الاثنين 30 سبتمبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الإصلاح يبدأ من تصحيح مسار الإعلام
play icon
كل الآراء

الإصلاح يبدأ من تصحيح مسار الإعلام

Time
السبت 12 أغسطس 2023
View
83
حسن علي كرم

في سلسلة مقالات مفرحة نشرها زميلنا رئيس التحرير في الصفحة الاولى لـ"السياسة"، كنت في واقع الامر في البداية أشك إن كانت المعلومات صادرة من مصادر موثوقة، و لها وزنها، فالزميل دأبه منذ انخراطه في العمل الصحافي كانت له مغامرات صحافية شدت حواس القراء، وكانت "السياسة" في حينه لا يخلو ديوان أو وزارة أو بيت منها.
"السياسة" كانت في حينها العروس المدللة، او الرمانة التي يتمنى الكل اقتطافها، لكنني عندما سألتُ عن حقيقة تلك الاخبار فأكد لي الزميل العزيز صاحب الباع الاطول، تلك الاخبار.
من هنا فهذه الحقيقة هي نقطة البداية لعصر تنويري جديد يطل على الكويت، بعد زمن كان كافياً لنجد انفسنا وقد حُذفنا الى اخر "الممر" في رحلة بدأت، لكن توقف القطار عند حدود الكويت بذريعة أن الطريق مغلق، وهذا اشعل المرارة نفوس الكويتيين.
ذلك ان هذا العطل المرير ليس من صنع ايديهم، الا ان سره يبقى خافياً الى ان يشاء القدر انكشافه، ومن كان يكمن وراءه، انا واقولها بتواضع جم، ان الكويت تعرضت الى مؤامرة، بل مؤامرات خطيرة، بدءا من مؤامرة الغزو العراقي الهمجي، وانتهاءً بشل قطار التنمية، وافشاء الفساد بدلاً منه.
ينبغي ان نرفع اكفنا الى السماء مع انبلاج عهد جديد شاكرين لله على نعمته، وما نرفل فيه من خير وأمن وأمان، في بلد يسود بين اهله الطيبة والتماسك والتوادد، وكأنهم ولدوا من بطن واحد.
ورغم هذا لا زلتُ أقول إن أصابع الشيطان تعبث بين صفوف الكويتيين، وتوسوس في نفوسهم الفتنة والحسد، إذ هناك من يخاف إذا نهضت الكويت من كبوتها، هؤلاء يعلمون جيداً، بل يقيناً، ان نهوض الكويت هو ضربة لهم، وهو ما ينبغي ان ننتبه له، فنحن الذين رخصنا دماءنا وارواحنا في الغزو علينا ان نعي ان ما بعد الغزو مرحلة اعظم.
"تصحيح المسار" أو اعادة القطار ليسير في مساره ليس صعباً، لكنه ايضاً ليس سهلاً، فأنت في جو فاسد وعداوات تحيطك من كل جانب، ونحن نحتاج الى خضة تعيد دماغنا الى صوابه، اذ لا زلنا نتعامل بالنوايا الحسنة في حين ان ابالسة الارض يطعموننا حلاوة لكن بطعم السم.
لا تحريك ولا نجاح لقطار التنمية الا اذا عرفنا اولاً من نحن، وعرفنا اعداءنا من الداخل و من الخارج، ويخطئ من يظن ان لا اعداء ولا متآمرون على الكويت.
يقولون في الامثال ان تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي أبداً، والكويت على موعد مع خضة ربما من النوع الذي يطلق عليه عودة الوعي، لكن على الكويتيين ان يدركوا أولاً ان عودة الوعي غير كافية، اذا لم نفرز الطيب من السيئ والفاسد من النجيب والمتآمر من النزيه، فالذباب يكثر على كومة قمامة ويكثر على ايضا على قطعة حلوى.
قلنا ان مشوار التصحيح ليس صعباً ولا مضنياً، لكن نحتاج ان نضع اصبعنا على مكامن تلك الاسباب اولاً، وكيف نزيل تلك البثور، ولعل من الاسباب هو البدء بالاقل والاسهل الى الاكبر والاصعب.
ولعلي ارى ان البدء ينبغي ان يبدأ بالاعلام، فإعلامنا الرسمي خارج المسار وتصحيحه لا يكلف بقدر ما يحتاج الى وضع الرجل المناسب في الموقع المناسب.
تراجع برامج التلفزيون والاذاعة وغياب الكويت من على الخريطة الاخبارية العالمية، وطمس الفنون، الدراما والغناء والمسرح، والحفلات التي تميزت بها الكويت، كل ذلك يعيد لها الصورة التي غابت عن المشهد الثقافي والفني، إذ بعد عمالقة المسرح لم نجد فنانين يملأون الفراغ، وينسحب ذلك ايضاً على الغناء وكتاب الدراما وغياب الوجه الكويتي في التمثيل والتأليف.
التلفزيون ليس اداة للترفيه او الغناء، انما هناك جانب توعوي وثقافي، فأين تسليط الاضواء على انشطة المجتمع كالزراعة والصناعة رغم تواضعهما، لماذا تجاهل الاعلام غلاء الاسعار الاسماك وغياب الانتاج المحلي؟
اما من جانب المجلس الوطني للفنون الاداب، ففي الاونة الاخيرة قامت ضجة ولم تقعد حتى الساعة حول كتاب الفه كاتب هندي، ولا ندري هل بدافع شخصي، ام دُفع له حيث نشر كتاباً وصف "حرب تحرير الكويت بالمجزرة"، متناسياً ان المجزرة من صنع حاكم ديكتاتوري مستبد، غزا الكويت لمطامع وشهوات ذاتية.
كان على المجلس الوطني للثقافة والفنون ان لا ينشر الكتاب، وتوزيعه لا شك أنها زله وحماقة وقصر نظر وجهل في الاسباب.
ينبغي اعادة النظر بدور واهداف هذا المرفق، وبالمناسبة هو نسخة مقلدة عن المجلس الوطني للثقافة الذي انشأه عبدالقادر حاتم وزير الاعلام المصري في العهد الناصري، وحلت مكانه فيما بعد وزارة للثقافة.
ان اعلامنا يحتاج الى نسف، رأسياً وافقياً، لكي نعيد الى الكويت شخصيتها الفنية والثقافية وفنونها، فمن يصدق ان الاغنية الكويتية غابت من على محطات الاذاعة الكويتية، نسمع اغنيات من كل الفنون العربية وفنانونا غائبون من المشهد؟
ان غياب وطمس الكويت من على الخارطة العالمية جراء غياب الاعلام الكويتي الوطني، فمن المسؤول أليس الوزير، فالاعلام خط الدفاع الاول عن البلاد، اين شبابنا خريجو كليات الاعلام وكليات الفنون ومعاهد الموسيقى، وخريجو العلوم السياسية واللغات، لماذا لا يكون لهذه النخبة الشبابية المؤهلة دور في الاعلام؟
ابدأوا الاصلاح من الاعلام، وسوف تجدون مسارات الاصلاح اسهل مما تتصورون.

صحافي كويتي

حسن علي كرم

[email protected]

آخر الأخبار