الثلاثاء 24 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الاكتئاب يصيب 30 في المئة من سكان الدول العربية

Time
الثلاثاء 17 سبتمبر 2019
View
5
السياسة
ليس كل حزين مكتئباً وجميع الأنواع لها علاجات

الاكتئاب الوراثي يحتاج إلى أدوية ومحسنات المزاج

هناك أسباب وراثية وبعض الأسر تهرب من مواجهته

كبار السن الأكثر إصابة بسبب الفقد والتهميش


القاهرة - نورة حافظ:

كشف بحث أجرته شبكة البارومتر العربي البحثية لصالح هيئة الإذاعة البريطانية أن الاكتئاب يصيب 30 في المئة من سكان الدول العربية، الأمر الذي أصاب الكثيرين بالخوف والرعب من الوقوع في دائرة المرض لا سيما أن المعنى العلمي الدقيق له غائب، بصورة أدت إلى فتح المجال للخلط بينه وبين أمراض أو أعراض غير مرضية أخرى كالحزن مثلا.
حول أسباب، وأعراض الاكتئاب الفئات العمرية الأكثر إصابة به وطرق الوقاية العلاج أكد عدد من الأطباء والمختصين في لقاءات مع "السياسة" أن "الاكتئاب له أنواع كثيرة أبرزها الاكتئاب الجسيم وهو يصيب مختلف الاعمار لاسيما الاطفال الذين انفصل والديهم بسبب الطلاق إلا أن الشريحة العمرية التى تبدأ من الستين وما فوقها هي الأكثر عرضة للمرض النفسى لأنهم يمرون بمراحل عديدة من التغيرات، وفيما يلي التفاصيل:


بداية، أكد مدرس الطب النفسي الدكتور محمد حسام أن الاكتئاب له أنواع كثيرة أبرزها "الاكتئاب الجسيم"، والمصاب به يعاني دائما أو معظم الوقت من مزاج اكتئابى أو حزين، فتقل شهيته تدريجيا، ويؤدي كل شيء بصعوبة ووقت أطول من اللازم، يهاجمه الأرق، وقد يصحو مبكرا عن موعده الطبيعي، ويشعر بالإرهاق الشديد طوال الوقت، ليس لديه دافع أو حافز على الاستمرار فيما كان يقوم به سابقا.
وأضاف: يعاني المرضى من ضعف التركيز، ويصل الأمر بالبعض منهم إلى التفكير في الموت أو الانتحار، لكن عندما تسبقه صدمة نفسية أو ضغوط نفسية كبيرة هنا يتغير الاسم إلى "اكتئاب تفاعلي"، فإذا تخللت الأعراض الاكتئابية أعراض "الهوس"، وأصبح المريض لديه نشاط كبير جدا، وأفكار متطايرة، ينفق أموالا كبيرة بدون داع، ويتغير الاكتئاب إلى "اكتئاب وجدانى ثنائى القطب".
وتابع: إذا تخللت أعراض الاكتئاب بعض الأعراض الفصامية أى الهواجس أو الضلالات، مثل الهلاوس السمعية أو البصرية، كأن يعتقد المريض أن هناك من يراقبه، ساعتها يشخص بأنه "اكتئاب فصامي"، كل ذلك يشرح لماذا نسميه اكتئابا؟ لافتا إلى وجود "الاكتئاب الموسمي"، الذي يظهر في موسم معين، تكون ذروته في الشتاء، خاصة عند النساء، ويزول بعد انقضاء الموسم، مؤكدا أن جميع الأنواع لها علاجات، لكن المهم هو التشخيص للبدء بالعلاج، مع الأخذ في الحسبان أن ليس كل حزين مكتئب ما لم يتبع الحزن أعراض اكتئابية.

