المحلية
الأوقاف: الإسراف مرض عضال يهدم مقومات الأمم
الأربعاء 24 يوليو 2019
5
السياسة
كتب - عبدالناصر الأسلمي:حذرت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في خطبتها المعممة غدا من مظاهر الاسراف والتبذير التي تشهدها بعض الأوساط في المجتمع، مؤكدة انها دَاءٌ قَتَّالٌ، وَمَرَضٌ عُضَالٌ، يَهْدِمُ مُقَوِّمَاتِ الأُمَمِ وَالمُجْتَمَعَاتِ، وَيُبَعْثِرُ الأَمْوَالَ وَيُبَدِّدُ الثَّرَوَاتِ، ثُمَّ تكُونُ سَبَبًا لِلْوُقُوعِ فِي الْمَهَالِكِ، وَكَثِيرًا مَا تُصَابُ النُّفُوسُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَالْغِنَى بِالطُّغْيَانِ وَالإِسْرَافِ وَسُوءِ المَسَالِكِ، وَهُوَ تَوْجِيهٌ غَيْرُ سَوِيٍّ لِنِعْمَةِ المَالِ الَّتِي اسْتَوْدَعَهَا اللهُ الإِنْسَانَ وَاسْتَخْلَفَهُ فِيهَا، وَاسْتِرْسَالٌ فِي الْمُتَعِ وَاللَّذَّاتِ، وَاسْتِغْرَاقٌ فِي الِانْحِدَارِ وَالشَّهَوَاتِ.وبينت في خطبة الجمعة التي عممتها على المساجد بأنَّ لِلْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ أَسْبَابًا تَدْعُو إِلَيْهِمَا، وَدَوَافِعَ تَبْعَثُ عَلَيْهِمَا، وَمِنْ هَذِهِ الأَسْبَابِ: جَهْلُ الْمُسْرِفِينَ بِأَحْكَامِ الدِّينِ الَّذِي يَنْهَى عَنِ الإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ، أَوْ تَجَاهُلُ مَنْ لَا يَجْهَلُ أَحْكَامَ الإِسْرَافِ وَتَغَاضِيهِ عَنْ ذَلِكَ؛ اتِّبَاعًا لِرَغْبَةٍ فِي نَفْسِهِ؛ مِنْ حُبٍّ لِلْمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ، وَرَغْبَةٍ فِي التَّسَابُقِ وَالتَّكَاثُرِ فِي مَظَاهِرِ الدُّنْيَا وَمَفَاخِرِ الْعَيْشِ. وأضافت وَمِنَ الأَسْبَابِ أيضا الْغَفْلَةُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهَا دَارُ مَمَرٍّ لَا دَارُ مَقَرٍّ، وَأَنَّ الحَالَ قَدْ يَتَغَيَّرُ مِنَ الْغِنَى إِلَى الْفَقْرِ، ومِنَ الفَقْرِ إِلَى الْغِنَى مَا بَيْنَ غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا، إِذَا غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَبَدَّدَ أَمْوَالَهُ، فَالحَيَاةُ الدُّنْيَا مَيْدَانٌ لِلتَّسَابُقِ فِي الصَّالِحَاتِ لَا فِي الشَّهَوَاتِ، وَفِي المُسَارَعَةِ إِلَى أَسْبَابِ الرِّضْوَانِ، لَا إِلَى أَسْبَابِ السُّخْطِ وَالطُّغْيَانِ، مشيرة الى انها تشمل ايضا مُصَاحَبَةُ المُسْرِفِينَ؛ لِأَنَّ الصَّاحِبَ يَتَأَثَّرُ بِأَخْلَاقِ صَاحِبِهِ، وَيَتَطَبَّعُ بِطِبَاعِهِ.وذكرت أَنَّ الإِسْرَافَ وَالتَّبْذِيرَ قَدْ تَعَدَّدَتْ مَظَاهِرُهُمَا، وَتَنَوَّعَتْ أَشْكَالُهُمَا؛ حَتَّى كَادَا أَنْ يَعُمَّا المُجْتَمَعَاتِ وَالأَفْرَادَ، وَيُفْسِدَا حَيَاةَ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ، مشيرة الى ان مِنْ وُجُوهِما أوَمَظَاهِرِهِمَا الَّتِي عَمَّتْ: الإِسْرَافُ فِي المَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ خُصُوصًا فِي المُنَاسَبَاتِ؛ بِحَيْثُ تُوضَعُ أَطْعِمَةٌ كَثِيرَةٌ وَأَشْرِبَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ ثُمَّ يَنْفَضُّ النَّاسُ عَنْ أَكْثَرِهَا تَارِكِينَ سَبِيلَهَا إِلَى حَاوِيَاتِ النُّفَايَاتِ، وَأُمَمٌ كَثِيرَةٌ يَمُوتُونَ جُوعًا لَا يَجِدُونَ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُمْ أَوْ يَدْفَعُ جُوعَهُمْ، ومِنَها مَا يَكُونُ فِي بَعْضِ الأَعْرَاسِ وَالْحَفَلَاتِ، حَيْثُ يَظْهَرُ السَّرَفُ وَالْبَذَخُ فِيهَا إِلَى حَدِّ التَّبَاهِي وَالتَّفَاخُرِ؛ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالتَّكَاثُرِ، وَفِي هَذَا كَسْرٌ لِنُفُوسِ الفُقَرَاءِ مِنَ النَّاسِ وَاسْتِهَانَةٌ بِعَوَاقِبِ الأُمُورِ وَنَتَائِجِهَا.