القاهرة - علا نجيب:بات الاكتئاب ضمن مشكلات العصر بل أخطرها على الإطلاق خاصة مع تزايد حالات الانتحار، ليتحول إلى شبح صامت يعيش في الخفاء ويصعب اكتشاف أعراضه. وذكرت، احصائية أصدرتها منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 350 مليون شخص على مستوى العالم مصابون بالاكتئاب، وكانت نسبة السيدات الأكثر إصابة به مقارنة بالرجال لحساسيتهن وعدم القدرة على مجابهة الواقع في الكثير من الأحيان.حول الآثار المرعبة للاكتئاب نشر أستاذ الطب النفسي الدكتور محمد غانم كتابه "الاكتئاب والأمراض النفسية"، سرد فيه أسباب الإصابة وطرق الوقاية، كما تطرق إلى بعض الشخصيات التي تسبب الكثير من المتاعب للآخرين.وأشار غانم في حوار لـ"السياسة" إلى أن الاكتئاب يختلف عن القلق ويعد بعبع العصر إذ يجتاح الكثير من سكان العالم، لافتا إلى أن ثمة دراسات كشفت أنه يحدث نتيجة اختلال وعدم توازن في المواد الكيمائية الموجودة بالمخ والجسم، ونقص في إفراز مادة السيروتين المسؤولة عن الشعور بالسعادة وأن النساء الأكثرعرضة للاكتئاب، فيما يعد التعرض لأشعة الشمس أو ما يعرف بـ"العلاج بالضوء" درع واقية من الاصابة، وفيما يلي التفاصيل:ما الاكتئاب؟مرض بل بعبع هذا العصر، يصيب الكثير من سكان الكرة الأرضية، يعرف بأنه اضطراب في المزاج ويصبح طوال الوقت منخفضا ما يسبب شعورا متواصلا بالحزن وفقدان الإحساس بالسعادة، يصاحبه مجموعة من المشاعر السلبية، مثل، الشعور بالذنب، عدم تقدير الذات، نقص في التركيز، الأرق، ارتفاع ضغط الدم، المؤسف أن يكون الانتحار نتيجة طبيعية للشعور بالاكتئاب الحاد إذ يعتقد المريض أن التخلص من حياته هو السبيل الأنسب لإنهاء هذه المشاعر.كيف نفرق بينه وبين الأمراض النفسية الأخرى؟يختلف الاكتئاب عن اضطرابات القلق، فالقلق شعور ناتج عن التوتر وتشتت الأفكار، تصاحبه تغيرات جسدية "ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الأدرينالين بالجسم"، ويشعر به الفرد عند المرور بموقف معين، لذا تكون أعراضه غالبا اضطرابات عارضة وغير مستمرة، لكن فى حال الشعور بها عند المرور بمواقف عادية لا تستلزم الشعور بالقلق فإنها تتحول لمرض نفسي، "اضطراب الهلع، والقلق الاجتماعي، والوسواس القهري، وغيرها" أما الاكتئاب فتستمر أعراضه لمدة تزيد على الأسبوعين.ماذا عن الفصام؟مرض عقلي يؤثر على حواس وتفكير الشخص، ويعرضه للكثير من الهلاوس السمعية والبصرية، كما يؤثر أيضا على مهاراته وقدراته فيتخيل أفكارا وتوهمات خطأ ليس لها علاقة بالواقع، لكنه الوحيد الذي يعتقد أنها صحيحة فيصبح منعزلا عن مجتمعه ويعيش حياة من نسج خياله.لماذا يحدث الاكتئاب؟توصلت بعض الدراسات إلى أنه يحدث نتيجة اختلال وعدم توازن المواد الكيمائية الموجودة بالمخ والجسم، ونقص في إفراز مادة السيروتين المسؤولة عن الشعور بالسعادة.ذبذبات مزاجيةما أعراضه؟