الخميس 10 يوليو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

الأمين لـ"السياسة": سد النهضة تحوّل بفعل فاعل أزمة خطيرة تُهدّد القرن الإفريقي

Time
الثلاثاء 22 يونيو 2021
View
5
السياسة
* بيان "الوزاري العربي" دعم موقف السودان ومصر ومثّل صوت العقل للمعالجة
* الملء الثاني لـ"النهضة" دون اتفاق يُهدد إنتاج الكهرباء ومحطات المياه في السودان
* "السد" تحول حالة سياسية مربوطة بالوضع الداخلي في إثيوبيا
* شكوك حول نوايا إثيوبيا باستخدام "السد" ورقة ضغط ضد السودان ومصر
* الكويت تستجيب لإيجاد موقف قوي موحّد تجاه أي مشكلة عربية
* بيان الدوحة أول تحرك عربي موحّد في قضية تخص الأمن القومي


كتب - شوقي محمود:

ثمن السفير السوداني لدى الكويت عبدالمنعم الامين المشاركة الفعالة لوزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د. احمد الناصر في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية الخاص ببحث تطورات ملف سد النهضة الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة نهاية الاسبوع الماضي.
وأكد الامين في تصريح الى "السياسة" ان الكويت كعادتها وما نلمسه منها دائما تضع القضايا العربية نصب اعينها وتستجيب على الفور لأي اجتماع من شأنه ايجاد الموقف القوي الموحد تجاه أي مشكلة عربية.
واشار إلى نتائج المحادثات التي اجراها الشيخ د. احمد الناصر مع وزيرة الخارجية السودانية د. مريم الصادق المهدي التي اوضحت مستجدات ملف ملء وتشغيل سد النهضة والخطوات والسياسات التي اتخذتها حكومة السودان في سبيل اعادة السودان إلى وضعه الطبيعي والدولي والانفتاح السياسي والاقتصادي وبناء شراكات ستراتيجية اساسها تحقيق المصالح المشتركة بالاستثمار والتعاون في مجالات التجارة والصناعة والزراعة والطاقة والاتصالات.
وتابع الامين واثنى الشيخ د. الناصر خلال مباحثاته مع وزيرة الخارجية السودانية على جهود الحكومة الانتقالية وقدرتها على تجاوز التحديات، معربا عن دعم الكويت لموقف السودان للوصول الى اتفاق واضح لاجراءات ملء وتشغيل سد النهضة،ومؤكدا موقف الكويت الداعم للحكومة الانتقالية.
وذكر أن بيان الدوحة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة يعتبر أول تحرك عربي موحد في قضية تخص الأمن القومي العربي لتأمين الحل السريع والعادل لأزمة سد النهضة التي تحولت بفعل التعنت الاثيوبي إلى واحدة من أخطر الأزمات التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي بسبب عدم توصل المفاوضات التي إستمرت حوالي 10 سنوات إلى أى حلول أو إتفاق نهائي بسبب تعنت الجانب الاثيوبي في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
وأضاف أن البيان الوزاري الصادر عن مجلس الجامعة يشكل دعماً سياسياً قوياً لمواقف دولتي المصب لاحتواء البيان على فقرات واضحة تؤكد أن موضوع السد يقع ضمن دائرة الأمن القومي العربي.
ولفت السفير الامين الى أن بيان الجامعة العربية يمثل صوت العقل والحكمة لمعالجة أزمة ملء وتشغيل سد النهضة سلمياً من خلال الدور الديبلوماسي الذي يمكن أن تضطلع به الجامعة العربية لمساعدة أطراف الأزمة للوصول إلى حل نهائي وعادل بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بهذه الأزمة ولا سيما الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
واوضح الامين أن السودان لم يرفض أو ينكر حق اثيوبيا للاستفادة من مواردها المائية لانتاج الكهرباء وتحقيق التنمية لشعبها الصديق للشعب السوداني ولكن بشرط عدم إحداث أضرار بدولتي المصب وفقاً للاستخدام المنصف والعادل لموارد المياه للدول المتشاطئة.

اتفاقية دولية
وأشار الى أن السودان ظل يطالب بتوقيع اتفاقية دولية معتمدة وملزمة بشأن الملء وتشغيل السد وعدم انفراد اثيوبيا بأى إجراء احادي يضر بدولتي المصب ولكن اثيوبيا ظلت تتردد في توقيع اتفاق قانوني ملزم مما أثار الشك والريبة حول أهدافها وخططها المستقبلية،كما أنها انسحبت في آخر لحظة من توقيع اتفاق ملزم بعد مباحثات مضنية برعاية أميركية، ورفضت مقترح السودان الذي أيدته مصر ويدعو لمفاوضات جادة للوصول إلى اتفاق ملزم قانوناً وتشكيل لجنة رباعية تشمل الاتحاد الأوربي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
واكد الامين الاهتمام الكبير للديبلوماسية السودانية بملف ملء وتشغيل سد النهضة حيث شهدت الفترة الآخيرة زيارات مكوكية قامت بها وزيرة الخارجية لعدد من الدول العربية والأفريقية لشرح موقف السودان من هذه الأزمة ودعوة الدول الشقيقة والصديقة لممارسة الضغط على اثيوبيا لإقناعها بأهمية التوصل إلى اتفاق ملزم بما يحقق مصالح الدول الثلاث، كما استضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات التابع لمعهد الدوحة للدراسات العليا وزيرة الخارجية د. مريم الصادق المهدي في محاضرة بعنوان "سد النهضة: التحديات وآفاق الحلول" بحضور ديبلوماسيين وأكاديميين وإعلاميين، حيث تناولت في حديثها دور السودان منذ بداية إنشاء السد وما قدمه لاثيوبيا من دعم فني ولوجستي مروراً بمراحل التفاوض المختلفة، موضحة موقف السودان وما يستند عليه والعوامل التي تجعل السودان المتضرر الأكبر في حال عدم التوصل لاتفاق ملزم بشأن الملء والتشغيل، مؤكدة أن آفاق الحلول تكمن في أن يكون السد عامل استقرار وتعاون بين الدول الثلاث، كل بما تملك من إمكانيات.
واضاف وأجرت وزيرة الخارجية لقاءات ثنائية مع كافة وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع الدوحة الأخير لشرح تطورات سد النهضة وموقف السودان الداعي لإيجاد مخرج لهذه الأزمة عبر الحوار الجاد للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوق جميع الدول المتشاطئة.

