الاثنين 12 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الأسكيا محمد بطل تأسيس امبراطورية الصنغاي

Time
الأحد 12 مايو 2019
View
140
السياسة
إعداد - محمود خليل:


لا يعلم كثيرون أن أفريقيا جنوب الصحراء التي لم تصل إليها جيوش الفتح الإسلامي قامت بها دول وممالك إسلامية كان لها دور بارز في نهضة الإسلام والدفاع عنه في مواجهة الهجمات التي كانت تسعى للنيل منه، في هذه الحلقات نستعرض عددا من تاريخ أهم الدول والممالك الإسلامية في أفريقيا جنوب الصحراء، مواقفها من دول الاحتلال الأوروبية دفاعا عن الأرض والدين.

كانت مملكة صنغاي تقع شمال نيجيريا الحالية، عاصمتها مدينة جاو بالقرب من مدينة زوغوا الحالية، يقال إن ملوكِها الأربعة عشر ترجع أصولهم إلى اليمن، تبدأ أسماؤهم بـ "زا"، ثم كان من تلاهم تبدأ أسماؤهم بـ "سن".
تأسست المملكة الأولى في إقليم دندي على نهر النيجر، فيما استوطن معهم فى المنطقة هجرات من بربر لمطة، قبائل من الطوارق، قبائل زنجية من الماندنجو والفولاني، كان أول حكامها "زا الأيمن"، يرى البعض أنها تحريف لـ "اليمن"، الذى اتخذ من مدينة كوكيا على نهر النيجر عاصمة له.
حكم المملكة من أسرة "زا الأيمن"، واحد وثلاثون ملكاً، منهم أربعة عشر من الوثنيين، كان أول من أسلم منهم "زا كسي"، يطلق عليه في لغة صنغاي "مسلم دام"، أى "أسلم طوعاً".
أخذت بعض قبائل لمطة المغربية، في منتصف القرن السابع الميلادي، تفرض نفوذًها السياسي على سكان صنغى، أسسوا أُسْرة حاكمة تسمى "ديا"، اتخذت من كوكيا حاضرة لها، صارت من أهم مراكز التجارة في السودان الغربي.
أسس"كوزي" أحد ملوك الصنغاي، في القرن الحادي عشر، عاصمة جديدة في "جاو"، التى تحولت الى مركز تجاري مهم، ارتادها الكثير من التجار العرب والمسلمين من مصر ومن البلاد الإسلامية في شمال إفريقيا، احتضنت مجالس العلم، حاضر فيها علماء مسلمون من كل الإمارات الإسلامية.
بدأت المملكة التوسع على حساب امبراطورية مالي التي أصيبت بضعف بعد وفا "مانسا موسى، تمكنت من احتلال أجزاء كثيرة منها، بعدما تولى "سني علي" الحكم، من ثم بنى جيشا قويا مكنه من الانفصال، ثم تمكن من غزوها.
بدأت المملكة الجديدة فىي الظهور خلال الربع الأخير من القرن الخامس عشر الميلاي، ثم توسعت حتى وصلت إلى سهول غرب إفريقيا، بعد وفاته انتقل العرش إلى أحد قادة من السوننكى، أطلق على نفسه اسم "الأسكيا محمد الأول"، بعد أن انتقل العرش إلى "أبو بكر داعو"، الابن الأكبر لـ "سنى الأول"، غير أن ضعف شخصيته دفع "محمد توري" إلى الإطاحة به للحفاظ على الموروث الإسلامي.
قرب الأسكيا محمد العلماء وأجزل لهم العطايا، جعل الدين الإسلامى الدين الرسمي للبلاد، أعاد تنظيم الجيش، حج الى مكة في العام 1495، اصطحب معه ألفا وخمسمائة رجل، خمسمائة فارس، ثلاثمائة ألف من الذهب تصدق منها في الحرمين بمائة ألف، اشترى اراضي ودور في المدينة المشرفة بمائة ألف لحساب أهل بلاده، اشترى أيضا سلعا وجميع ما يحتاج إليه بمائة ألف.
قابل هناك الخليفة العباسي، فطلب منه أن يجعله خليفته في أرض صنغاي، فوافقه ونصبه خليفة للسودان، ألبسه قلنسوة وعمامة من عنده. بعد عودته شن عِدة حملات لتوسيع المملكة، حتى امتدت إلى حدود التكرور، كما غزا إمارات الهوسا، أَجبَر سكانها على دفع الجزية، حتى وصلت حدود المملكة في عهده الى ما يقرب من مساحة أوروبا الغربية.
قام الأسكيا محمد بنشر الإسلام بين الوثنيين من جيرانه الماندنجو، الفولاني، الطوارق، الموسى، الهوسا، ازدهرت في عهده تمبكتو ازدهارا كبيرا، صارت مركزًا للدراسات الإسلامية، لذا يعد عهده العصر الذهبي للمدينة.
استفاد الأسكيا محمد الذي لقب بالحاج من منصبه الجديد كخليفة لبلاد التكرور، بعدما قلده شريف مكة هذا المنصب، في ترسيخ نفوذه بالغرب الإفريقي، تقرب من العلماء، بسبب تأثيرهم في الرعية، انصت إليهم، أخذ بمشورتهم، إجزل العطايا لهم، مستفيدًا من أخطاء سلفه سني علي، الذي نكل بالعلماء فألبوا ضده الرعية.
نتيجة للتحالف بين العلماء والحكام "الأساكي" تطورت الحياة الفكرية في المملكة، ظهر عدد من العلماء الذين استفادوا من التراكم الفكري والحضاري منذ دخول الإسلام والثقافة العربية إلى إفريقيا الغربية، منهم محمود كعت، السعدي، أحمد بابا، كما صارت العاصمة مركزا علميا إذ وصل عدد الطلاب الذين كانوا يدرسون في جامعة "تمبكتو"، عاصمة إمبراطورية صنغاي الإسلامية إلى 25 ألف طالب، فيما كان عدد سكان مدينة لندن وقتها لا يتعدى 20 ألفا، مثلها باريس. يذكر أنها أنشأت في القرن السادس عشر الميلادي وزارة تسمى "وزارة الآداب العامة والذوق"، اختصت بالمحافظة على الآداب العامة في الامبراطورية.
مما يروى عنه إنه في السنة الرابعة من حكمه غزا غزوة نعسر، مشى معه الشيخ المبارك مور صالح جور، فأمره أن يعلنها جهاداً في سبيل الله. فلم يخالفه في ذلك، بيّن جميع أحكام الجهاد، فطلب أسكيا محمد من الشيخ المذكور أن يكون رسولاً بينه وبين سلطان موش، فقبل ووصل إليه في بلده وبلغه رسالة أسكيا في الدخول في الإسلام.
آخر الأخبار