يشعر المريض بانعدام الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة، ويظل حبيس غرفته لمدة تزيد على الأسبوعين مع فقدان في الشهية، والعكس صحيح، فمن الممكن أن يشعر بالنهم والرغبة في تناول الطعام طوال الوقت مع سرعة الإجهاد، وقلة تقدير الذات مع الرغبة في الانزواء بعيدا عن الأعين، وتوقف حياته اجتماعيا وعمليا، والزهد في ممارسة مسؤولياته، وعادة ما يشعر كل فرد بواحدة من تلك الأعراض لمدة يوم أو يومين وهو ما يعرف باسم "ذبذبات مزاجية"، لكنها سرعان ما تزول إذا قضى وقتا لطيفا مع أصدقائه أو مارس نشاطا محببا إليه.ما أنواعه؟تختلف أنواع الاكتئاب وفقا لحدة المرض، وأهمها الحاد الذي تشتد حدة أعراضه في الحزن الشديد وقلة الطاقة مع صعوبة التركيز، والمصابون به عادة ما يفكرون جديا فى الانتحار، وبعضهم ينفذه فعلا، أما الاكتئاب الخفيف أو الجزئي فيستمر لمدة قصيرة، ويعد العلاج الكلامي هو الحل الأنسب في تلك الحالة، كما يوجد اكتئاب ما بعد الولادة الذي تعاني منه 85 بالمئة من الأمهات بعد ولادة أطفاله، ومن أعراضه، الشعور بالوحدة والخوف من إيذاء الطفل والبكاء المستمر، وتستمر فترة الإصابة به عدة أسابيع وتبقى شهورا بعد الولادة، كذلك اكتئاب أو اضطراب ما قبل الحيض الذي تصاب به النساء قبل موعد الدورة الشهرية ويؤثر على كفاءتها في العمل وعلاقاتها الاجتماعية.السيدات أم الرجال الأكثر عرضة للإصابة؟تصاب النساء بالاكتئاب أكثر من الرجال في جميع دول العالم نتيجة الأسباب البيولوجية الناجمة عن التغيرات الهرمونية التي يمكن أن تصاحبها تغيرات في الهرمونات العصبية "الدوبامين والسيروتين والأدرينالين"، وتظهر تلك التغيرات أثناء الحمل، وقت الدورة الشهرية، وأثناء انقطاع الطمث، فتسبب اكتئابا للمرأة، بسبب الضغوط الاجتماعية، والمسؤوليات، وتضييق المجتمع الخناق عليها ومنعها من الشعور بحريتهن الاجتماعية مثل الرجال، كما توجد أسباب سيكولوجية، فالله تعالى خلق المرأة كائنا مرهفا تتأثر بالمؤثرات الخارجية التي تصيبها بالضيق والحزن.
اكتئاب المراهقينماذا عن نسب إصابة المراهقين؟أظهرت الإحصاءات والدراسات أن اكتئاب المراهقين أصبح مشكلة شائعة فنحو 20 في المئة من مراهقي الولايات المتحدة أصيبوا به قبل بلوغهم سن الرشد و5 في المئة يعانون من الاكتئاب الشديد في أوقات معينة، أما من يعيشون داخل بيئات اجتماعية وأسرية مذبذبة فهم أكثر عرضه له، وبخاصة من يعانون من عدم وجود علاقات قوية مع الأبوين، إذ يفقدون الثقة في أنفسهم، ويميلون إلى العزلة والشعور بالاغتراب، ويكونون أكثر عرضة لتعاطي الكحول والمخدرات، وضعف الأداء المدرسي،لذا يتعرضون لخطر الانتحار.ما دور الأبوين في حماية أولادهما من المرض؟لا بد من الاعتراف أن الاكتئاب قد يصيب الأبناء في تلك المرحلة، خاصة أن أغلب الأهل ينكرون إمكانية تعرض الأبناء له في هذه السن، فكلما أدركوا ذلك، كلما كان من السهل مساندة المراهقين وتشجيعهم على التعافي، لذا لا بد من امتداح مهاراتهم ومواهبهم التي يتمتعون بها، مع تشجيعهم المستمر على المشاركة في الأنشطة الرياضية والفنية، إذ ثبت علميا أن النشاط البدني يقلل من الشعور بالاكتئاب، مع أهمية تقديم الدعم النفسي واحترام مشاعرهم والاستماع إليهم جيدا وإبداء الاهتمام بمشكلاتهم، تخصيص وقت كل يوم للتحدث إليهم لعدم شعورهم بالعزلة وحل المشكلات التي قد تكون بوابة الإصابة، ما يعني حمايتهم من أعراض المرض.