الاقتصادية
الاقتصاد العالمي يرتعد..."كورونا "يهدد التوريدات الدولية للمواد الخام
الأربعاء 26 فبراير 2020
5
السياسة
في عام 2003 عندما ضرب فيروس "سارس" الصين لم يتأثر الاقتصاد العالمي تماماً بل على العكس شهد نمواً ملحوظاً. فما الذي اختلف في العقدين السابقين ليجعل موجة فيروس كورونا تضرب الاقتصاد العالمي في مقتل؟بات يتضح جلياً للعالم الأثر الصيني على الإنتاج والإستهلاك العالميين، والذي زحف من آسيا إلى أوروبا وأمريكا الشمالية وغيرهم من دول العالم. يعتمد المصنعون حول العالم بشكل كبير على المواد الخام اللازمة للتصنيع التي يحصلون عليها من الصين. وخلال العقدين الماضيين ارتفعت نسبة مساهمة الصين في التجارة العالمية من 1.2% في عام 2000 إلى 34% في 2018. الخوف المتزايد من العدوى وارتفاع عدد الوفيات والتزام العمال الصينين لمنازلهم يؤثر بشكل قوى على عملية الإنتاج ليس في الصين فقط ولكن عالمياً أيضاً. ففي الولايات المتحدة أبدت شركة "جنرال موتورز" قلقها نتيجة لعدم وصول قطع الغيار المصنوعة في الصين وهو ما يهدد بتوقف خطوط التجميع والإنتاج في كل من "ميتشجان" و"تكساس"، ولكن الشركة تحاول تقليل المخاطر الناتجة عن هذا الوضع.الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط، ففي بنجلاديش يقول "مصطفى عز الدين" وهو صاحب مصنع ملابس إنه لم يستطع الوفاء بمواعيد التسليم الخاصة به نتيجة عدم توافر المواد الخام المستوردة من الصين ويضيف "أنا انتطر فليس لدى حل أخر".فبعد شهر من استمرار تفشى المرض في عدة مدن، لاتزال المصانع الصينية مغلقة مما دفع بعض الاقتصاديين إلى التحذير من أن استمرار إغلاق تلك المصانع سوف يكلف الصناعة العالمية خسائر تصل إلى تريليون دولار. كما تأثرت شركة "هيونداى موتورز" الكورية بالسلب نتيجة الفيروس حيث اضطرت إلى إغلاق عدد من مصانعها في الصين والذى أدى بدوره الى إغلاق خط التجميع الخاص بالشركة في مدينة أولسان الكورية نتيجة عدم وصول الاجزاء المصنعة بالصين. الأكثر من ذلك هو أن ثاني أكبر شركة نقل جوى بكوريا الجنوبية قامت بإعطاء موظفيها والبالغ عددهم 10500 موظف إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة عشرة ايام بداية من الاربعاء.كانت صناعة الإلكترونيات واحدة من الصناعات التي تأثرت من انتشار الفيروس أيضاً حيث انخفضت الصادرات الإلكترونية الصينية. فعلى سبيل المثال قامت شركة ألعاب الفيديو اليابانية الشهيرة "نينتندو" بتأخير تسليم عدة شحنات نتيجة عدم وصول القطع اللازمة للتصنيع من الصين. وعلى إثر تباطؤ تصنيع الإلكترونيات في الصين فمن المتوقع انخفاض واردات الأخيرة من المواد الخام من اليابان بنسبة 7% خلال الربع القادم. وبدورها توقعت شركة آبل انخفاض عائداتها المتوقعة خلال الربع الحالي نتيجة إغلاق مصانعها في الصين.على مدارالعاميين الماضيين وقعت مناوشات بين الولايات المتحدة والصين حول معاملاتهم التجارية إلا أن أثار تلك المناوشات على الاقتصاد العالمي لم تكن بقوة تأثير انتشار فيروس كورونا الذي قضى على حياة أكثر من ألفي شخص في الصين وحدها.فالصين تساهم بثلثي معدلات النمو العالمي، كما أن الدولة الآسيوية التي تعتمد عليها عدة دول في حلقة أو اكثر من حلقات سلاسل القيمة الخاصة بها وخاصة في آسيا تساهم بثلث نصيب القارة من الاقتصاد العالمي. كما وصلت الصادرات الفيتنامية الصينية إلى ادني معدلاتها منذ بداية الصراع الأمريكي الصيني حيث تعتمد الصناعات الفيتنامية بما في ذلك الحديد الآثاث على الواردات الصينية. وتصدر فيتنام إنتاجها الصناعي للولايات المتحدة وعدد من دول العالم المتقدم. وقد أوضحت الغرفة التجارية الامريكية في فيتنام أن أكثر من 50% من المصنعين يواجهون صعوبات في الحصول على المواد الخام اللازمة للتصنيع من الصين.تعتمد الصين بشكل كبير على أستراليا في تأمين احتياجاتها من الفحم والحديد اللازمة للعملية الإنتاجية. وفي العام الماضي استحوذت الصين على أكثر من 40% من الصادرات الأسترالية. من جهتها قالت شركة التعدين الأسترالية "بي اتش بي بيلتون" إنها قد تعدل توقعاتها لنمو الطلب على السلع بالخفض إذا لم تتم السيطرة على الفيروس قبل نهاية مارس 2020.