الأربعاء 16 أكتوبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

إيمان الحسن: يوماً ما ... سينتصر الضوء على الظلام

Time
الاثنين 29 أكتوبر 2018
View
5
السياسة
القاهرة - أشرف عبد العزيز:


هي ابنة المدرسة السريالية حيث التعبير بالرمز عن الحالة والمشاعر والأحاسيس والمواجع والأفراح بالفرشاة والألوان، فتمس أغلى الجوارح البشرية بما هو أشبه بالعملية الجراحية المعقمة التي تعالج فتداوي، وتـــجرح لتشفي، لتحكي فلسفة صاحبتها الفنانة التشكيلية السورية إيمان الحسن التي تعيش عالما خاصا بها، وتحيا في المنطقة الوسطى ما بين الرسم والفرشاة والنحت والأزميل.
تأبى الاستسلام لويلات الحروب حتى بعد أن تحول مرسمها ووعشها الهادئ إلى ركام لتقف صلبة متحدية هدير المدافع وأزيز الصواريخ، ترفض إلا أن تبوح بفنها،وهي ضيفتنا في هذا الحوار.

رمز بلا تعقيد وإيحاء بلا غموض تلك هي المدرسة السريالية التي اخترتها، لماذا؟
انتمي إلى المدرسة السريالية، في الرسم احكي واعبر وبالرمز فقط، ولكني حرصت على عدم السقوط في فخ الغموض وإلا انصرف عني المتلقي، فلا أهوى فرد العضلات الفنية في لوحاتي، فقط رمز شامخ يقف صلبا في وجه الحروب، كما هو حال تلميذة، والمعجزة أن تقدم اللوحة السريالية التي ارسمها نفسها للمتلقي من دون الإسهاب في الشرح أو التوضيح، لان الإكثار من الإيضاح يذهب روعة الفن كما قال المفكر العالمي فيكتور هيغو.
كيف نجحت في منع تحويل الرموز إلى طلاسم؟
إنها شعرة واهية جدا بين الرموز المفهومة والطلاسم احرص عليها دائما وإلا افلت مني العمل الفني وتسرب إلى حيث لا اعلم، فيجب أن أظل على دراية تامة بأماكن وجوده ومدى تأثيره على المتلقي.
ولكن بساطة العمل ومباشرته قد تسيء إليه أحيانا.
لا اقصد البساطة المتناهية، والأروع أن يترك العمل الفني أسئلة معلقة تنتظر جوابا من المتلقي. ورغم أن هذه الأجوبة قد تتعدد أحيانا إلا أنها قد تكون جميعها صحيحة حسب وجهة نظر المتلقي الذي اعتبره جزءا لا يتجزأ من العمل الفني، فلا يقف متفرجا فقط، بل هوشريك أساسي ومهم في اللوحة ومن دونه قد ينقصها الكثير، وهنا يظهر جليا الفارق بين الفنان الموهوب الذي ترك مساحة للمشاهد وبين ذلك الذي يغفله عن جهل أو عمد فيظل عمله ناقصا غير كامل.
هل هذا ما يمكن تسميته بالباب الموارب لدخول باقي عنصر العمل الفني؟
نعم، فلو أوصدت كل الأبواب وكانت اللوحة كاملة فهذا يسقطني في فخ التعالي على الجمهور، والأفضل أن أغلف العمل بسحر خاص طقوسه تنهيدات إعجاب من يشاهد اللوحة، وبخوره تلك الأشياء الخفية التي يجب أن يبحث عنها المتلقي حتى يجدها وقتها يصرخ، كما صرخ كريستوفر كولومبس: إنها الأرض،فكانت فرحته لا توازيها فرحة، وكذلك الحال في اللوحات الفنية التي تنتظر المزيد ممن يشاهدها ليشهد بالفن الصادق لأصحابها.