الاكتشاف المبكرهل الاكتشاف المبكر للمرض يفيد في العلاج؟بالطبع، فإن المرحلة الأولية لعلاج الاكتئاب تتضمن تقديم الدعم النفسي والمؤازرة من قبل الأهل والأصدقاء ومع مرور الوقت إذا لم يتم العلاج فانه يتحول من اكتئاب جسيم إلى اضطرابات نفسية أخرى، مثل الهلاوس السمعية والبصرية أو القلق المبالغ، الأمر الذي يؤدي إلى محاولات جادة للانتحار.هل تعي المجتمعات العربية انعكاسات المرض على الأبناء؟كلما تجاهل الآباء المرض وأنكروه فان يتفاقم، ويجعل الأبناء يفقدون الثقة في الآباء الذين صمام الأمان بالنسبة لهم، بالتالي سوف يعزفون عن الخروج للمجتمع وتفضيل العزلة مما يصعب من مهمة العلاج.الدعم النفسيكيف تتم رحلة التعافي؟يعتمد علاج الاكتئاب على جلسات العلاج النفسي والجلسات الطبية العلاجية،أشدها على الإطلاق، والصعق بالكهرباء للمرضى الأكثر خطورة، كما تختلف رحلة العلاج حسب درجة الإصابة، فالبسيطة لا تحتاج سوى لجلسات كلامية علاجية تعرف باسم "السلوك المعرفي"، أما المتوسط فيتضمن بعض الجلسات مع تناول أدوية بعينها بجرعات بسيطة، بينما يحتاج المزمن لجرعات مكثفة من الأدوية، فإذا حاول الانتحار فان جلسات الكهرباء تعد الأنفع على الإطلاق وفيها لا يشعر المريض بأي ألم.هــــل يعد الدعم النفســــي من الأهل والأصدقاء علاجا فعالا للمرضي؟وجد الأطباء النفسيون أن تأثير الأسرة والأهل على مريض الاكتئاب كبير جدا ويحميه من الدخول في مراحله المتأخرة إذا دعموا ثقته بنفسه ومنحوه شعورا بالأمان، لذا فعلى الأسرة والأصدقاء أن لا يشعروه بوحدته أو يعطوه فرصة لينعزل عنهم، فيشاركوه في أنشطته الرياضية والاجتماعية، التحدث معه، وتركه يعبر عن مشاعره بأريحية دون خوف أو قيود، عليهم أن يحترموا مشاعره السلبية ولا يأخذوها بمحمل السخط أو التأنيب.الوقاية الذاتيةكيف يستطيع الفرد وقاية نفسه؟التخطيط الجيد، وتنظيم الأمور والعمل الذي يستطيع الفرد تأديتها، إذ لم يستطع فعليه بذل المحاولة مرة أخرى دون الشعور باليأس أو الاستسلام، والحصول على القدر الكافي من النوم، وتجنب الشعور بالأرق لسلامة الصحة البدنية والنفسية، وممارسة تمرينات التحكم في الأعصاب، والابتعاد عن مثيرات الغضب، وتجنب تناول الكحوليات والعقاقير المهدئة خاصة في بدايات الاكتئاب لأنه يسبب أثارا من الصعب علاجها لاحقا، كما تعمل الرياضة على التخلص من المرض إذ تجعل الجسم يفرز الأندروفين والدوبامين المضادة للإحباط، فيحسنان من المزاج ويقيان من القلق.هل توجد علاقة بين التغيرات الموسمية والاكتئاب خصوصا فصل الشتاء؟هناك أشخاص لديهم حساسية من تغيرات الطقس، خصوصا فصل الشتاء، وغالبا ما يبدأ مع نهاية فصل الخريف حتى انتهاء الشتاء بسبب غياب أشعة الشمس الدافئة، فيشعر بكسل وخمول، وتغيرات في الشهية، وميل لتناول أطعمة غنية بالكربوهيدرات، ما يعرضهم لزيادة الوزن.