الأسواق العشوائية بؤر تُهدِّد صحة المجتمع

رغم تداعيات جائحة "كورونا"، وما فرضته من إجراءات احترازية، إلا أن الأسواق العشوائية مازالت خارج التغطية تمثل بؤراً خطرة لنشر الوباء، بل هي في الحالات العادية قبل الجائحة ومن دون أي قيود احترازية تعد ساحات مفتوحة لنقل الأمراض بمختلف أنواعها.
وكشفت جولة ميدانية قامت بها "السياسة" على منطقة جليب الشيوخ، عن الوضع الكارثي في هذه الأسواق العشوائية، فالأمر لا يتوقف عند الازدحام غير العادي والأجساد المتلاصقة وتداخل أنفاس المتسوقين في أنوف بعضهم البعض، وكذلك الأجواء الحارة والروائح التي تزكم الأنوف، بل امتد إلى جودة السلع نفسها التي تباع بلا رقيب أو أدنى ضوابط ضمانات صلاحيتها، خصوصاً السلع الغذائية التي تعرض على بسطات لايفصلها عن الأرض سوى بضعة سنتميترات، يتصاعد الغبار بفعل حركة اقدام المارة ليتراكم عليها ويلتصق بها محملاً بالبكتريا ومختلف الميكروبات الضارة.
وتجاوز الإهمال في هذه الأسواق حدود الخيال، فبسطات السلع الغذائية من خضراوات وفاكهة تلاصق تماماً مكبات النفايات التي تصدر روائح وميكروبات وتنشر الأمراض، والمثير في الأمر أن مثل هذه المشاهد غير الصحية والقبيحة لم تعد تستوقف أحداً لا من الباعة أو المتسوقين، فالعشوائية في هذه الأسواق ناشئة عن جهل رواده بمخاطره، وقبل كل ذلك فأنها افراز طبيعي لإهمال الجهات الرقابية وتراخيها، مع ظاهرة ممتدة على مدار سنوات طويلة وفي مناطق مختلفة، ولم تستطع هذه الجهات القضاء على المشكلة من جذورها، فما أن تشن حملات هنا أو هناك، إلا وتعود إلى حالة التراخي مرة أخرى، لتعود ريما إلى عادتها القديمة وتتفرع وتنتشر تلك الأسواق العشوائية مرة أخرى وربما بشكل أكثر توحشاً وأكثر خطورة، لاسيما في ظل زمن وباء لا يرحم.