الجمعة 09 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الإمام الغجري... بين الخيال والفانتازية والخرافة

Time
الأربعاء 10 يونيو 2020
View
5
السياسة
يرصد الروائي السوداني عماد البليك الحالة الدينية وتأثيراتها في المجتمع ويأتي استخدام عملية تحضير الأرواح كتقنية سردية فنتازية وأسطورية إضافة مهمة لمشروع السرد واستشراف لعوالم أخرى تأثيرها على الواقع السوداني على وجه الخصوص.الرواية صادرة عن دار أطلس للنشر وتندرج تحت عالم البحث عن الغائب وأدب الخرافة ان صح القول،هذا النوع من عالم الأسطورة لايزال يلقي رواجا كبيرا بين الناس خصوصا في بعض المجتمعات في العالم الإسلامي.
(الإمام الغجري)، إذا رجعنا لأصل الغجر، فإنهم يعتقدون بأن البشرية أتت من ثلاثة أجداد، أبيض وهو جد الأوروبيين وأسود جد الأفارقة والثالث هو جد الغجر، وتذهب الأسطورة في أن جد الغجر أتى بفعل ما (قتل شقيقه) جعله هائما على وجهه وغير مستقر أبدا، لذلك كتب على أبنائه التنقل والترحال الابدييين، ومن هنا تأتي مفارقة عنوان الرواية فالإمام ذي الأصل الغجري صار إماما ملء السمع والبصر ومستقر في موطن أصبح ليس مواطنا بل إماما فيه، صاحب كلمة تتفاعل وتغير في تاريخ البلد وتؤثر على أحداثه السياسية والاجتماعية، أثناء حياة الإمام وبعد مماته كذلك، وهنا ثمة إشارات ودلالات تبين وتشير إلى سطحية عقول الشعوب التي تفتح ذاكرتها لأي زائر بل وتجعله إماما وتسلمه أمرها ويالها من شعوب مؤسطرة تؤسس السذاجة ذاكرتها!! احتوت الرواية على ستة إشارات، أربع منها داخلية واثنتان من خارج السودان. الإشارات تتضمن ردود أفعال مختلفة حول الرواية فتقرير لجنة المصنفات الأدبية والفنية في الخرطوم وصفها بأنها رواية (مثل الخمر تطرب وتسكر ولكن هي حرام) (وكذلك الحديث عن عن تحضير الأرواح وطقوس الزار ليس مقبولا بأي حال من الأحوال) وهنا الإشارة واضحة في محاولة تفتيت عقدة الوعي المتخيلة عند الجهات المناط بها نشر الوعي وهذه الإشارة لا تبعد كثيرا عن الواقع، وفي ذات المنحى يذهب خطاب الرقابة السودانية بمنع دخول أو تداول رواية الإمام الغجري داخل السودان وهذا الخطاب (ينفي وجود أي طقوس أو ممارسات خاطئة على أرض الواقع) كانت قد ذكرتها الرواية وهنا تكشف الإشارة جانب آخر من التفكير الأسطوري في جانبه الانكاري وتعميته للوقائع، ونفيه حتى لحيوات الخيال. والإشارة الأخرى الكاشفة هي بيان عائلة الإمام الغجري التي تؤمن بغيابه الملغز الذي امتد لعقود، وقد وصفت العائلة بأن الرواية حملت إساءة بالغة لعائلة الإمام بل وللإنسانية، وإن كان ما قام به الكاتب خيال محض لا يمت للواقع بصلة ولكنه خطير لما يمكن أن يثيره من الشبهات والظنون لدى ضعاف البشر.
جميع الإشارات المتعلقة بمكان الرواية وهي أربع إشارات يؤثر عليها التفكير الاسطوري أو الخرافي بشكل أو بآخر ولا يستثنى من ذلك عقول الأفراد العاديين أو المؤسسات التي تسير أمر البلد أو النخبة وهنا ملمح واضح لتمكن الاسطرة وتهويماتها على عقول الأفراد.
من التقنيات السردية المستخدمة في هذه الرواية هي عمليات تحضير الأرواح، حيث سيقوم الكاهن كابلوز أحد شخصيات الرواية بعمليات تحضير الأرواح واستنطاقها ومعرفة التفاصيل منها، وقد تم استدعاؤه بواسطة مجموعة من الحزب الذي كان الإمام الغجري رئيسه، وكذلك بإيعاز من نخبة الحزب فربما يفيد التجريب. وعمليات تحضير الأرواح تمت برضى تام من القادة العلمانيين والملحدين داخل المجلس الاستتشاري للحزب، دعك من رموزه الدينية التي تأسس عليها الحزب، وكل ذلك تحكيه الرواية في فصلها الأول(الروح الهائمة) وفصولها المتتابعة.
وبعد عناء م تحضير روح الصحفي التي كشفت الكثير عن التفاصيل التي جسدتها الرواية، فمن خلال تحضير الارواح تم الكشف عن الكثير من تفاصيل الأحداث والشخصيات بل صارت هذه الارواح كعدسة راصدة لا يكاد يفلت منها شيئ، تذهب في الزمن ماضيا وحاضرا.
عكست الأحداث المروية سيطرت الخرافة والاسطورة والتفكير غير المنطقي وبل وتسليم زمام الأمر لكاهن يسير بالعقول حيث يريد. وسيطرة الخرافة تشير إلى حالة المجتمعات فائقة البدائية والتي لم تكمل شروط انتقالها المدني، بل خلطت مقاماتها البدائية بالوسائل الحديثة التي وصلتها عن مجتمعات أخرى، فاستعارت عنها الشكل ولكن بقي المضمون كما هو، فالتحديث الفوقي لن ينتج استنارة ولن يسهم في تعافي الأوطان، لذا تغلف الخرافة بشكل بهيج يتمثل في إمام أو فكرة.
آخر الأخبار