السبت 14 يونيو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الإفراط في تناول الأدوية يفتك بالكبد ويفاقم حالات المرضى

Time
الأربعاء 15 سبتمبر 2021
View
5
السياسة
* 42 في المئة من كبار السن في أميركا يتناولون 5 أدوية وأطباء يتلقون أموالاً مقابل وصف عقار معين أكثر من مرة
* نصف الأطباء في الولايات المتحدة حصلوا على 2.4 مليار دولار من شركات صناعة العقاقير في 2015


غالبًا ما يتناول كبار السن أدوية عدة كل يوم، لكن هناك أدلة متزايدة على أن هذا قد يكون خطأ في بعض الأحيان، إذ يواجهون خطرا أكبر عبر الاثار الجانبية الشديدة لأن أكبادهم تصبح أقل كفاءة في التمثيل الغذائي وإزالة الأدوية من مجرى الدم.
ويتفاقم هذا الخطر بسبب التفاعلات الضارة بين بعض الأدوية لاسيما أن ما يصل إلى نصف المرضى الذين يتناولون أربعة عقاقير أو أكثر لا يتناولونها كما هو موصوف لهم من قبل الأطباء، وفقًا لتحليل نشر عام 2020 في المراجعة السنوية لعلم الأدوية والسموم.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية "الإفراط في تناول الأدوية" مشكلة صحية عامة، مؤكدة أن هذا الأمر يؤدي إلى نقل الملايين إلى المستشفيات على مستوى العالم بسبب الاستجابات السلبية للأدوية، كما يؤدي إلى إنفاق مليارات الدولارات في هيئة نفقات صحية غير ضرورية.
ويتسابق الباحثون والصيادلة لحل مشكلة الإفراط في تناول الأدوية، الا أنه ذلك يعد أمرا صعبا للغاية، وبخاصة عندما يصف الطبيب نحو خمسة عقاقير أو أكثر بشكل منتظم لمريض واحد، وهذا أمر آخذ في الازدياد مع التقدم في العمر.
وتقول كارول ميتشل، عندما أصيبت جدتي، بمرض باركنسون في عام 2010 وهي في الثانية والسبعين من عمرها، وصف لها الطبيب دواء يسمى كاربيدوباـ ليفودوبا، وكانت تتناول هذه الحبة الصغيرة مستطيلة الشكل أربع مرات في اليوم.
وفي السنوات التي تلت ذلك، وصف لها أطباؤها عقارا لمشاكل الجلد، وأدوية أخرى للاكتئاب ودوار الحركة والقلق والارتجاع الحمضي وسرطان الثدي المبكر.
وتضيف إليزابيث ميتشل، ابنة كارول ووالدتي: "دخلت إلى غرفة نومها وكانت زجاجات الأدوية موجودة في كل مكان، وبحثت على "غوغل" عن اسم كل واحدة منها لمعرفة الغرض منها".
وكان من الصعب على كارول، التي تبلغ من العمر الآن 82 عامًا تناول كل هذه الأدوية في الأوقات المحددة، إذ كانت تقول دائما "لا أريد تناول أدوية من هذا القبيل، فأنا أعتقد أنها كثيرة جدًا، ولا يمكنني مغادرة المنزل لأنه يتعين علي تناول كل هذه الأدوية".
ونتيجة لذلك، لم تتمكن كارول من تناول جميع جرعات عقار مرض باركنسون في الأوقات المحددة، وعندما كانت تتخلف عن تناول الجرعات المحددة كانت تعود إليها أعراض المرض، مثل الرعشة والتصلب وصعوبة التحدث والمشي، بل وكانت تلك الأعراض تزداد سوءا في بعض الأحيان.
وفي السنوات الأربع الماضية، أدى ذلك إلى انتقالها أربع مرات إلى قسم الطوارئ، وفي مرتين منها مكثت لفترات طويلة في المستشفى.
ولتسهيل تناول الحبوب الأساسية لمرض باركنسون، اقترحت إليزابيث أن تتوقف والدتها عن تناول أكبر عدد ممكن من الأدوية بمساعدة طبيبها، واليوم لا تتناول ميتشل سوى عقار باركنسون فقط ،تقول كارول: "أشعر بتحسن كبير لأنني أتناول أدوية أقل".
لكن بالنسبة للعديد من المرضى المسنين الآخرين الذين يتناولون الكثير من الأدوية، فإن التوقف عن تناول بعض الأدوية ليس بهذه السهولة، بل يمكن أن تؤدي الصعوبات في التواصل بين الأخصائيين الطبيين إلى الإفراط العرضي في وصف الأدوية.
