الاقتصادية
ارتفاع كلفة الشحن البحري يقفز بأسعار السلع ويُربك حركة الاقتصاد العالمي
الخميس 05 أغسطس 2021
5
السياسة
يعد قطاع الشحن مؤثراً مباشرا في حياتك، بداية من تفاصيل إفطارك في الصباح وصولاً إلى مكونات صواريخ الفضاء، والمقصود ليس الشحن بشكل عام، وإنما صناعة الشحن البحري بالأخص، والتي تعاني من أزمة عميقة ومركبة منذ شهور طويلة، تسببت في تغذية معدلات التضخم حول العالم وزيادة في أسعار السلع وإرباك الاقتصاد العالمي.%90 من تجارة البضائع العالمية تتحرك عبر المياه الدولية، تقدر قيمة هذه البضائع بنحو 11.1 تريليون دولار سنويا حتى 2019، ويتم نقلها عبر المحيطات من الدول المصدرة إلى المستوردة والعكس صحيح، أما الـ 10% المتبقية فتُنقل عبر الطائرات أو الطرق البرية.وفقاً لـ"الإتحاد الدولي للشحن"، فإن الخطوط الملاحية مسؤولة وحدها عن نقل بضائع بقيمة 4 تريليونات دولار سنوياً، هذه الحاويات تعتمد على عدة أطراف لإتمام مهمة نقل البضاعة من النقطة أ إلى النقطة ب.أول سفينة حاويات في العالم كانت قدرتها الاستيعابية لا تتجاوز حاجز 58 حاوية فقط، الآن تصل قدرة السفن علي حمل الحاويات إلى رقم يتجاوز عشرين ألف حاوية وربما أكثر للسفينة الواحدة وكأنها جبل متحرك، مثل سفينة "ايفر جيفن" التى تسببت في انسداد المجرى الملاحي لقناة السويس المصرية في مارس الماضي.يدور حول العالم ما إجماليه 5446 سفينة حاويات، تحمل ما في مجموعه 25 مليون حاوية، ومالكو هذه السفن بالتأكيد سعداء بأرباح الفترة الحالية التي جنتها شركاتهم وخطوطهم الملاحية نتيجة ارتفاع أسعار الشحن البحري العالمية، لكن تحقيق الشركة للربحية لا يعني أنها تسير في مسار سليم وآمن ومستدام.ويتفق "نيل هوبت" المتحدث باسم تحالف "هاباج-لويد" Hapag-Lloyd مع وجهة النظر هذه ويقول: "نحن بالتأكيد سعداء للغاية بالأرباح هذا العام، هذه أول مرة منذ عشر سنوات تحقق صناعة الشحن البحري كل هذه المليارات من الأرباح، لكن بالطبع مسألة الاعتمادية هنا في خطر، التسليم في الموعد والتأخير في جداول الاستلام والتسليم أمر محبط للغاية، المستهلكون والزبائن المستوردون والمصدرون لدينا منزعجون لأن التأخير الطويل في الشحن يعني تكاليف أكبر، لذا نحن في موقف صعب ومعقد".الطلب الذي كان مكبوتاً أثناء الفترة الأولى للجائحة بدأ في الخروج للسطح، مع انحسار موجة الخوف من المجهول والتحوط من المستقبل، فحدث ارتفاع كبير في الطلب على السلع أكبر من القدرة على استيعابه ومعالجته، كما ان طواقم العمل في السفن والموانئ التقطوا عدوى "كورونا" وتحوراته، وبالتالي أصبح الكثير من سفن الشحن أو الموانئ خاضعة للحجر الصحي، وبالتالي متوقفة عن العمل، وجاءت حادثة "ايفر جيفن" وانسداد المجرى الملاحي لقناة السويس لتفاقم من أزمة الشحن بالاضافة الى فيضانات الصين وأوروبا ورغم أن هذا عامل استجد مؤخراً من فترة قصيرة لكن بعض المسؤولين في شركات شحن عالمية يرون له انعكاساً سلبياً على سلاسل التوريد العالمية.من المفترض أن يتم احتواء الطلب المكتوم والكبير الذي يحدث بداية من 2021، مع بداية تخفيف البنوك المركزية لبرامج الدعم والتيسير والتدخل بالأسواق والأموال والشيكات المجانية. كل هذه الأموال حين تُسحب من الأسواق وتعود مستويات التوظيف لسابق معدلاتها الطبيعية، بالتزامن مع تحسن الأنشطة وأعمال الشركات والقطاع الخاص، وقتها علينا أن ننتظر الوصول إلى نقطة التوازن، ومن المرجح بلوغها بحلول نهاية 2021 أو حتى الربع الأول من 2022.في الموانئ الرئيسية العالمية مثل "شنغهاي" في الصين أو "روتردام" في هولندا أو "لوس أنجليس" أو "لونغ بيتش" في كاليفورنيا، هناك أزمة واختناقات كبيرة في التفريغ والتحميل لسفن الحاويات وللبضائع، ما أضر بشكل مباشر بفكرة "الاعتمادية والموثوقية" التي يضعها العالم على عاتق هذه الصناعة.