اكتئاب الاطفال
من جهتها، ذكرت أستاذ الطب النفسي الدكتورة هبة العيسوي، أن الاكتئاب رغم ثقله وحساسيته يجب أن نناقشه كمرض موجود في قواميس الطب النفسي منذ 60 سنة، خاصة أن بعض الأسر تهرب من مواجهة المشاكل النفسية للصغار خوفا من اتهامهم بالتقصير، مشيرة إلى أن الأبحاث أكدت أن في المرحلة العمرية من 5- 12 يصاب من 1- 2 في المئة بالاكتئاب، كذلك فالأطفال الذين يتعرضون لحرمان حسي عاطفي، كأن ينفصل الطفل فجأة عن أمه بسبب الطلاق، أو الوفاة، أو توقف الرضاعة فجأة، في أول سنتين- سن الرضاع- فهم يصابون بالاكتئاب مصحوبا بأعراض الهياج و البكاء المستمر وبعض حركات لليد، لذلك يجب في حالة اضطرار الأم إلى الانفصال عن الأب أن تضع البديل أولا، مثل التواجد المستمر للجدة، وتعويد الطفل عليها كتمهيد لانفصاله عن أبيه، كما يمكن الوقاية من المرض مبكرا منذ وجود الطفل في أحشاء الأم لأنه يشعر بنبضها.
وأشارت إلى أن الأبحاث الحديثة أثبت أن الطفل عندما يتعرض لهذا الأمان في حياته أول سنتين يصبح أكثر ذكاء، لأن إحساسه بالأمان ينشط خلايا الدماغ وينمى حواسه، أما السن من 5- 12 فأعراض الاكتئاب تكون واضحة جدا، اذ يتغير نمط الحياة تماما، فإذا كان يحب الرياضة يتوقف فجأة، وتحمل مفرداته الأسى، والحزن، وعدم تقدير الذات، وغالبا أسبابه تكون وراثية، وقد تكون اجتماعية، فعندما يغير الطفل مسكنه أو مدرسته ويهجر أصحابه وجيرانه، يصبح عرضة للاكتئاب، لذا يجب على الأسرة أن تمهد له قبل كل قرار، لأنها دون أن تدري تثقل كثيرا على الطفل، وتحول حياته إلى جملتين، "أفعل ولا تفعل"، مع عدم تشجيعه بكلمات إيجابية، والتوبيخ المستمر والمقارنات مع الآخرين، وعدم تقدير مواهبه وتطلعاته، لذا يجب دعمه حتى لا يصاب بالإحباط، تشجيعه على عدم الاعتماد الكامل على الأب والأم لأن ذلك يضيع عليهم فرص التجربة والتعلم الذي يتم بالصواب والخطأ.
وأوضحت أن سلوك الأسرة إذا كان يشوبه الاكتئاب فإنه يؤثر على سلوك الطفل ومزاجه، مع الأخذ في الحسبان أن الوقاية تعد العامل الحاسم ضد الإصابة به، مع ضرورة تعاون المدرسة مع الأسر ومراعاة ظروف الطفل المريض وأنها مرحلة عارضة وتنتهي بالشفاء.

مراحل عديدة
بدوره، أكد أستاذ الامراض النفسية والمخ والأعصاب الدكتور محمد السيد، أن الشريحة العمرية التى تبدأ من الستين وما فوقها، تمثل الشريحة الأكثر عرضة للمرض النفسى لأنهم يمرون بمراحل كثيرة من التغيرات، مثل، فقد عزيز، أو ترك العمل، أو تغيير محل الإقامة، والعيش مع من يرعاهم، وتغير المستوى المادي مما يسمى بالفقدان، فقدان القدرة على اتخاذ القرار،التهميش.
ولفت إلى أن الصورة الذهنية عن كبار السن أنهم عبء على أسرهم، ويحتاجون إلى رعاية، تفرض عليهم شكلا من أشكال العزلة، حتى مع قدرتهم على العطاء والتعاطي مع البيئة، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالقلق، الاضطراب الوجداني، الاكتئاب الشديد، أكثر من الاكتئاب الذي يصيب الشباب.
وأضاف: تتمثل أعراض الاكتئاب في تراجع الشهية، وقلة عدد ساعات النوم، والانعزال، وضعف التركيز، وضعف القدرات الذهنية، تراجع النشاط اليومى الذي أعتاده المسن، ورغم أنها قد تبدو أعراض جسمانية، لكنها في الحقيقة هي أعراض نفسجسمية، لذا يجب البدء في الدعم الأسرى قبل الذهاب إلى الطبيب الذى يأتى دوره ومشورته للتعامل السليم معهم وبخاصة أن تركهم بلا علاج يؤثر سلبا على الهرمونات واستجابته للأدوية.

