اتفاق سجناء يخفف التوتر بين أميركا وإيران لكن لا تفاهم نووياً قريباً

تبادل السجناء سيتم في قطر.. وواشنطن تشكر الدوحة.. وطهران تؤكد استمرار أنشطتها الذرية

واشنطن، طهران، الدوحة، عواصم - وكالات: بعد نحو عامين ونصف من المساعي الديبلوماسية الحثيثة، توصلت الولايات المتحدة الأميركية وإيران لأول اتفاق بينهما للإفراج عن خمسة سجناء أميركيين، حيث يؤذن الاتفاق الحساس بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، ويعتقد خبراء وديبلوماسيون أنه قد يفضي لمزيد من الجهود الهادئة للرد على مخاوف منها ما يتعلق بالنشاط النووي لإيران، غير أن عدداً قليلاً يتوقعون اتفاقات كبرى وشيكة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024. وقال مدير "مشروع إيران" لدى مجموعة الأزمات الدولية التي تسعى لحلول للنزاعات علي فايز، "أعتقد أن كلا الجانبين لهما مصلحة في استخدام هذه الاتفاقية الأولية بوابة للعودة إلى الحوار ولكن ليس بالضرورة إلى اتفاق"، مضيفا "أعتقد أن سياق خفض التصعيد موجود بالفعل"، غير أنه شكك في أن يكون لدى إدارة بايدن الرغبة في التوصل لاتفاق نووي جديد مع اقتراب موعد الانتخابات، ورأى أن أي اتفاق جوهري مع إيران يتطلب تخفيفاً كبيراً للعقوبات، وهو ما سيكون مثيراً للجدل السياسي بشكل كبير في الولايات المتحدة.
من جانبه، قال مصدر قريب من المفاوضات إن الاتفاق بشأن السجناء منفصل عن الملف النووي، لكنه قال أيضاً إن الديبلوماسية أظهرت فعالية في خفض التوتر مع إيران، مشيراً إلى هدنة لا تزال صامدة منذ نحو عام في اليمن وتراجع هجمات الفصائل المرتبطة بإيران على القوات الأميركية في العراق، قائلا إن "التوتر لايزال قائماً لكن الحكومتين تتواصلان وهذا يحدث فارقاً".
بدورها، اعتبرت الزميلة غير المقيمة في "معهد أتلانتيك كاونسل" هولي داغريس الاتفاق، بمثابة إجراء لبناء الثقة ويمكن أن يحيي المحادثات بشأن برنامج إيران النووي، مضيفة "لكنه أيضاً مؤشر لطهران إلى أن بإمكانها الاستفادة من نموذج احتجاز رهائن، ما قد يدفعها لمواصلة الوضع الراهن بالنظر إلى أنها تستطيع أيضاً بيع النفط بسبب ضعف تطبيق العقوبات المفروضة".
وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه ويؤكد مسؤولو إدارة بايدن أنه ليس نهائياً، تقوم كوريا الجنوبية بتحويل ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة لتتمكن طهران من شراء سلع إنسانية مثل الغذاء والدواء، وفي خطوة أولى، نقلت إيران خمسة أميركيين، أحدهم اعتقل قبل نحو ثماني سنوات بتهم تجسس ينفيها بشدة، من السجن إلى فندق يحظى بحراسة.
من جانبه، وبينما أعلنت إيران عن بدء الإفراج عن مليارات الدولارات من أموالها، كشف مصدر رسمي إيراني أن عملية تبادل السجناء بين بلاده والولايات المتحدة والإفراج عن أموال مجمدة لطهران، بموجب الاتفاق بين البلدين برعاية دولة ثالثة، ستتم في قطر، قائلا إن الاتفاق يقضي أيضا بالافراج عن جزء كبير من الأموال الإيرانية لدى بنك "تي بي آي" العراقي، مشيرا إلى أن المراحل الأولى من عملية الإفراج عن أموال إيرانية في المصارف الأوروبية بدأت، موضحا انه من المقرر أن يتم في هذا الإطار تحويل أموال إيران في كوريا الجنوبية من الـ "وون" الكوري إلى اليورو، وهو ما تم القيام به ومن ثم ستنقل إلى مصرف في سويسرا ومن هناك إلى حساب مصرفي في قطر ليكون متاحا لإيران تحصيل هذه الأموال، لافتا إلى أنه لن يتم الإفراج عن السجناء الأميركيين حتى يتم تحويل الأموال الأيرانية بالكامل إلى قطر، وستتم عملية تبادل السجناء في قطر بعد أن تتحقق إيران من قدرتها على سحب أموالها من حساب إيراني في قطر.
بدوره، أكد وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي دور قطر في تيسير المفاوضات والحوار بين الجانب الأميركي والإيراني بشأن إطلاق السجناء وإنشاء قناة مصرفية تعالج المسائل المتفق عليها، مشدداً على إيمان قطر بضرورة حل الخلافات بالطرق السليمة والديبلوماسية والحوار، معرباً عن الأمل في أن يفضي الاتفاق لتفاهمات أكبر تشمل العودة للاتفاق النووي، معبراعن تفاؤله بأن الخطوة ستليها خطوات أخرى وأن قطر لن تألو جهدا في بذل المزيد من المساعي لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
من جهته، وبينما قال مجلس الأمن القومي الأميركي أنه تم الإفراج عن المحتجزين الأميركيين الخمسة من سجن في طهران وإيداعهم قيد الإقامة الجبرية، وقالت المتحدثة أدريان واتسن "تلقينا تأكيداً بإطلاق سياماك نمازي ومراد طهباز وعماد شرقي واثنين آخرين يفضلان عدم الإفصاح عن هويتهما"، واصفة خطوة بأنها مشجعة، قال منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي إنه لن يكون هناك تأثير كبير للإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، مضيفا أن الولايات المتحدة عملت بشكل مكثف مع كوريا الجنوبية على عدم تأثر عملتها بالاتفاق.
في غضون ذلك، أكد مصدر إيراني مطلع أن الأنشطة النووية الايرانية مستمرة دون انقطاع في جميع المجالات، بناء على الخطط السابقة لمنظمة الطاقة الذرية ووفقا لقانون المبادرة الستراتيجية، وردا على تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية، أن كمية احتياطيات اليورانيوم انخفضت بنسبة 60 في المئة ومعدل تراكم اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، مؤكدة أن هذا قد يهدئ التوترات بين طهران وواشنطن ويسمح باستئناف المحادثات بين الدول بشأن البرنامج النووي، قال المصدر الإيراني إنه يجري العمل على تنفيذ قانون المبادرة الستراتيجية للبرلمان الإيراني بشكل دقيق.