شموع السلام السورية
ألا توافقيني الرأي انه وسط ويلات الحروب والدفاع عن مقدسات الوطن تظل مشاركتك في شموع السلام تاجا على رأسك؟
هذه التظاهرة الفنية كانت احتفالا بتحرير حلب من الإرهاب البغيض الكريه الذي يقف الفن متحديا له على مر الزمان، وبينما كانت التظاهرة في دار الأسد للفنون والسويداء فلقد نقلناها أيضا إلى صيدا اللبنانية، ليعلم العالم اجمع إننا مع السلام وضد الإرهاب وسنظل تدافع عنه حتى آخر قطرة من دمائنا.
لماذا شكلت جمعية باسم شموع السلام؟
حتى نضمن الاستمرارية لتلك الاحتفالية الفنية التي تشبه التظاهرات لأطول فترة ممكنة ما دامت السموات والأرض، فنحن لسنا دعاة حرب وإنما ندافع عن الوطن والمقدسات بأغلى ما يمكن، فليس هناك أغلى من الوطن، ويشرفني إنني مسؤولة بهذه الجمعية الوطنية.
ما شعورك عندما يتم وضع تمثال من منحوتاتك في الأماكن والحدائق العامة؟
إحساس الأم بوليدها الجديد وهي تراه يحبو وينطلق لأول مرة سعيدا منتشيا بين الزهور والأغصان، فيرقص قلبها طربا وفرحا يكاد عنقها يطاول عنان السماء.
هــل يــروي معرضــك بقيــة مــن ذاكــرة لــم تكـن سيرتك الذاتية؟
ليس اللوحات التي عرضت في المعرض فقط وإنما في أي لوحة يرسمها الفنان قد نرى تقلب وجه الفنان في ذاكرته البعيدة أوالقريبة، أو حتى تلك التي تختزنها أيام الطفولة، أو حتى منذ كان جنينا في رحم أمه. وكما قال بيكاسو: الرسم وسيلة أخرى لسرد المذكرات،نرى تلك الأحلام والرؤى التي عاشها الفنان متجسدة، كلها أو جزء يسير منها، على اللوحات، وكثيرا ما نظن أن هذه اللوحات ليست غريبة عنا، أو كأنها من أفراد عائلتنا الصغيرة، تأكل وتشرب معنا، أو حتى تكاد تحفل بأعياد ميلادنا معنا وترتشف قهوة الصباح.
وهل كل مخزون الذاكرة يصلح لان يتحول إلى لوحات تحكي الذكريات؟
لا، فهناك ذكريات مؤلمة تفضل أن تظل مدفونة في أعماق صاحبها، إلا إنها أحيانا ما تقف رغم ارادته لترقص ذبيحة بين الفرشاة والألوان، ثم ترقد بسلام في محراب الفن التشكيلي، سواء في لوحة مرسومة أو تمثال منحوت.
الرسم والنحت، أيهما يجذبك لعالمه أكثر؟
ليس ثمة تعارض بين الاثنين، بينما نطبق المثل القائل "ينحت في الصخر" أجدني مشدودة برغم إرادتي إلى الأزميل لأعبر عن الأحاسيس الكامنة بين أضلعي، في محاولة جادة لإبراز مناطق الجمال والانفعالات الصادقة في النحت، نجد في الرسم الوجه الآخر ونرسم أحلامنا وواقعنا ونحلق في فضاء اللا وعي. النحت والرسم يكمل كل منهما الآخرويشد أزره.
لماذا تحتل المرأة معظم أعمالك سواء كنحاتة أو رسامة؟
المرأة هي الوطن والأم والأخت والأرض، ومن رحمها خلقت البشرية، وبين أحضانها نبت الأبطال والأباطرة، وهي محور مخلوقات الكون، فالأمومة لا تتجزأ حتى في عالم الحيوان والنبات، ومن العادي أن نعبر عنها لأنها محور الكون.
لماذا يغلب رسم البوتريه على معظم أعمالك؟
كما يقولون "الجواب يظهر من عنوانه" وكذلك فإن مفاتيح الإنسان ورموزه وشفراته تظهر جلية في ملاح الوجه، ذلك المنجم الثري للفنانين التشكيليين على مر العصور، فمن ينسى ابتسامة الموناليزا أو الجيوكندا الساحرة التي ظلت صامدة لقرون طويلة؟ ولأن الوجه هو المدخل إلى أعماق الإنسان كانت معظم لوحاتي بورتريهات للوجوه، سواء كانوا أطفالا أو شيوخا أو نساء.
كيف تغلبت على الركام الذي طال مرسمك الخاص وكذلك حمص بأكملها؟
أصبحت كل المعدات واللوحات ركاما بسبب ما ج رى في حمص من دمار، ولكني أبدا لن اترك بلادي، وسيظل مشروعي الفني بين حمص واليها، وهانذا قد استعدت رباطة جأشي ومعي طائفة من الفنانين التشكيليين لنحافظ على باقي أحلامنا الفنية في سورية الغالية.
كيف تغلبت على الأحوال الاقتصادية أيضا؟
بإيماننا العميق انه من دون الفن التشكيلي لن نتذوق طعم حلاوة الأيام، فهو أشبه باستراحة المحارب وسط ويلات الحروب والدمار، ومعه يصبح الغد أحلى وأفضل وأجمل، وبخاصة أن الأزميل والفرشاة يوثقان لتلك المرحلة التي نعيشها، ولابد يوما أن ينتصر الضوء على الظلام، وسندحر الإرهاب ولكننا لن نتخلى عن الوطن حتى لو كان في يد احدنا فسيلة فسوف نغرسها على أمل أن يأتي الغد محملا بالخير ليمحو مرارة الأيام على الدوام.


سريالية
آخر الأخبار