السمنة والنوم
من جانبه، أكد أستاذ الطب النفسي الدكتور سمير أبو المجد أن 2-5 في المئة من النساء يصبن بالاكتئاب الذي يعد أكثر الأمراض شيوعا لديهن، فتشعر المريضة بانقباض في الصدر مع إحساس بالخوف، عدم التركيز،واضطراب في ساعات النوم بالزيادة أو النقصان عن المعدلات المناسبة، واضطراب الشهية، زيادة الوزن التى تفقد المرأة ثقتها بنفسها وتعقد حركتها.
وذكر أن الدراسات كشفت أن المرض يزيد عند المرأة في الشتاء، فمع قلة أشعة الشمس التى تدخل العين ينخفض إفراز مادة "السيروتونين" في المخ، مصحوبا بأعراض جسمانية كثيرة تتمثل في صعوبات البلع والهضم، مشكلات في العظام، أوجاع في الرقبة والركبتين، صعوبة المشى، الإحساس بالإرهاق والخمول، فتبدأ رحلة المرأة مع الأطباء لعلاج الأعراض السابقة فلا تحصل على نتيجة.
وأضاف: إن هذه الأعراض غير الصريحة والجسمانية للمرض النفسى،التى لا تجد حلا في التخصصات الأخرى، إذا تجاوزت الثلاثة أسابيع، خاصة في فصل الشتاء، لابد من الذهاب إلى الطبيب النفسى، لافتا إلى أن أسباب الإصابة تتعدد، تكون بيولوجية مثل نقص "السيروتونين"، وهرمونية نتيجة نقص هرمون الأنوثة عند الكبر، نقص هرمونات الغدة الدرقية، ونفسية تتعلق بمشاكل زوجية أو مادية، والتفكير في المعاملة السيئة من الأبوين، وتعرضها لأحداث سيئة تظل في الذاكرة، فتعلن عن نفسها بالاكتئاب في أي وقت، لكن يتبقى حتمية العلاج لتتمتع المرأة بجودة الحياة.

العلاج المعرفي
إلى ذلك، اعتبرت أستاذ مساعد الطب النفسي الدكتورة سماح حامد، أن تنوع الإصابة بالاكتئاب يفرض أيضا تنوع طرق العلاج، فالبداية دائما بالجلسات النفسية مع الطبيب المعالج من 8-12 جلسة تقريبا، ويتم الاعتماد فيها على "العلاج المعرفي"، أى تغيير طرق التفكير، ما يترتب عليه تغير النظرة للحياة،ضبط الانفعال و التدريب على ذلك مما يستغرق بعض الوقت ويفيد في الاكتئاب الناتج عن صعوبات وظروف خارجية.
وأشارت إلى أنه في حال وجود عامل وراثي واستعداد جيني يحتاج المريض إلى أدوية مضادة للاكتئاب، أدوية محسنات المزاج لتحسن حالة المريض، وفيما يتعلق بالأنواع الأشد والمصاحبة بأعراض ذهانية، أى عدم التفرقة بين الواقع والخيال، هنا تكون الحاجة إلى مضادات ذهان و مضادات الاكتئاب، بينما في الحالات المستعصية من الاكتئاب الذهانى يحتاج المريض إلى جلسات "تنظيم إيقاع المخ"، رغم فعالية هذا العلاج إلا أن الأعمال الدرامية رسخت صورة ذهنية رديئة جدا عنه، أما نوع الدواء فيتوقف على التشخيص الدقيق. وتابعت : أن المرضى يخافون من إدمان الدواء، وهذا غير دقيق، فكل دواء له أعراض جانبية، بل الخوف من تدهور الحالة وليس من الدواء الذى يكافح المرض، واختيار نوع وجرعة الدواء يخفف هذه الأعراض، مشيرة إلى أنه في كل الأحوال يجب أن يتم بجانب العلاج، تنظيم أسلوب الحياة فينبغى الاهتمام بالنوم الجيد، والتغذية العلاجية التي تزيد الاستجابة وتنظيم العلاقات الإنسانية وإدارتها بشكل صحي يضمن حياة نفسية سليمة وسعيدة.

عزلة وإحساس بالفقد
آخر الأخبار