الاقتصادية
استمرار الانفلات المالي سيضطرنا للجوء للاقتراض أو استهلاك المدخرات
السبت 17 ديسمبر 2022
5
السياسة
كشف "الشال" في محوره الثاني عن السياسة المالية وحركة أسعار النفط ان حركة أسعار النفط خارج نطاق تأثير أي حكومة في بلد مصدر للنفط، والواقع أن تأثير التكتلات عليها مثل أوبك أو أوبك+ له حدود، وربما الأقوى في التأثير هي تكتلات المستهلكين مثل الوكالة الدولية للطاقة والقوى الداعمة لها، ويظل تأثيرها ليس مطلقاً. وما بين أواخر فبراير 2022 ومنتصف ديسمبر الجاري، تحركت أسعار النفط بتذبذب حاد لأسباب جيوسياسية، أهمها الحرب الروسية الأوكرانية، ولأن عامل التأثير على الأسعار استثنائي، ما لبث أن خف تأثيره وعاودت الأسعار الهبوط بوتيرة سريعة.ولم يمنع هبوط أسعار النفط مجموعة من العوامل التي كان من المفترض أن تشكل دعم لارتفاع الأسعار، أولاها كان قرار أوبك+ في 5 أكتوبر 2022 بخفض انتاجها بالحد الأعلى المتوقع، أي 2 مليون برميل يومياً، وكانت أسعار النفط في 6 أكتوبر 2022 نحو 97.11 دولار، وبلغت في 14 ديسمبر الجاري 79.95 دولار، أي فقدت -17.7%. ثانيها اشتداد وليس خفوت الحرب الروسية الأوكرانية ونفاذ عقوبة تحديد سقف أسعار أوروبية منخفض للنفط الروسي وضغوطه على جانب العرض متزامناً مع فصل شتاء بارد. وثالثها خطاب رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي بداية الشهر الجاري بما يوحي بخفوت القلق حول التضخم الذي انخفض فعلاً الأسبوع الفائت إلى 7.1% لشهر نوفمبر مقابل 7.7% لشهر أكتوبر. وانخفاض ذلك القلق أدى بالفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة الأساس على الدولار الأمريكي بـ 0.50% بدلاً من 0.75%، ما يعني ارتخاء في سياسات التشدد النقدي وانحسار مخاوف ولوج الاقتصاد العالمي حقبة من الركود العميق.وفي الكويت، بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي في شهر أبريل 2022، أي بداية السنة المالية الحالية 2023/2022 نحو 107.3 دولار ، أي حقق سعر البرميل فائضاً بحدود 26.9 دولار عن سعر التعادل الرسمي للموازنة البالغ 80.4 دولار . بعدها بثمانية أشهر، حقق معدل سعر برميل النفط الكويتي للنصف الأول من شهر ديسمبر الجاري 79.9 دولار للبرميل، أي حقق عجزاً عن سعر التعادل بحدود 0.5 دولار . وبتاريخ 21 أبريل 2020 بلغ سعر مزيج برنت 9.12 دولارأي أقل من تكلفة إنتاج البرميل في الكويت، وفي يوم 9 مارس 2022 بلغ سعر برميل النفط الكويتي أعلى مستوياته أو 130.31 دولار ، وفي المستقبل، سوف يبقى معدل سعر برميل النفط دون سعر التعادل الرسمي للموازنة العامة، أي سوف تتكرر تجربة عجوزات السنوات المالية 2015/2014 إلى 2021/2022. ومع بداية السنة المالية الحالية والارتفاع المؤقت لأسعار النفط، تم نسيان تلك التجربة الأليمة وانفلتت السياسة المالية لتعود بالبلد ذات الاعتماد الأعلى في العالم على النفط بأسعاره المتأرجحة إلى الأدنى، وغير المستدامة، واستمرار ذلك الإنفلات سوف يضطرها حتماً إما إلى اللجوء إلى الاقتراض أو استهلاك مدخراتها، ذلك يحدث دون أدنى شعور بالمسئولية تجاه الأغلبية من صغار المواطنين، إنه لبيع رخيص لمستقبلهم.