الأخيرة
اعتبروا يا أولي الألباب
الأربعاء 28 نوفمبر 2018
5
السياسة
طلال السعيداشتهر الشعب الفرنسي على مر العصور بالرقي وبالذوق الرفيع والفن الراقي والمسرح والأدب حتى اصبحت عاصمتهم باريس عاصمة الفن والجمال في العالم، ومضرب المثل في كل ما هو متميز وراق وجديد، فأجمل العطور الفرنسية وأغلى ماركات الملابس وأشهرها فرنسية، حتى انك ترى الزبائن تقف في طابور طويل لشراء شنطة نسائية جديدة تطرحها احدى الماركات الفرنسية المشهورة، وطابور آخر طويل على شركات الملابس وكأنما هي توزع بالمجان، حتى اصبح حلم كل سائح بالعالم ان يزور باريس ويتمتع بجمالها، هذه باختصار باريس التي يعشقها العالم ويتغنى بها البشر، فما الذي يجري الان في هذه العاصمة الجميلة، ولماذا تشوه، ولماذا يحرق وينهب كل شيء في باريس، ولماذا تتحول عاصمة الفن والجمال الى عاصمة للإجرام والسلب والنهب والسرقة والفوضى؟ يقال ان الامر مرتبط برفع أسعار الوقود، فهل يعجز الفرنسيون عن إيجاد طريقة سلمية يحتجون بها او يعبرون فيها عن رفضهم لرفع الأسعار حتى يضطروا للفوضى واحراق المحلات وسرقتها؟ باختصار شديد هؤلاء ليسوا الفرنسيين، بل تلك نتائج وافرازات التجنيس العشوائي للحكومات الفرنسية المتعاقبة على مدى قرن من الزمن، حتى اصبح المجنسون أغلبية، فطغت فوضويتهم على رقي الفرنسيين وسار بركابهم جيل كامل أثّرت ثقافات الذين هاجروا من بلدانهم فيه، ونجحوا بالتأثير بالفرنسيين أنفسهم، فانتشرت الفوضى، وها هي فرنسا العظمى يتهاوى اقتصادها ويسودها الخوف والهلع، والسبب الرئيس سوء تعامل الحكومات الفرنسية المتعاقبة مع التركيبة السكانية على اعتبار ان التجنيس امر ثانوي، متصورين ان الفرنسيين سيؤثرون بمن هاجر اليهم، فحصل العكس بعد ان سادت ثقافات جديدة بسبب زيادة أعداد المهاجرين الذين يتم تجنيسهم وهذه هي النتيجة. قد تكون حكومات فرنسا منذ الثورة الفرنسية حققت إنجازات عالمية تستحق الاشادة والإعجاب، لكن اهمال الشأن الداخلي ينعكس سلبا على ما تم انجازه، وقد يكون سببا مهما من أسباب انهيار الامبراطورية الفرنسية كلها او على الأقل انهيار اقتصادها كما هو حاصل الان. وما علينا نحن الا ان نأخذ العظة والعبرة، فالفرنسيون الجدد هم من يتظاهر الان ويستخدم العنف وينشر الفوضى في كل مكان، وكأنهم كانوا ينتظرون الفرصة لنشر الفوضى، متناسين ما قدمته لهم فرنسا من خدمات حين لجأوا اليها هربا من ظلم بلدانهم لهم. والدرس المستفاد من هذا كله ان اخطر قضية تهدد امن أي بلد في العالم صغيرا كان اوكبيرا هي قضية التجنيس وزيادة عدد الوافدين، وهو ما نسميه تجاوزا خللا بالتركيبة السكانية، بينما الخلل الحقيقي هو تجاهلنا لحجم المشكلة، فاعتبروا يا أولي الالباب...زين.