كتب - فالح العنزي:جمع لقاء مفتوح بين الكاتبة الأردنية إيمان سعيد والجمهور التواق لما قدمته من أعمال في المسرح، تكفلت الناقدة ليلى احمد بإدارته، وقبل الولوج إلى الحديث وما دار فيه حرصت، ليلى أحمد على التعريف بضيفتها وما تركته من أثر وبصمة في الدراما والمسرح العربيين، مشيرة إلى أن سعيد تحرص دوما على تقديم أعمال مستحقة وجيدة ومتكاملة، ولعل هذا ما جعل اسمها يترأس الكثير من المناسبات، واضافت ليلى: أن الجيل الحالي محظوظ بوجود أكاديمية بمكانة "لوياك" توفر الأرض الخصبة لهم من خلال استضافتها أسماء مهمة ومؤثرة في الدراما والمسرح.من جهتها أكدت سعيد، التي قدمت في رمضان الماضي واحدة من أروع تجاربها في الكتابة التلفزيونية من خلال المسلسل الاجتماعي السياسي "خمسة ونص" للنجمين نادين نسيب نجيم وقصي خولي وقاسمهما البطولة الفنان السوري المتألق معتصم النهار، أنها لم تتردد قط في قبول دعوة رئيس مجلس إدارة أكاديمية "لوياك" فارعة السقاف، وقالت: "اعتبر نفسي متابعة جيدة لما تنظمه هذه المؤسسة من مناسبات وفعاليات مع الشباب في الكويت، لذا عندما تمت دعوتي لإقامة ورشة عمل عن "مبادئ الكتابة الدرامية والسيناريو" لم أتردد في قبولها، فهكذا مكان يستحق العناء.وأضافت: "أعتبر نفسي مؤمنة بمثل هذه المشاريع الداعمة للتنمية البشرية لهذه الفئة، التي تمثل عصب المجتمع، خصوصا بمجتمعاتنا التي تعتبر مجتمعات فتية.. فضلا عن إيماني بدور"لوياك" كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني تدعم المجتمع وتأخذ دورها في تمكين الشباب من الثقافة والفن والمسرح والكتابة وغيره.. ستقام هذه الورشة بأروقة لوياك بالمدرسة القبلية وتهدف إلى فتح الباب أمام الشباب الراغبين في تعلم أساسيات الكتابة الدرامية عموما.. وهنا ستتناول الورشة الحديث عن عناصر الدراما والتعريف بها وإعطاء نماذج تطبيقية ودفع المنتسبين لصياغة القصة عن طريق العصف الدماغي والإبداعي.. واعتقد بأن هذه الدورة أيضا تناسب الأشخاص الراغبين بالكتابة الصحافية حول الأعمال الفنية.. كما انني اعتبر بأن جزء من دورنا ككتاب أن ننقل هذه الخبرات للأجيال القادمة، فالعلم ليس وصفة سرية لتبقى محتكرة. واعترفت الكاتبة الاردنية التي تعتز بأنها من مواليد الكويت وقضت طفولتها ومراهقتها فيه، بأن السوق الفنية والإنتاجية لا تزال تعيش أزمة النص الجيد وهي أزمة واقعية لا يمكن تجاهلها أو غض النظر عنها، لذا تأتي هذه الورش المباشرة كرديف يغذي سوق العمل بمواهب وامكانات جديدة وشابة، ومن دون مبالغة على مستوى آخر اعتبر نفسي مستفيدة بهذا النوع من الورش، لأنها تمدني بأدرينالين الشباب وتمنحني الفرصة، حتى أتعرف على قصصهم ومشاكلهم وما الذي يتوقعونه منا ككتاب في أعمالنا.. هذا اللقاء هو عبارة عن تبادل الخبرات أتوقع أن تعود بالفائدة على الطرفين المدرب والمنتسبين لورش العمل.وشددت الكاتبة الأردنية على أنها كانت ولا تزال ترى في الفن والعمل الدرامي صورة تعكس واقع مجتمع بالضرورة أن يشكل هذا الفن نوعا من إنعكاس للواقع، حتى لا يكون هناك حالة من الفصام والانفصال بين ما يخرج إلى الشاشة وبين واقع المشاهد.. هذا لا يعني بالضرروة أن تتحول الأعمال الفنية إلى نوع أشبه بعملية توثيق الواقع بشكل مباشر وبائس.. فهذه ليس وظيفة الفن، لأن الفن هو إعادة ترجمة وإنتاج من مفردات الواقع بشكل فني شيق وجديد وتمردي في لحظات أخرى.. ويفترض في العملية الفنية أن تبقى محافظة على شرط المتعة والتشويق حتى وهي تستعرض بعض أوجه المجتمع البائسة.وقالت: "من وجهة نظري هناك أنواع مختلفة من الكتاب.. منهم كتاب أصحاب مشروع كما يقال.. وهؤلاء بأفكارهم التي يبثونها عبر شخصيات العمل الدرامي وعبر محتوى نصوصهم يهدفون إلى تعرية بعض جوانب المجتمع السياسية أو حتى الاجتماعية في محاولة لدفع عجلة التغيير والتطوير أو دق ناقوس جرس الخطر عما يحدث حتى لا يساق المجتمع باتجاهات كارثية أكثر.. فلا يمكن السعي باتجاه الحلول دون تشخيص الأمراض والإعتراف بها على صوت عالي وبما أن الكتابة فعل مسؤول، فعلينا أن لا نأخذ وضعية المزهرية أو رأس النعامة المدفون في التراب.. وهذه المساحة في حرية الطرح ومدى الحذر يحسب بطبيعة الجهة الإنتاجية ومدى إيمانها بالمشروع.. والبلد وحدوده الرقابية ومدى الحرية التي يسمح بها.. ولكن بالعموم لطالما كان لنا باع طويل في اللعب مع أنواع متعددة من الرقابة.. وبتوصيل الرسائل بطريقة رمزية أذكى في الكثير من الأحيان من عقلية الرقيب الرسمي .. كما نعتمد على ذكاء المشاهد بصفته شريكا في عملية الإبداع كمتلقي يترجم هذا النص ودلالاته وما المقصود أو غير المقصود.. وأعود للتأكيد على أنني ضد أسلوب المباشرة في الطرح أو الوعظ في العمل الدرامي.. بالعكس المباشرة تحسب ضد العمل وليس لصالحه بالمعنى الفني والنقدي .. قد تستغربون قولي بأن هذه التغييرات التراجيدية السريعة في العالم العربي هي بمثابة ثروة درامية لأي كاتب ليجد حكاياته وشخوصه ولكن ما ينقصنا في أحيان كثيرة مساحة أكبر من الحرية الإبداعية.. وهنا لا أتحدث عن شروط رقابة دينية أو سياسية واجتماعية اتحدث عن تضييق في مساحة حرية الإبداع الدرامي في الوصول لمساحات جديدة في تكنيك السيناريو عادة لا تتجاوب الشركات والمخرجين مع التجارب المختلفة بسبب عدم الجرأة على المغامرة الإبداعية وهذا ما يحدد سقف الإبداع لدينا مقارنة بالإبداع الذي نراه في سيناريوهات الدراما والسينما.

إيمان في لقاء أدارته ليلى أحمد (تصوير - بسام أبو شنب)