الاقتصادية
الاقتصاد الأميركي في أزمة ضخمة ... كيف سيكون شكل الركود القادم؟
الاثنين 27 يونيو 2022
5
السياسة
"عندما تعطس أمريكا، فإن العالم يصاب بالبرد"، قاعدة يحفظها خبراء الاقتصاد ويرددونها عن ظهر قلب.فالأنظار دومًا في أي أزمة اقتصادية تتجه إلى أكبر اقتصاد في العالم، بينما ينتاب الخوف المتابعين من المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي في ظل حالة ضبابية لم يشهدها العالم ربما منذ الحرب العالمية الثانية.الحقائق تفرض نفسها أولًا، فالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يبلغ 20 تريليون دولار وللمقارنة فإن الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد عالمي لا يزيد الناتج المحلي الإجمالي لها على 14 تريليون دولار، كما أن الهند على سبيل المثال وهي إحدى أسرع الاقتصادات نموًا على مستوى العالم يبلغ ناتجها المحلي نحو 3.2 تريليون دولار فقط.باتت التحذيرات من الركود أمرًا شبه يومي نطالعه في وسائل الإعلام يوميًا ويتردد على ألسنة بنوك الاستثمار وحتى الرؤساء التنفيذيين للشركات وعلى الرغم من خروج المسؤولين الأمريكيين بدءًا من "جانيت يلين" وزيرة الخزانة وحتى الرئيس الأمريكي "جو بايدن" شخصيًا لنفي حتمية وقوع الاقتصاد في براثن الركود إلا أن الشكوك تتزايد حيال قدرة الاقتصاد على مواصلة النمو.بشكل مبدئي، فإن الركود من الناحية الفنية هو أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما انكماشًا بدلًا من النمو لربعي سنة متتاليين.لكن ثمة استثناءات، فالركود الناجم عن جائحة كورونا استمر شهرين فقط، ليسجل أقصر دورة على الإطلاق.وهناك منهجيات لتعريف الركود منها قاعدة "سام" المستندة إلى التوظيف والمسماة نسبة إلى الخبيرة السابقة لدى البنك الفيدرالي الأمريكي "كلوديا سام" التي ابتكرتها لكي تبرز بدء الركود بوتيرة أسرع مما يراه المسؤولون الرسميون.ترى "كلوديا" أن القاعدة تنص على أنه حين يرتفع المتوسط المتحرك لمعدل البطالة لفترة ثلاثة أشهر نصف نقطة مئوية من أدنى مستوياته، فإن الاقتصاد يكون قد دخل في ركود.يرى الخبراء أيضًا أن الركود قد يأتي في أشكال متعددة، فقد يكون عميقًا لكن سريعًا، مثل ركود الجائحة الذي استمر شهرين لكنه أهدر 22 مليون وظيفة ودفع معدل البطالة ليقفز إلى 14.7 بالمائة لوقت وجيز.كما أنه يمكن أن يكون عميقًا ومخيفًا، مثل الركود الكبير أو الكساد ويستغرق عقودًا أو أكثر لسوق العمل كي تتعافى.كما أشار الخبراء والمحللون مؤخرًا إلى أن الولايات المتحدة ربما تتجه إلى "ركود سطحي" وفيه ينكمش الاقتصاد بوتيرة هامشية فحسب ولفترة محدودة.وعلى الرغم من اختلاف أشكال الركود، فإن خبراء يرون أن الاقتصاد الأمريكي شهد نمطين رئيسيين من الركود منذ الحرب العالمية الثانية.الأول هو الركود النمطي، حيث يشهد الاقتصاد حالة من النشاط المحموم، مما يقود إلى ارتفاع التضخم. وبالطبع يدفع هذا مجلس الاحتياطي إلى زيادة أسعار الفائدة مما يعرقل الطلب كوسيلة لمكافحة التضخم ويعقب ذلك الركود، وهذا النوع هو الأكثر شيوعًا في تاريخ ما بعد الحرب في الولايات المتحدة.أما النوع الثاني وهو الأخطر فهو ما يطلق عليه ركود الميزانية، والذي يحدث حين تنشأ فقاعة ديون، مما يؤدي إلى إنفاق الأسر والمستهلكين قدرًا كبيرًا من دخلهم لسداد الديون عوضًا عن تحفيز النشاط الاقتصاد، وعادة ما يؤدي هذا الركود إلى دورة من تباطؤ الركود وبطالة ضخمة.ويعتقد خبراء بأن النوع النمطي من الركود هو ما تتجه إليه الولايات المتحدة حاليًا؛ فالأوضاع اختلفت عما كان عليه الوضع في 2008 على سبيل المثال كثيرًا؛ ففي 2008، نشأت فقاعة ديون نتيجة أن المستهلكين كانوا يقترضون الأموال لشراء منازل لم يكونوا يملكون بالفعل القدرة على حيازتها.ويرى خبراء أن مرونة الاقتصاد الحقيقي ربما تمثل خط الدفاع الأول في فترة الانكماش، وهنا فإن السكان في وضع مالي مقبول، في تغيير يحظى بالترحيب تحولًا من مستهلكين مفرطين في الماضي. فوفقا للإحصاءات فإن ديون الأسر تعادل نحو 75 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا من 100 بالمائة عشية الأزمة المالية العالمية في الفترة من 2007-2009. كما أن لدى الأمريكيين مدخرات فائضة بنحو تريليوني دولار مقارنة مع فترة ما قبل كوفيد. وبدأ الأمريكيون يستخدمون بعض هذه السيولة مع ارتفاع تكاليف المعيشة لكنهم ما زالوا يحتفظون باحتياطي مفيد.