الأبحاث الزراعية
يمكن ان يكون الإنتاج الزراعي الكويتي أفضل حالاً مما هو عليه حاليا، كماً وكيفاً، لو كانت هناك أبحاث وإرشادات زراعية أفضل.
لكن، للأسف الشديد، انتكست وتراجعت وتوقفت هذه الأبحاث مثلها مثل معظم الأبحاث العلمية في الكويت.
وأوضح مثال على هذا توقّف محطة التجارب الزراعية في مقر الهيئة العامة لشؤون الزراعية والثروة السمكية في الرابية بعد أعوام من الإنجازات فيها، وقلة الأبحاث الزراعية الجادة والمتنوعة في معهد الكويت للأبحاث العلمية، وتحديداً من بعد تفشي فيروس "كورونا".
ومن واقع تجربتي الطويلة في المجال الزراعي الإنتاجي، والتي تمتد لنحو نصف قرن أستطيع أن أؤكد أن التطور الزراعي في أي بلد يقوم على الأبحاث العلمية والعملية المستمرة، وخير مثال دولة هولندا، فقد أولت هذه الدولة الأوروبية الصغيرة مساحة اهتمام كبيرة بالأبحاث العلمية فيها بعامة، والأبحاث الزراعية بخاصة، فصارت سلة أوروبا الغذائية، والمركز العالمي لها، إنتاجاً وتسويقاً، سواء في مجال إنتاج الخضراوات والثمريات، أو في مجال إنتاج الزهور والورود، وصناعة البيوت المحمية.
لقد سخت هولندا، ومثلها معظم دول العالم المتقدّم زراعياً، على الأبحاث العلمية، وقبل المواطن فيها أن يدفع جزءاً من تكلفتها العالية للدولة؛ كي تكثفها وتستمر فيها، من دون توقف؛ فيما اعتبر المزارع في هولندا، سواء شركة أو فردا، نتائج الأبحاث الزراعية المتطورة أكبر دعم تقدّمه الدولة له أو لها، يليه مساعدة الدولة في تسويق المنتجات الوطنية بأسعار مربحة – غالباً- فالزراعة الناجحة هي تسويق ناجح.
تلك من أساسيات نجاح العمل الزراعي الإنتاجي، ولا نجاح من غير أبحاث وإرشادات متطورة، ومن غير تسويق جيد مربح للمزارع المنتج.
لكن عندنا في الكويت، للأسف الشديد، لا هذا ولا ذاك، فقد غلب الجانب الإداري والوظيفي المكتبي على الجانب الزراعي الفني الحقلي الميداني، في أروقة الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، ومراكزها الأخرى، واستكان المهندسون الزراعيون ومساعدوهم الفنيون الزراعيون بدشاديشهم في مكاتبهم، بدلاً من ارتداء الملابس العملية، والذهاب الى محطات التجارب الزراعية والمزارع في المناطق الزراعية النائية، في العبدلي والوفرة وحتى في الصليبية وكبد.
والدشداشة لا تتناسب مع العمل الحقلي الميداني الإنتاجي الزراعي بالمرة، والشباب الكويتي الذي شمّر عن سواعده في السبعينيات من القرن الماضي، تفتقده الكويت اليوم، بل أُغرق الشباب الكويتي في العمل الإداري المكتبي الوظيفي القاتل، بدلاً من عمله الحقلي والميداني الإنتاجي الحيوي، ليس في المجال الخضري والثمري الزراعي، لكن في المجال التزيني والتشجيري.
وجولة لكم في شوارع الكويت، بما فيها شارع الخليج العربي الأشهر، تبيّن لكم وبوضوح الكم الكبير والكثير من أشجار النخيل المثمر، التي ماتت وهي واقفة بعد تعطيشها، وإهمالها لسنوات طوال، فمن المسؤول عن هذه الكارثة ومن يعوضنا عنها؟
عضو مجلس إدارة هيئة الزراعة سابقاً
م.حسين أحمد قبازرد