ما ان رشحت وزارة الثقافة اللبنانية فيلم "مفاتيح مكسورة" (Broken Keys) للمخرج جيمي كيروز، لتمثيلها رسمياً في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي في الدورة 93، حتى أثير جدلاً في بيروت، رغم أن الاختيار جاء بناء على قرار لجنة اختيار الفيلم السينمائي لمسابقة أوسكار 2021، المؤلفة من خبراء ومخرجين ونقاد سينمائيين والمدير العام للوزارة، وحاز "مفاتيح مكسورة"، النسبة الأعلى من الأصوات، ليمثل لبنان رسمياً في منافسة الأوسكار.وكان أحد أعضاء اللجنة سرب قبل الإعلان الرسمي، خبراً مفاده أن فيلم "جدار الصوت" للمخرج أحمد غصين، اختارته اللجنة لتمثيل لبنان في الأوسكار، ما أثار بلبلة وجدلاً واسعاً، كما حدث السنة الماضية تماماً، عندما اختلف أعضاء اللجنة بين فيلمي "1982" لوليد مونّس، و"غود مورنينغ" لبهيج حجيج.وفي التفاصيل، وفق مصدر وزاري رفض الكشف عن اسمه، أن اللجنة مؤلفة من 15 شخصاً اختارهم مدير عام الوزارة ومستشارو الوزير، أرسلت أسماءها إلى لجنة الأوسكار بحسب البروتوكول. لكن "وزير الثقافة عباس مرتضى قرّر استبعاد بعض الأسماء من اللجنة التي يترأسها عادة المدير العام د.علي الصمد، وبدّل بعض الأشخاص"، بسبب خلافات داخلية في الوزارة، وأصبح عدد أعضاء اللجنة 9، تغيّب واحد منهم ولم يشارك في الاجتماعات ولم يشاهد الأفلام أيضاً، فأصبح العدد 8، وهو أمر "مخالف لما هو متعارف عليه بأن يكون العدد مفرداً، كي لا تتعادل الأصوات".وتابع: هذا الأمر خفّف من فاعلية اللجنة وتنوّعها، وأدى إلى تعادل الأصوات، إذ صوّت 4 أعضاء لـمصلحة "جدار الصوت" و4 لفيلم "مفاتيح مكسورة"، "ما اضطر اللجنة إلى اللجوء إلى رئيسها وطلب التدخل منه، ليصوّت لفيلم معينّ، وبعد نقاش مع 3 من أعضاء اللجنة الذين كانوا متحمّسين لـ"جدار الصوت" باعتبار أنه "فيلم ممسوك من أوله إلى آخره، وعناصره مهمة قوية مثل السيناريو والصوت والتمثيل، قرّر المدير العام التصويت لمصلحة الفيلم".وأضاف المصدر: "اقتنعت برأي الأساتذة، وهم سينمائيون ونقاد يفقهون أكثر مني بما قد يُبهر الأوسكار، وما قد يمنح لبنان فرصة أكبر، مع أنني أميل شخصياً إلى فيلم (مفاتيح مكسورة)، وطلب المدير العام من الأعضاء الموجودين لأن 3 منهم تغيّبوا وصوّتوا عبر الهاتف، أن يعطوه مزيداً من الوقت لمناقشة الموضوع مع الغائبين عن الاجتماع، كما طلب منهم عدم التصريح بأي نتيجة، فخرج أحد أعضاء اللجنة، وكتب أن (جدار الصوت) هو الفائز بالتصويت ليزيد الطين بلّة".لكن المدير العام الذي رفض التصريح حول الموضوع لأي وسيلة إعلامية، "عاد وطلب من اللجنة التي أصبحت مؤلفة من 8 أعضاء في نهاية المطاف، الاجتماع بعد 4 أيام، وبعد نقاش طويل دافع فيه المتحمسون عن فيلم "مفاتيح مكسورة"، تعادل الفيلمان مرّة أخرى، ما حتّم على المدير العام التصويت"، فصوّت لمصلحة "مفاتيح مكسورة"، وفق موقع "الشرق".وقال د.إيميل شاهين وهو يدرس مادة السينما في جامعات لبنانية عدة، وأحد أعضاء اللجنة، إنه كان يفضّل ترشيح فيلم "جدار الصوت"، لأنه "ذو قيمة فنية عالية وينتمي إلى أفلام سينما المؤلف، ويتمتع بسيناريو قوي، وينسجم بشكل متين مع الإخراج والمؤثرات الصوتية، كما يتميّز بطريقة تصوير فريدة، وفيه ممثلان كبيران في السنّ يؤديان دورين رائعين قلما نجدهما في السينما بالمنطقة، كما أنه عن تجسيد خوف الإنسان من المجهول بطريقة سينمائية صادقة وإنسانية فريدة".أما عن "مفاتيح مكسورة" فيقول شاهين: هو فيلم أيضاً أقدّره وفيه قصة جميلة ومثيرة للجدل عن الأمل والإرهاب، وفيه إنتاج محلي أُنفق عليه كثير من المال، ويتميّز بموسيقى جميلة جداً ألّفها غابريال يارد، وهو حائز للأوسكار سابقاً، لكنني أراه فيلماً مسلياً أقرب إلى السينما التجارية التي تتبعها هوليوود، بينما في "جدار الصوت"، يرتكز المخرج على إحساسه وصدقه وفنّه أكثر من اعتماده على الإنتاج".ويفيد شاهين بأنه كان متحمساً للأخير لأن "من يصوّتون لفئة أفضل فيلم أجنبي هم مخرجون فازوا سابقاً في أفلام من دول العالم الثالث التي تقدّر سينما المؤلف ونوعية الأفلام التي لا يوجد فيها بذخ في الإنتاج".وحول ما جرى في جلستي التصويت وموقف المدير العام الذي اتّهمه أشخاص من الوسط الثقافي بأنه بدّل رأيه تحت ضغوط أو تدخلات معيّنة، قال شاهين: "بكل شفافية وصدق كان د.علي الصمد متحمساً منذ البداية لـ (مفاتيح مكسورة)، وحتى عندما اقتنع بوجهة نظرنا وتعادلت الأصوات، عاد ورجح كفة "مفاتيح مكسورة"، وهو لا يهمّه إلا تمثيل لبنان أفضل تمثيل.

مشهد من "مفاتيح مكسورة"