الأحد 27 أبريل 2025
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الإمام الغزالي ... الفيلسوف المتصوف

Time
الأحد 03 مايو 2020
View
130
السياسة
إعداد - نسرين قاسم:

الإمام الغزالي، أحد أشهر علماء الدين الإسلامي، بلغ من العلم ما جعله يحظى بلقب "حُجة الإسلام" وأيضا "الفيلسوف المتصوف"، كما عُرف عنه حبه للفلسفة وعلم الكلام بجانب علوم الفقه والتصوف، ولهذا مرت حياته بمراحل مختلفة وأحيانا متباينة، فقد خاض في الفلسفة ثم رجع عنها؛ بل وردَّ عليه، وخاض كذلك في علم الكلام وأتقن أصوله وكتب فيه ثم رجع عنه بعد أن ظهر له فساده.

كان الإمام الغزالي متكلمًا يرد الحُجة بالحُجة في الفترة التي ردَّ فيها على الفلاسفة ولُقب حينها بلقب "حُجة الإسلام"، ثم إنه تراجع بعد ذلك عن علم الكلام واعتنق المذهب الباطني وأخذ بعلومه، ثم رجع عنه وأظهر بطلان عقائد الباطنية وتلاعبهم بالنصوص والأحكام، ثم عاد أدراجه إلى أهل التصوف.
مولده ونشأته هو أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي أو الإمام أبو حامد الغزالي، ولد بمدينة طوس في خراسان الواقعة بشمال إيران في عام 450 هجرية.
وقـــــــد نشــــأ فقيرًا وكان أبــــــوه يعمل في حرفة غزل الصــــوف، لكنه كان محبًا للعلــــــــم مقبلاً على الفقهاء والمتصوفــــين، مما زاده رغبة في تعليم وتأديب ولده فاوكـــــــل الى أحد أصدقــاءه قبل موته بعـــــــد أن دفع له المال الكافـــــــي بتعليــــــــــم الشيخ الغزالي. بالفعل اجتهد صديقه الصوفي في تنفيذ وصية والد "الغزالي" على أحسن وجه حتى نفذ المال الذي تركه والده فألحقه بمدرسة تكفل تعليم الطلاب بلا مقابل.
الطالب المجتهد تتلمذ الغزالي في شبابه على يد أستاذه أحمد بن محمد الرازكاني، وذلك بقراءته الفقهية البسيطة في بلدة طوس ثم انتقل في عام 473 هجري إلى عاصمة الدولة السلجوقية "نيسابور"، ومدينة العلم بعد ذلك بغداد والتحق في المدرسة النظامية وتلقى علم الكلام وعلوم أصول الفقه على يد إمام الحرمين الإمام أبي المعالي الجويني وبقي ملازمًا له.
اجتهـــــد الإمام أبو حامد الغزالي في علوم الفقه المذهـــــــب والأصول وحــــــاز على إعجاب كبير لذكائه وتعمقه في علوم شتى حتى قال عنه معلمه الشيخ الجويني واصفاً له "الغزالي بحر مغدق"، وذلك لتفوقه على زملاءه، وأصبح معيدًا وينوب عن أستاذه.
فقه الإمام لا يُنكر أحد ما بلغه أبو حامد الغزالي من العلم والحجة والذكاء المتوقد والعبقرية النادرة التي شهد بها خصومه قبل مريديه ومن ذلك ما قال عنه الذهبي: "الغزالي الشيخ الإمام البحر حُجة الإسلام أعجوبة الزمان زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي صاحب التصانيف والذكاء المفرط تَفَقَّه ببلده أولاً ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة فلازم إمام الحرمين فبرع في الفقه في مدة قريبة ومهر في الكلام والجدل حتى صار عين المناظرين".
فلسفتـــــه كان أبو حامد الغزالي مع علمه بالفقه والتصوف والكلام والأصول وميله إلى الزهد والعبادة فيلسوفًا مفكرًا، لكنه جعــــل الفلسفة في قالب التصوف وهو ما جعل أقرب أصحابه أبو بكر بن العربي يقول عنه: "شيخنا أبو حامد دخل في بطن الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر وقد حكي عنه من القول بمذاهب الباطنية ما يوجد تصديق ذلك في كتبه".
كما أن "الغزالي" –رحمه الله– رجع في آخر حياته عن الفلسفة والتنظير واستقر على منهج أهل السنة والجماعة، وذم الفلاسفة والمتكلمين وأوصى الأمة بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلــم والعمل بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإن نظرة إلى كتابه المسمى إلجام العوام عن علم الكلام، ليثبت لنا حقيقة هذا التغيُّر".
مؤلفاته اشتهر الغزالي بواسع معرفته وغزارة علمه ومقدرته العالية على التأليف والكتابة المتواصلة، وتقدر مجموع مؤلفاته ما بين كتاب أو رسالة بحوالي 457 كتابًا ومصنفًا.
وعلى الرغم من فقدان معظمها لا يزال الكثير منها مخطوطًا ومحفوظًا، ومن أهمها: "المنخول في أصول الفقه، والتعليقة في فروع المذهب، والبسيط في فروع المذهب، وإحياء علوم الدين، والمستصفى في علم الأصول، والمنقذ من الضلال، ومنهاج العابدين في الزهد والأخلاق والعبادات، وإلجام العوام عن علم الكلام".
والواضح من تعدد موضوعاته وكثرة علومه أنه كان موسوعة كبرى تبحر وكتب في مجالات شتى أبقت لنا الكثير عنه بعد وفاته يرحمه الله.
آخر الأخبار