الاثنين 09 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الأرقم... يستضيف كبار الصحابة في رمضان

Time
الاثنين 03 مايو 2021
View
40
السياسة
إعداد – أحمد القعب:

كان للصحابة والسلف الصالح -رضي الله عنهم- السبق في الاحتفاء والتبرك بشهر رمضان المعظم، تمكن بعضهم من ختم القرآن يومياً، ومنهم من زاد عن ذلك، فكان يختم الذكر الحكيم أكثر من مرة، ومنهم من تفرغ في أغلب يومه للعبادة والتقرب إلى الله، وتحفل مرويات السلف الصالح بالكثير من مظاهر اجتهاد الصحابة –رضي الله عنهم أجمعين- وتسابقهم في الفوز ببركات هذا الشهر الكريم، التي نستعرض نفحات منها في هذه الحلقات، لنعيش مع يومياتهم في رمضان؛ لعل بعضنا يتذكر أو يتأسى.

الأرقم بن أبي الأرقم - رضي الله عنه - صحابي من السابقين الأولين، حول بيته الى منطلق لدعوة الإسلام والتعريف برسالته، واظهر من الامانة ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يسند اليه الصدقات من بين كل الصحابة لثقته في زهده وحسن ادارته لأموال الفقراء، فقد عرف بين الناس بأنه لا ينطق إلا بالحق، ولا يفعل إلا ما يرضي الله، حريصا على الشعائر، يؤديها في اوقاتها، ولا يخشى في الحق لومة لائم.
ولد الارقم في مكة المكرمة في العقد الثاني قبل الهجرة، يعد من الرعيل الاول من الصحابة اسلم على يد ابي بكر وهو في السادسة عشرة من العمر وكان عاشر من اسلم، هاجر مع الصحابة الذين لجأوا إلى المدينة، وشارك النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع غزواته، وكانت له مواقف وإسهامات جليلة في السلم والحرب، محافظا على حماسه لنشر الدعوة طوال عمره المديد الذي تجاوز الثمانين عاما.
كانت داره بالمدينة موئلا لجمع غفير من كبار الصحابة في رمضان، يستضيفهم على الافطار والسحور، يتباحثون في فقه الدين، ويتبادلون احاديث الرسول، ويناقشون احوال المسلمين، اما بقية يومه فقد كان يمضيه في الذكر والتلاوة منفردا او مع جمع من الصحابة، فاذا جاء العشر الاواخر، اخرج صدقاته، و اعتكف في المسجد النبوي، وانقطع عن الناس اوابا توابا.
اما داره في مكة، فتجمع كتب السيرة على اهمية الدور الذي ارتبط بها في بداية الدعوة، فقد كان لديه من الاثرة والشجاعة، ما مكّنه من تخصيص بيته كمقر دائم لجماعة الصحابة الاوائل، يلتقي بهم الرسول يعلمهم امر دينهم، ويبث فيهم اخلاقيات الاسلام، ويربي لديهم قيم العمل والجهاد من اجل الدنيا والدين.
وروى ابن عبد البر: عن دار الأرقم ابن أبي الأرقم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيًا من قريش بمكة، يدعو الناس فيها إلى الإسلام، حتى خرج عنها، وكانت داره بمكة على جبل الصفا قرب الكعبة المشرفة، فأسلم فيها جماعة كثيرة، ويروي ان داره ظلت المقر السري للدعوة، يتردد عليها المسلمون حتى بلغ عددهم الأربعين، وكان آخرهم إسلاما عمر، فلما نزل امر الله تعالى لنبيه (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) خرجوا مجاهرين بالدعوة، ولذا فليس من الغريب ان تحمل معظم الدور التي تتولى تحفيظ القرآن للنشء الجديد في عصرنا اسم الارقم تيمنا بمكانته الرفيعة في صدر الإسلام. ويورد ابن عبد البر في مستدركه المعروف رواية لحفيده يحيى بن عمران تفيد ان جده الأرقم تجهز ذات يوم يريد زيارة بيت المقدس، فلما فرغ من جهازه، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يودعه، فقال: ما يخرجك ؟ حاجة أو تجارة ؟ قال: لا والله، ولكن أردت الصلاة في بيت المقدس فقال النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام فجلس الأرقم، ولم يخرج، وتكمن اهمية هذه الرواية انها تبين ان بيت المقدس كان معروفا للمسلمين في تلك الفترة المبكرة خلافا لما يزعمه البعض انه لم يبن الا في عصر لاحق اثناء ولاية الامويين.
ولا تتوقف فضائل هذا الصحابي الجليل عند هذا الحد، ورغم قلة ما اورده المؤرخون في ترجمته، الا ان القليل الذي وصلنا يكفي لتكوين صورة عامة عن دوره الكبير في صدر الاسلام، ويكفي انه كان كاتب الرسول الاول، واحد ابرز كتاب الوحي، اي انه وظف معرفته بالقراءة والكتابة لخدمة الدين الجديد، علاوة على انه اختار صحبة النبي، وترك معية قومه من بني مخزوم، وتخلى عن ارثهم القديم في مناصبة بني هاشم - الذين ينتمي اليهم النبي - العداوة والبغضاء.
آخر الأخبار