الامتحانات وعشوائية الإنتاج وراء تراجع العروض المسرحية

كتب - مفرح حجاب:

تنافس في الموسم المسرحي الجديد أكثر من 20 عرضا مسرحيا، بعد النجاح الكبير الذي تحقق في الموسم الماضي، والتي استمرت عروضه فترة طويلة تمثل طفرة حقيقية يعيشها المسرح بالكويت بعد انتهاء قيود جائحة "كورونا"، حيث شاهدنا عروضا امتدت لسنوات مثل مسرحية "موجب" وهو أمر لم يكن معتاد من قبل، لكن يظل السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم تحقق العروض المسرحية التي شهدها "أبو الفنون" منذ بداية عيد الفطر 2023 وحتى الآن نفس نجاح الموسم الماضي؟.
أصبح لدى المهتمين بصناعة المسرح في الكويت، شغف بالإنتاج المسرحي بشكل غير مسبوق، منذ انتهاء أزمة "كورونا"، لان الأعمال الترفيهية الفنية بشكل عام سواء الحفلات الغنائية والمسرح على وجه الخصوص مازالت هي الوجهة التي يفضلها الجمهور، ولكن يبدو أن الخريطة تغيرت هذا الموسم نتيجة ظروف كثيرة، رغم وجود نجوم كبار وشباب لديهم جمهور مسرحي عرضوا أعمالا تحمل قيمة فنية.
وإذا نظرنا إلى أبرز العروض المسرحية التي قدمت منذ بداية عيد الفطر سنجد أن الفنان عبدالعزيز المسلم ومعه الفنانين باسمة حمادة ومرام وحمد العماني وفاطمة الطباخ وعبدالله المسلم يقدمون مسرحية "السحر الأسود"، ويعرض الفنان طارق العلي مسرحية "شقة لندن" مع الفنانين إلهام الفضالة وشهاب جوهر وميس قمر، ويقدم الفنان حسن البلام ومعه زهرة عرفات ومحمد رمضان وعبدالعزيز النصار وفهد البناي مسرحية "شيخ روحاني"، بينما يعرض الفنان محمد الحملي، ستة عروض مسرحية هي "زحمة، كينغ كونغ، موجب، أنا زومبي، سوبر بوبو، الضفادع"، ويقدم الفنان خالد المظفر مسرحية "المحترمين" مع محمد الدوسري وإبراهيم الشيخلي، ويقدم بدر الشعيبي ويعقوب عبدالله وغيرهما مسرحية "ابرا كدابرا، وتقدم الفنانة شجون وعبدالله عبدالرضا مسرحية "كرويلا"، ويقدم عبدالمحسن العمر ومعه ليالي دهراب، روان المهدي، رهف العنزي، وأحمد النجار مسرحية "العناكب"، ويقدم ناصر وبدر البلوشي وخالد بوصخر ومجموعة من الممثلين مسرحية "المستشفى"، وغيرها من العروض المسرحية، لكن رغم أنه لم يمر سوى 20 يوما على بداية هذه العروض إلا ان الإقبال الجماهيري تراجع على أغلب العروض بشكل كبير، وتوقفت عروض من بينها "العناكب، كرويلا، ومدينة الأضواء" ثم اقتصرت أكثر العروض التي تقدم الآن على حفلات عطلة نهاية الأسبوع. التراجع الذي حدث لعروض المسرح هذا الموسم رغم بدايته منذ أيام يعود الى عدم قراءة المنتجين وصناع المسرح للساحة بشكل جيد، فالغالبية مازالت على قناعة بأن الأعياد والعطلات هي المناسبة الأهم للعرض المسرحي، ولا يدركون أننا أمام جمهور واع يعرف متى يذهب الى المسرح ويختار العروض بعناية كبيرة نتيجة تمتعه بإرث كبير، إذا وضع في الاعتبار ان الكويت رائدة المسرح في الخليج، وان المسرح واجهة ثقافية وفنية وترفيهية مهمة لقطاع كبير من الجمهور، وان العزوف عن ارتياد المسرح ونحن في بداية الموسم يعود إلى أمور كثيرة أبرزها أن عطلة نصف العام بالنسبة للطلاب كانت طويلة هذا العام، ما يعني ان الامتحانات تبدأ بعد عيد الفطر مباشرة، بالإضافة الى تنظيم عدد من الحفلات الغنائية خلال عطلة العيد والتي لم تكن غالبيتها "كاملة العدد" للسبب نفسه، ناهيك عن ان الكثير من الجمهور لا يغادر الكويت خلال شهر رمضان لقضاء عطلة عيد الفطر في الخارج.
الأمر الأخير هو زيادة العرض عن الطلب، فعندما يكون هناك أكثر من 20 مسرحية تعرض جميعها في وقت واحد، فهذا يحتاج الى أكثر من 15 ألف يوميا لديهم رغبة في ارتياد المسرح في ظل وجود وجهات أخرى للترفيه مثل دور العرض السينمائي والمطاعم والكافيهات وأماكن التسوق، كل ذلك أثر بالتبعية على الحضور الجماهيري للمسرح في مستهل الموسم.
يبقى أن استمرار بعض العروض المسرحية حتى الآن ووجود جمهور لها مع تراجع بعضها وتوقف عرض الكثير منها، رسالة مهمة يجب على صناع المسرح قراءتها بشكل جيد، لأن العشوائية في الإنتاج تكلفتها كبيرة.