السبت 19 يوليو 2025
44°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

اختلاف موعد الإفطار في رمضان بين الشيعة والسنة (1-2)

Time
الثلاثاء 27 أبريل 2021
السياسة
عبدالنبي الشعلة

أحد الأصدقاء من المتابعين لما أكتب اتصل بي بعد نشر مقالي الأسبوع الماضي حول الحرية الفكرية ساخطًا معاتبًا قائلًا بأنني أتجنب التطرق والتصدي للقضايا الأهم والأخطر التي تشظي وتمزق صفوفنا كمسلمين، وتنخر في عظام جسم امتنا الإسلامية، وتكشف عن تفرقنا وانشطار صفوفنا واختلافنا في كل شيء، حتى في أبسط الأمور، مثل اختلافنا وعجز علمائنا عن الاتفاق على تحديد موعد موحد للإفطار بعد الصيام في شهر رمضان المبارك؛ مع أن أداء هذه الفريضة والاحتفاء بهذا الشهر الفضيل يعتبر من بين أهم ما أجمعت عليه فرق المسلمين ومذاهبهم، ومع ذلك فإن هذا الشهر الكريم صار يذكرنا في كل عام وفي مساء كل يوم من أيامه الفاضلة بواحد من أوجه الاختلاف بيننا التي نصر على الإبقاء عليه، وعدم محاولة إيجاد حل له، تعزيزًا لقيم الأخوة والتوحيد والاتحاد التي يدعو إليها ديننا الحنيف.
وفي الوقت نفسه أرسل لي هذا الصديق عن طريق "الواتس أب"رسالة تضمنت نصا أو عنوان فتوى أصدرها العلامة السيد محمد حسين فضل الله، الذي يحمل لقب آية الله عند الشيعة، وكان يعتبر واحدا من أكبر المراجع عندهم، يقلده أو يتبع فتاواه الملايين منهم، والفتوى التي أرسلها هذا الصديق تقول بكل وضوح "لقد أفتيت أن سقوط قرص الشمس كاف لتحقيق الغروب، لذا يجوز لنا أن نفطر في الوقت نفسه سنة وشيعة".
ثم قال هذا الصديق: لماذا تتجاهلون مثل هذه الرسائل ولا تشجعون مثل هذه التوجهات التي تعمل على توحيد المسلمين وتتصدى إلى واحدة من أبرز وجوه اختلافهم وتفرقهم؟
وفي رأيي فإن هذا الموضوع قد أشبع بحثًا ونقاشًا من قبل، ولا يجب أن نعطيه أكثر مما يستحقه من اهتمام، ولعل أفضل أسلوب لمعالجته هو وضعه في أطره الصحيحة؛ على قاعدة أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وضمن مفهوم أن اختلاف الآراء والممارسات من الظواهر الصحية المطلوبة التي تدعونا إلى الاعتزاز بإيماننا بقيم الاجتهاد والتنوع والتعدد التي تثري مجتمعاتنا وتعطيها المزيد من الرونق والبهاء.
من هنا يمكننا أن نفهم الحديث النبوي الذي أورده السيوطي والبيهقي وغيرهما في مصنفاتهم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: "اختلاف أمتي رحمة" مع أن كثيرا من العلماء والمحدثين قالوا بأن هذا الحديث "لا أصل له، ولكنه صحيح المعنى"، ورغم أن المفتي الشيخ عبدالعزيز بن باز نفى وجود هذا الحديث أيضًا لكنه قال: "الاختلاف بين العلماء فيه مصالح للناس، وإن كان الاجتماع أفضل وأحسن".
وما دامت تجمعنا نحن، معشر المسلمين، عقيدة التوحيد والشهادتان، ونتوجّه إلى قبلة واحدة، ويظللنا كتاب واحد فإن اختلافنا حول بعض التفسيرات وبعض القضايا الجانبية أو الهامشية أو الشكلية، مثل الاختلاف في حدود دقائق معدودات، حول موعد الافطار في رمضان؛ لا يجب أن يشكل أو يتحول في أدمغتنا إلى هاجس مقلق يبعث على التذمر والاستياء والذعر، على اعتبار أن اختلاف المسلمين في طريقة أو أسلوب أداء أي من الفروض والطقوس، أو تباين وجهات نظرهم حول تفسير بعض نصوص القرآن الكريم، لا يقارن بحجم واتساع رقعة الخلافات والاختلافات القائمة بين فرق ومذاهب الديانات الأخرى.

وزير العمل البحريني السابق
آخر الأخبار