الإمام الشوكاني عندما كان قاضياً

محمد الفوزان

رُفِعت دعوى على أحد أعيان"بني حشيش"، بسبب سطوه على ارض جاره، فأرسل إليه القاضي الشوكاني إشعاراً بالحضور إلى مجلس القضاء عنده للفصل بينه وبين خصمه، فرفض الحضور، بل لَفّ ورقة الإشعار ببعض أغصان البرسيم وألقمها "البقرة"، وطرد الرسول من القرية فرجع الرسول ليخبر القاضي الشوكاني بِفِعلَةِ هذا الجار الفظ الغليظ،فما كان من الإمام الشوكاني إلاّ أن أرسل بدواة الحِبر تعبيراً عن استقالته من منصب القضاء، فوصلت إلى حاكم اليمن، وكان حينها في قرية ذَهبَان شمال مدينة صنعاء، في ضيافة أحد الأعيان هناك، فلما وصلت دواة الحِبر إليه؛ سأل عن سبب ترك القاضي الدواة ، فأبلغوه الخبر، فترك الحاكم مضيفه، وانطلق على جناح السرعة إلى بني حشيش في صنعاء ، وأمر بإرسال ثُلّة من الجنود مع المدفع الأصفر على الفور، وكان هذا المدفع أكبر مَدَافِع صنعاء يرمز لهيبة الدولة وقوتها، فلما وقف الجميع أمام بيت ذلك القبيلي، أمر الحاكم بضرب بيته بالمدفع حتى دكه، وأمر بذبح البقرة وإخراج معدتها، ثم أمر القبيلي أن يبحث في أمعاء البقرة عن الورقة وإخراج الإشعار من بين الفرث.
ثم أمر بإرسال القبيلي مصحوباً بالجنود ، ومُكبلاً بالقيود، إلى مجلس قاضي قضاة اليمن: محمد بن علي الشوكاني ذليلاً خاضعاً للأمر الشرعي !
ظل الإمام الشوكاني في منصب القضاء "41عاماً " لايخاف في الحق لومة لائم مطبّقاً للعدالة، ومنصفاً للمظلوم وفق شرع الله تبارك وتعالى في ربوع مملكة اليمن آنذاك .
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

إمام وخطيب
[email protected]