ويرى توبياس دريشولت، صيدلاني في جامعة لودفيغ ماكسيميليان الألمانية وأحد مؤلفي ورقة المراجعة السنوية: "لا يوجد حتى نقاش حول الحاجة إلى التحقق مما إذا كان التوازن بين الأضرار والفوائد ثابتًا بمرور الوقت".
وأجرى دريشولت بحثًا في جامعة دندي في اسكتلندا،على تقليل استخدام الأدوية غير الضرورية أو التي يحتمل أن تكون خطرة.
تقول إميلي ريف، باحثة وصيدلانية في جامعة جنوب أستراليا في أديلايد، وكانت تدرس طرق تقليل تأثير الإفراط في تناول الأدوية لدى كبار السن خلال العقد الماضي: "من الناحية التاريخية، لا تحتوي إرشادات العلاج السريري على أي توصيات أو تعليقات حول كيفية ووقت إيقاف تناول الأدوية".
ويتزايد عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأكثر في جميع أنحاء العالم، وفي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، من المتوقع أن يزداد عدد الأفراد في هذه الفئة العمرية بنسبة 67 في المئة - أو 8.2 مليون شخص إضافي، وهو ما يعادل عدد سكان لندن تقريبا في الوقت الحالي - من عام 2019 إلى عام 2068.
وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص في هذه الفئة العمرية بنحو 81 في المئة، أو 42.3 مليون شخص إضافي، خلال الفترة بين عامي 2018 و2060.
وعندما يتقدم الناس في السن، فإن الحالات الطبية المزمنة، بدءا من هشاشة العظام وصولا إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، تصبح أكثر شيوعا، وبالنسبة للأنظمة الطبية في الكثير من البلدان، فإن وصف الأدوية هو الأسلوب المفضل لعلاج هذه الأمراض.
ووفقًا لتقرير صادر عن معهد لوين للأبحاث فإن 42 في المئة من جميع كبار السن في الولايات المتحدة يتناولون خمسة أدوية أو أكثر يوميًا، وتناول ما يقرب من 20 في المئة 10 عقاقير أو أكثر، وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، تضاعفت حالات الإفراط في تناول الأدوية ثلاث مرات في جميع أنحاء البلاد.
إن اعتماد صناعة الأدوية على تحقيق الأرباح قد يجعل الأطباء يصفون المزيد من الأدوية للمرضى، وفقًا لتحقيق أجرته غرفة "بروبابليكا" الأخبار.
وأفادت الغرفة بأن الأطباء الذين يتلقون أموالا مقابل وصف دواء معين يصفون هذا الدواء أكثر من الأطباء الذين لا يستفيدون مالياً.
وفي عام 2015، حصل نحو نصف الأطباء في الولايات المتحدة على مخصصات مالية من شركات الأدوية بلغ مجموعها 2.4 مليار دولار.
وثمة عامل آخر يساهم في تفاقم هذه المشكلة، وهو عدم وجود اتصال بين الأطباء المختلفين الذين يذهب إليهم المريض، وهو ما يؤدي إلى وصف أدوية من دون تواصل مناسب، وبالتالي، فإن ما يبدو أنه مرض جديد قد يكون في واقع الأمر أحد الآثار الجانبية لعقار ما.
تقول غريس لو ياو، اختصاصية وبائيات السرطان في جامعة توماس جيفرسون في فيلادلفيا: "كل الأطباء المتخصصين يركزون فقط على مجالاتهم".
وتتساءل : "أين هو الشخص الذي سيبحث عن التفاعلات المحتملة، أو يطالب المريض بوقف تناول بعض الأدوية؟"
وفي بعض الأحيان، يكون من الضروري وصف الكثير من الأدوية في وقت واحد فعلى سبيل المثال، لكي تساعد مريضا أصيب بنوبة قلبية على عدم الإصابة بها مرة أخرى، يمكن أن يشمل العلاج الأدوية التي تخفض نسبة الكوليسترول في الدم وتخفض ضغط الدم وتوقف خلايا الدم عن الالتصاق ببعضها بعضا.
لكن عندما تفوق مخاطر الأدوية فوائدها المحتملة، يصبح المرضى معرضين لعواقب صحية كبيرة، ففي كل يوم، يُنقل 750 شخصا من كبار السن إلى المستشفيات بسبب الآثار الجانبية الخطيرة للأدوية، بما في ذلك الإغماء وردود الفعل التحسسية والنزيف الداخلي.
ومع كل دواء إضافي يتناوله المريض، يزداد خطر حدوث رد فعل سلبي بنسبة تتراوح بين سبعة وعشرة في المئة.
آخر الأخبار