مخاطر كارثية
وأكد الامين على أنه رغم اقتناع السودان بفوائد سد النهضة وحق اثيوبيا للاستفادة من مواردها إلا أن عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل وإدارة السد سيشكل خطراً داهماً على السودان الذي سبق وأن تضرر من الملء الأول الذي تم دون اتفاق ودون علم السلطات المختصة، كما أن الملء الثاني إذا ما تم دون اتفاق سيشكل خطراً كبيراً على مقدرة وكفاءة سد الروصيرص في السودان الذي يبعد عدة كيلومترات من سد النهضة وكان هذا السد يعتمد على الجريان الطبيعي للنيل قبل قيام سد النهضة، وبدون اتفاق فإن سدود السودان كافة ستتأثر قدرتها على إنتاج الكهرباء، فضلاً عن تأثر محطات المياه والري التي يستفيد منها أكثر من عشرين مليون مواطن يقطنون على ضفاف النيل الأزرق.
وتابع ان مخاطر سد النهضة على السودان ستكون كارثية في حال عدم التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن الملء الثاني للسد وتشغيله، نسبة لضخامة سد النهضة الذي يعتبر من أكبر عشرة سدود في العالم حيث تستوعب بحيرة السد حوالي 74 مليار متر مكعب مقارنة مع سد الروصيرص الذي تبلغ سعته التخزينية سبعة مليارات متر مكعب أي عُشر السعة التخزينية لسد النهضة، وبدون اتفاق وتبادل المعلومات بين البلدين ستتأثر قدرة سد الروصيرص على توليد الكهرباء والري، وكذلك مشاريع الري الفيضي، وعليه لابد لاثيوبيا من الوضع في الاعتبار الآثار السالبة التي ستترتب على دولتي المصب ولا سيما السودان إذا لم يكون هنالك إتفاق وتعاون بين البلدين.
وقال : إن إقدام اثيوبيا على الملء الثاني ودون اتفاق قانوني ملزم يخالف إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في العام 2015 والذي يشير الى الإستعمال المنصف والعادل للمياه لكل الدول المتشاطئة للنهر الدولي( حوض النيل الأزرق الشرقي) وعدم التسبب بالضرر لبقية الدول المستفيدة من النهر الدولي. مع أهمية وتبادل المعلومات الخاصة بالملء والتشغيل وحل جميع الخلافات بالطرق السلمية.
وشدد على أن توقيع اتفاق قانوني ملزم لإدارة المياه المشتركة ليس بالأمر الجديد حيث توجد العديد من الأمثلة في العالم تحكمها إتفاقيات ملزمة لإدارة السدود والأنهار كما هو حاصل في نهر النيجر والسنغال في أفريقيا على سبيل المثال لا الحصر، والتي تمكنت من خلالها تلك الدول من تطبيق قواعد القانون الدولي الخاصة بالاستخدام المنصف والعادل للمياه العابرة للحدود والأنهار الدولية.

إطالة المفاوضات
ولفت الى أن إطالـــــــة أمد المفاوضات لحسم هذه الأزمة من شأنها إحـــــداث أضرار بالغة الخطورة بالسودان، وأن كل ما يريده السودان هو الاتفـــــاق على توقيــــــــع اتفاقية ملزمــة تضمن حقوقه وعدم تضرره كما أن إطالـــــة أمد الأزمة كان بسبب عدم توفر الإرادة السياسية للجانب الاثيوبي للوصول إلى حل عادل ومنصـــــف خاصة وأن أمر السد قد تحول إلى حالة سياسية مربوطة بالوضع الداخلي في اثيوبيا دون مراعاة لمصالح الدول الأخرى. واضــــــــاف كذلك بدأت تتولد لدينا الشكوك حول نوايا اثيوبيا المستقبلية ونيتهـــــــا لاستخدام السد كورقة ضغط وسلاح ضد دولتي المصب لتعديل الاتفاقيـــــــات التاريخية بشأن المياه والحدود مع السودان وإدخال أجندة جديدة ليس لها علاقة بموضوع السد.
وختم الامين حديثه بالقول إن حل هذه الأزمة يقوم على صدق النوايـــــا وتوفر الإرادة السياسية والرغبة الجادة في تحويل موضوع المياه والسدود إلى مشاريع تعاون تنموية بدلاً من إستخدامها كوسائل أسلحــــــــــة للضغط، وأن يكون ســـد النهضة بداية للتعاون بين الدول المتشاطئة على غرار تجارب دول حوض نهر النيجر والسنغال وأن التعاون هو الحل الأسهل الذي يمكن الاتفاق عليه وأن يكـــون السد مدخلا للتعاون لجعل المنطقة آمنة ومستقرة.
آخر الأخبار