الأخيرة
الاستثمار في التعليم الجيد
الأربعاء 26 سبتمبر 2018
5
السياسة
محمد الفوزاندخل القاعة لتكريمه بعد عودته من الخارج بعد غياب أكثر من 15 عاما ، هو كبير استشاريي أمراض القلب هناك ، وعند مدخل القاعة استوقفه منظر بائع جرائد كبير في السن يفرش جرائده عند مدخل القاعة ، فتذكر ملامحه المحفورة في ذهنه ، واستمر في المشي ودخل القاعة وجلس سارحاً مع بائع الجرائد الذي للتوّ رآه ، وعندما نودي على اسمه في فقرة التكريم لتوشيحه بالوشاح ، قام من مكانه ، ولكن لم يتوجه الى المنصة بل توجه الى خارج القاعة والكل ينظر اليه في ذهول ، والنظرات تتابعه ، فذهب مسافة ووضع يده على بائع الصحف وأمسك بيده ، خاف البائع وقال له : خليني يا ابني والله ماحفرش الجرائد هنا تاني . قال : أنت أصلا مش حتفرش الجرائد مرّة أخرى ، بس تعال معاي .وظل البائع يقاوم بيد مرتجفة ، وكان الدكتور يمسك بيد البائع بكل قوته ، وهو يقوده الى القاعة ، ولاحظ البائع ان عيني الدكتور تدمعان ، فقال له : مالك يا ابني ؟ ولم يتكلم الدكتور وقاد البائع حتى المنصة ، والكل ينظر اليه في دهشة ، وعلى المنصة دخل الدكتور في بكاء شديد وأخذ يعانق الرجل ويقبل رأسه ويده ، ثم قال للبائع : أنت ما عرفتني يا أستاذ خليل ؟ ردَّ عليه : لا والله العتب على النظر ياولدي ، قال له : أنا تلميذك ضياء الدين محمد في مدرسة حنتوب الابتدائية سنة 1966 ، ونظر البائع الى الدكتور واحتضنه ، وقام الدكتور وأخذ الوشاح ووشح به الأستاذ وقال : هو من يستحق التكريم والله ما ضعنا وتخلفنا وعمّنا الجهل إلا بعد إذلالنا لهم وإضاعة حقوقهم وعدم احترامهم وتقديرهم بما يليق بمقامهم وبرسالتهم السامية .فإلى أستاذي ومعلّمي ... شكراً لك .رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال: "قم للمعلم وفِّه التبجيلاكاد المعلّم أن يكون رسولا" سأل أحد الصحافيين مؤسس سنغافورة لي كوان: ماهو الفرق بين سنغافورة ودول العالم الثالث الآسيوية ؟ أجاب: الفرق هو أننا نبني المكتبات ودور البحث العلمي، ونصرف موارد الدولة على التعليم، وهم يصرفونها على شراء السلاح، نحن نحارب الفساد من قمة الهرم، وهم يمسكون اللصوص الصغار ولايقتربون من المفسدين الكبار.