الاقتصادية
اتحاد التأمين الكويتي بحاجة إلى "خضة" إعلامية
الثلاثاء 06 نوفمبر 2018
5
السياسة
بقلم - يوسف عبدالكريم الزنكوي:أطلق الاتحاد الكويتي لشركات التأمين رصاصات طائشة وغريبة باتجاه وزارة التجارة والصناعة، ويبدو أنها لترهيب بعض شركات التأمين ، إلا إنها وللأسف الشديد عكست ضعف الاتحاد في قيادة قطاع التأمين الكويتي، ولم شمله من أجل تناول قضاياه الملحة وحل مشاكله المزمنة. لهذا بودي أن أقول للاتحاد، كما يقول الإخوة المصريون: وانت مالك ومال أهلك ومال وزارة التجارة والصناعة؟" لأن الرصاصة التي لا تصيب الهدف، لابد أن صوتها يزعج، و"يدوش"، خاصة تلك الرصاصات التي يطلقها من لا يعرف حجم تأثير الإعلام على الرأي العام. ففي نفس يوم الثلاثاء الموافق 30 أكتوبر المنصرم، الذي نشرت فيه جريدة القبس خبراً بعنوان (مطالب بوقف شركات التأمين المتقاعسة عن الوفاء بالتزاماتها)، كنت على موعد مع أحد قيادات قطاع التأمين المخضرمين ممن لهم الفضل في تطور القطاع . كان غرض اللقاء جمع معلومات، لصياغة مقال حول جهود شركات التأمين في مجال تدريب الكوادر الوطنية المتخصصة فنياً في علوم التأمين، لتعويض النقص الحاد والفاضح في الخبرات الكويتية التي تتبوأ أغلبها مراكز إدارية عليا فقط ، بينما المناصب الفنية الدقيقة والمهمة يحتكرها الوافدون، الذين نكن كل التقدير والاحترام لهم كأشخاص وكخبرات لا يستهان بها، وهو أمر يعني بالتأكيد حاجتنا الماسة إليهم حتى نجد البديل الكويتي المناسب. خلال اللقاء أشار هذا القيادي التأميني إلى القضايا الملحة لقطاع التأمين وأولوياته، ومنها نشر الثقافة التأمينية بين عامة الناس، وإعادة النظر في رسوم التأمين على السيارات، وانضواء كل شركات التأمين العاملة في السوق المحلي تحت مظلة الاتحاد الكويتي للتأمين، حتى لو كان بقوة القانون، كما هو الوضع في كثير من دول العالم، ليكون للقطاع تأثير بالغ في السياسة العامة للدولة، حاله كحال القطاعات الاقتصادية الأخرى. هذا ملخص لقاء تجاوز النصف ساعة بقليل، تمنيت حينها لو طال لساعات للاستفادة من خبرة هذا الرجل. ولكوني أعمل مستشاراً إعلامياً لعدد من شركات التأمين، وساهمت في نشر عدد غير قليل من المقالات الاقتصادية المتعلقة بتطوير قطاع التأمين، فقد اتصل بي مساء اليوم نفسه قيادي تأميني آخر، طالباً مني الاطلاع على خبر صادم أوردته جريدة القبس، بعنوان: "مطالب بوقف شركات التأمين المتقاعسة عن الوفاء بالتزاماتها". والحق يقال إنني قرأت الخبر أكثر من مرة، وأنا غير مصدق أن الاتحاد الكويتي لشركات التأمين، وليس خصم لقطاع التأمين، يطالب وزارة التجارة والصناعة، ضمن كتاب رسمي، "بمزيد من الرقابة على شركات القطاع غير الملتزمة بتوزيع المخاطر ولا تفي بالمتطلبات الفنية والمالية للتغطية التأمينية وفقاً للحسابات الاكتوارية وإدارة المخاطر". ولهذا خرجت بنتيجة واحدة هي أن الكتاب يعد تدخلاً سافراً من قبل الاتحاد في صميم عمل وزارة التجارة، إذ كيف يكون (اتحاداً) وهو "يفتن عليهم"، ويصيح: إقبضوا عليهم؟ وعلى الرغم من موافقتنا على ضرورة تشديد وزارة التجارة والصناعة من رقابتها على كل الوحدات التجارية المكونة لجميع القطاعات الاقتصادية، من أجل تحقيق أداء تجاري أفضل، إلا إنه من الغريب أن يقوم اتحاد مهني كاتحاد التأمين بالتدخل في صميم عمل حكومي، ليطالب مؤسسة حكومية قائلاً: "تعال راقب أدائي جيداً، ثم أوقف رخصتي (إجازتي) التجارية إذا ما تقاعست عن الوفاء بالتزاماتي المالية تجاه الأفراد أو الشركات حفاظاً على حقوق المساهمين وسمعة سوق التأمين". والأغرب من هذا أن الاتحاد يعلم جيداً أن مطالبته هذه غير منطقية، لأنه يفترض فيه الدفاع عن حقوق أعضائه، لا أن يدعو جهات رقابية لمعاقبة أعضائه أو وحدات القطاع نفسه. ولهذا أعتقد أن مثل هذا التصرف الإداري من قبل الاتحاد ينفر شركات التأمين من الانضواء مستقبلاً تحت مظلته لأنه يشكو زملاءه أو شركات تأمين زميلة من سوء الأداء، لدى جهة رسمية وأمام الملأ، بدلاً من الأخذ بيدهم. فهل هذا من صميم الأغراض التي من أجلها وجد الاتحاد؟ وإذا كانت وزارة التجارة والصناعة نفسها هي التي أصدرت بيانات أوضحت فيها أن "هناك عدداً من شركات التأمين يتركز نشاطها على إصدار وثيقة التأمين الإجباري للمركبات، وتصل نسبة اقساط هذا النوع من التأمين لديها من 50 إلى %75 من إجمالي الأقساط للشركة"، كما جاء في سياق الخبر، فما الهدف من محاولة تذكير جهة حكومية، وكأن الاتحاد الكويتي لشركات التأمين أصبح فرعاً من فروع وزارة التجارة، أو مسؤولاً عن أداء الوزارة، أو عيناً حكومية تراقب قطاع التأمين؟ وإذا كان لقطاع التأمين مكانة مهمة في الاقتصاد الوطني"، فلماذا طالب بمعاقبة هذا القطاع؟ يبدو أن هناك "لخبطة" في ترتيب أولويات قطاع التأمين في فكر الاتحاد الكويتي للتأمين، ويبدو أن أعضاء الاتحاد لا يعرفون أن عيون الإعلام المرئي والمسموع والمقروء منتشرة في كل الأجهزة الحكومية، وأن هذه العيون مطلعة على تحركات كل وحدة من وحدات كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الكويتي. ، وقد لا يعرفون مدى تأثير أي تحرك إعلامي على عامة الناس. وإذا كنا نجد العذر لمن استخدم وسيلة إعلامية ما بطريقة خاطئة، فإن كتاب الاتحاد الأخير إلى وزارة التجارة والصناعة يعد خطأ لا يغتفر. نرجو أن نكون مخطئين، والله الموفق.