احتكارات مافيا "مكاتب السفريات" تُشعل نار تذاكر الطيران

الراجحي لـ"السياسة": تلقينا 3042 شكوى بحق مكاتب السفريات خلال النصف الأول من 2023


ناجح بلال وجابر الحمود ومحمد غانم

في موازاة الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، كان هناك لهيب من نوع آخر حرم الكثيرين من المواطنين والمقيمين من السفر الى الخارج، للاستمتاع بعطلة الصيف، فيما حرق جيوب آخرين كانوا مضطرين للسفر بأي ثمن!
الجحيم الذي ينتظر الراغبين في السفر كل عام ويطل برأسه صيفا، عنوانه "أسعار تذاكر الطيران"، التي باتت تفوق قدرة كثيرين على الشراء، ما يدفع البعض الى إلغاء فكرة السفر كليا أو الاكتفاء بسفر بعض افراد العائلة وتأجيل سفر الاخرين الى العام المقبل، أو حتى تأجيل سفر الجميع إلى أن يشاء الله.
وعلى الرغم من أن أغلب شركات الطيران تطرح أعدادا كبيرة من الرحلات الاضافية قبل دخول موسم الصيف، ما يعني بالحسابات البسيطة انخفاض اسعار التذاكر الا ان شيئا من هذا لا يحدث، بل على العكس ترتفع الاسعار باطراد وتبلغ ذروتها في يوليو واغسطس لرحلات الذهاب وسبتمبر لرحلات العودة.
خبير متخصص في مكاتب السفر، كشف لـ"السياسة" سبب ارتفاع اسعار التذاكر رغم طرح رحلات اضافية، وأكد أن بعض مكاتب السفر ــ التي تتواصل فيما بينها عبر "غروبات واتس اب" على غرار تلك التي تهيمن على سوق الدروس الخصوصية ــ تقوم قبل موسم الصيف بشراء أكبر كم ممكن من التذاكر الى الوجهات الأكثر نشاطا والمعروف أن عليها طلباً كبيرا واقبالا واسعا خلال فصل الصيف، وبينها الدول التي تنتمي اليها الجاليات المقيمة في البلاد والوجهات السياحية المعروفة في الخليج واوروبا واسيا، وذلك بأسعار رخيصة ومخفضة بل وضمن عروض وحسومات كبيرة.
ويضيف الخبير ــ الذي رفض ذكر اسمه منعا للحرج ــ مع شراء المكاتب هذا الكم من التذاكر، تصبح مكاتب السفريات المهيمنة والمتحكمة في تحديد اسعار وأعداد التذاكر التي تطرح، في "احتكار" واضح وصريح.
ويؤكد الخبير لـ"السياسة" أن المكاتب تنسق فيما بينها بشأن مستوى الاسعار، وتتحكم في أعداد التذاكر المطروحة، بل وتتبادل الزبائن أحيانا، فضلا عن أنها تقوم بالإعلان عن المقاعد التي لديها، وفق تواريخ محددة، وعلى نحو يضمن لها تحقيق أرباح طائلة.
من جهته، أكد مصدر قانوني لـ"السياسة" أن الاجراء الذي تقوم به بعض مكاتب الحجز والسفريات يعد مخالفة صريحة وواضحة لقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار رقم (72) لسنة 2020، ولائحته التنفيذية رقم (14) لسنة 2021، لافتا الى ان المادة (6) من القانون تنص على أنه "يحظر على الأشخاص القيام بأي اتفاقات أو ممارسات منسقة أو أعمال مرتبطة بعلاقات أفقية يكون من شأنها الإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها"، كما تحظر المادة (7) على الأشخاص المرتبطين بعلاقة رأسية القيام بأي اتفاقات أو ممارسات منسقة يكون من شأنها تقييد المنافسة، أو الحد منها أو منعها.
وأكد المصدر أن القانون نفسه يرتب جزاءات وغرامات مالية على الشركات أو المؤسسات التي يثبت ممارستها للاحتكار، مستغربا صمت جهاز حماية المنافسة ووزارة التجارة على هذه الممارسات، على الرغم من انها تتكرر كل عام، ويكتوي بنارها المواطنون والمقيمون.
وحذر المصدر من أن استمرار صمت وزارة التجارة وجهاز حماية المنافسة من شأنه أن يغري مكاتب السفريات بمواصلة الاحتكار لجني المزيد من الارباح على حساب العملاء.
في الاطار نفسه، كشف نائب مدير الإدارة العامة للطيران المدني للشؤون الإدارية والمالية بالتكليف ومدير إدارة النقل الجوي عبدالله الراجحي عن تلقي الشعبة 3042 شكوى بحق مكاتب الحجز والسفريات وشركات الطيران خلال الفترة من 1 يناير حتى 10 يوليو من العام الحالي.
وقال الراجحي في تصريح الى "السياسة": إن التعامل مع الشكاوى يتم حسب القوانين واللوائح والتعاميم الصادرة عن الطيران المدني، اذ تتم مخاطبة الشركات المشكو في حقها، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها أو حل البعض منها بشكل ودي وعدد الحالات الودية بلغ 34 حالة خلال نفس الفترة، كما أحيلت 1487 شكوى الى الجهات القضائية.
واشار الى توقيع جزاءات مالية ضد 58 من "أشخاص السوق" والشركات المخالفين للقوانين واللوائح والتعاميم الصادرة عن الإدارة، وبقيمة إجمالية 29 ألف دينار، وفرض غرامات على 26 شركة مخالفة للقرار الوزاري رقم (6 /2021) بقيمة إجمالية 13 الف دينار.