كانت تستغل أي حادثة كي تفتعل حرباً مع العرب، والفلسطينيين؟
عندما ارتكبت ميليشيات "إرغون" و"شتيرن" مجزرة "دير ياسين" اعتمدت على الحرب النفسية في تخويف الفلسطينيين، وطردهم من من أرضهم، ونجحت في ذلك.
لهذا، رسخت الفكرة في الذهنية العسكرية، وهي أن الحل الوحيد هو المجازر لذل العرب، ولعدم تفكيرهم بالعودة إلى الأراضي المحتلة.
في المقابل، عملت على غسل أدمغة الأوروبيين، ففي العام 1967، وبعد الفظائع التي ارتكبتها في مصر وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة، أظهرت نفسها أنها الضحية، ويومها غنى الفرنسي سلفاتور أدامو أغنيته الشهيرة "إن شاء الله"، وفيها مما يقول: "إن الاسرائيلي عصفور سلام، والعربي يطارده ببندقية ليقتله".
فالاسرائيليون رفضوا كل الفرص التي أتيحت لهم من أجل السلام، إذ بعد اتفاق "كامب ديفيد" عام 1977 شن الجيش الاسرائيلي الاجتياح الأول على لبنان عام 1978، أي بعد كل اتفاق، تعمل تل أبيب على إجهاض المعاهدات، ما يعيد الوضع إلى المربع الأول.
أذكر في هذا الشأن، أن الرئيس الأميركي رونالد ريغان حين التقى الملك فهد بن عبدالعزيز، وكان حينها ولياً للعهد، قال إن العرب لا يريدون السلام، وهم لم يقدموا مبادرة في هذا الشأن، فيما اسرائيل تمد يدها إليهم للسلام، يومها قدمت المملكة مبادرة السلام الأولى في مؤتمر فاس عام 1981، لكن ماذا كان الرد الاسرائيلي، الرفض أولا، وعملت على اجتياح لبنان واحتلال عاصمته، وفي العام 2002 قدمت المبادرة الثانية، لكن اسرائيل رفضتها أيضا.
الظروف تتغير، فاليوم العرب أكثر عددا، وقوة، ولديهم ثرواتهم، وبالتالي ليس لدى اسرائيل إلا الاقتناع بأن دم الأبرياء لا يجلب لها السلام، فالإبادة الجماعية، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس: "لن تكون طريق اسرائيل إلى السلام، فالغضب الشعبي العارم اليوم لا يمكن التكهن بما ينتهي إليه".
عند العودة إلى ما قاله عمر المختار، وكيف طُرد الإيطاليون من ليبيا، ومصداقا لقول العزيز الجبار: "…قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"، ومن عبر التاريخ أن الصليبيين احتلوا بيت المقدس نحو قرنين من الزمن، إلى أن تيسر للمسلمين قائد عظيم هو صلاح الدين، الذي حين انتصر قال للمهزوم ريتشارد قلب الأسد مودعاً: "نتمنى أن تأتي إلينا حاجاً وليس غازياً".
على حكومة إسرائيل اليوم أن تتفكر في ذلك التاريخ كله، إذا أرادت أن تنعم بالسلام، وتقبل بإقامة دولة فلسطينية مجاورة، لتعيش المنطقة في السلام، وأن تنظر دول المنطقة للتنمية التي طال انتظارها، ويكون الشعب الاسرائيلي شريكا فيها، فالشرق الأوسط يتسع للجميع، وخيره كثير، وأهله من العرب يتمتعون بثقافة اقتصادية وصناعية عالية، وكذلك علاقات ومصالح دولية مشتركة لا يستهان بها.

آخر الأخبار