الثلاثاء 17 يونيو 2025
36°C
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية
الانتحار... إحباطٌ اجتماعيٌّ فاقمه "كورونا"
* د.نجاح العنزي: غياب الوعي بالعوارض النفسية وانعكاساتها على تمتُّع الإنسان بحياته* د.مطلق الجاسر: ليس كفراً مخرجاً من الملّة كما يظن بعض الناس بل هو من كبائر الذنوب * أنوار الحمد: ظواهر مجتمعية سلبية طفت على السطح بعد جائحة "كورونا" زادت من الظاهرة
كتبت- إيناس عوض:"الانتحار" حرّمته الاديان وازدرته المجتمعات، تعددت وسائله وبقيت نتيجته واحدة، نمت معدلاته طرديا غربيا وعربيا ايضا، تنوعت أسبابه وجاء "كورونا" ليضيف سببا اضافياً.سجل في الكويت وحدها أكثر من 40 حالة خلال أربعة أشهر فقط تحديداً من فبراير الى يونيو الماضيين، غالبيتهم من أبناء الجاليات الآسيوية، حسب سجلات الاجهزة الامنية، يضاف اليها 15 محاولة فشل أصحابها في إزهاق أرواحهم وسجلت بحقهم قضايا في المخافر وبقيت محاذير عودتهم حاضرة بدافع من تلك النفوس الضائعة."السياسة" التقت خبراء ومختصين ورجال دين للوقوف على أسباب هذه الظاهرة وتزايد أنتشارها اخيراً، حيث أجمعوا على ضرورة تضافر الجهود حكوميا وأهليا لمعالجتها والوقوف على أسبابها.وفي التفاصيل:قالت استشارية الطب النفسي ورئيس قسم الطواري بمركز الكويت للصحة النفسية الدكتورة نجاح محمد العنزي إن السبب المباشر لارتفاع معدلات الانتحار في الكويت، هو قلة وغياب الوعي بضرورة علاج العوارض النفسية التي تنعكس سلباً على استمتاع الانسان بحياته، وتقلل من قدرته على أداء عمله بكفاءة، مشيرة الى أن أهمال الاضطرابات النفسية أيا كان نوعها وشكلها يؤدي الى تفاقمها من الدرجة البسيطة الى المتوسطة ثم الشديدة، التي تضع الشخص في حالة من اليأس التي لايستطيع التعايش معها، فيجد في الانتحار وإنهاء حياته سبيلاً للتحرر من المعاناة التي يعيشها.أسباب الانتحاروأضافت أن العوامل التي تدفع البعض للانتحارعديدة ومتشابكة واختلافها يرتبط بطبيعة كل مجتمع، وبشكل عام ترتفع معدلات الانتحار في المجتمعات التي يغيب أو يقل فيها الوازع الديني مثل المجتمعات الغربية، مقارنة بالمجتمعات المتدينة وخصوصاً الاسلامية، التي تحرم الانتحار بشكل قاطع وتعلنه كفراً صريحاً، محددة ثلاثة أسباب رئيسية لارتفاع معدلات الانتحار في الكويت أولها الاضطرابات الشخصية والسلوكية، وثانيها سوء استخدام المؤثرات العقلية والمواد المخدرة، وآخرها زيادة حالات اضطراب المزاج ثنائي القطب وغيرها من الامراض والأعراض النفسية.واوضحت أن جائحة كورونا ساهمت في تعظيم أثر الأسباب السابقة التي لا تأتي منفردة بل تتداخل مع عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية دفعت البعض الى الانتحار، وهو ما يفسر ازدياد أعداد المنتحرين في فترة الجائحة بسبب فقدان الوظيفة ومصدر الدخل، أو بسبب الطلاق وفقدان شريك الحياة، او الحزن بسبب موت عزيز.علاج الظاهرةوفيما يتعلق بالسبل والأساليب التي تسهم في علاج ظاهرة الانتحار بينت العنزي انها تبدأ من الوعي بالاعراض التي تؤثر على نفسية الانسان وأدائه في الحياة، وضرورة أن يقترن هذا الوعي بسرعة اللجوء الى الاختصاصيين لعلاج الخلل النفسي أياً كان نوعه أو درجته، مشددة على أن التأخر في الوصول للطبيب النفسي بسبب الخوف من نظرة المجتمع، الذي يعتبر ذلك وصمة عار في جبين كل من يطلب العون النفسي، يفاقم المشكلة ويدفع من يعاني منها الى ايذاء نفسه بدرجة قد تصل الى القتل.واشارت الدكتورة العنزي الى الحملة الوطنية للوقاية من إيذاء النفس "غد" والتي كانت من ضمن أطباء الرعاية الاولية والطب النفسي الذين أطلقوها بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية عام 2019، ركزت على توعية العاملين في وزارة الصحـة، ووزارة التربية والداخلية، وعموم المواطنين والوافدين بكيفيـة التعامل مع الحالات التي ينتابها هاجس إيذاء النفس "الانتحار" وقد يقدم عليه الإنسان في أي لحظة سواء بعد الإصابة بانهيار عصبي أو التعرض لمشاكل معقدة تفقدهم الأمل في الحياة أو نتيجة لمرض نفسيمن الكبائر... وليس كفراًمن جانبه، قال الأستاذ في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية الدكتور مطلق الجاسر إن الانتحار من كبائر الذنوب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به، مضيفاً أنه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ).الخواء الروحي وأضاف ان الانتحار لا يعني كفر صاحبه، بل يُحسن إليه بالدعاء له بالرحمة والمغفرة، بل هذا يتأكد في حقه لحاجته له، موضحاً إن الانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة كما يظن بعض الناس، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء غفرها وإن شاء عذّب بها.وعن أسبابه يضيف: من أبرز الاسباب التي تدفع البعض الى الانتحار الخواء الروحي وضعف الإيمان بالله تعالى أو انعدامه عند كثير من الناس، وبخاصة في الدول غير الإسلامية، وكذلك المعاناة من بعض الأمراض النفسية المزمنة والشديدة.المخدرات بدورها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية أنوار الحمد: إن الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار عادة ما يعانون من اضطرابات نفسية تزيد عن قدرتهم على الاحتمال، ويجدون في الانتحار ملاذاً للتحرر منها، مشيرة الى أن جائحة كورونا بكل ما ارتبط بها من اجراءات وأحداث هيأت بيئة مثالية لزيادة حالات التوتر والقلق والاكتئاب وغيرها من الحالات النفسية، التي سرعان ما تفاقمت لدى البعض ودفعتهم للانتحار.وأردفت: وبالاضافة الى الاضطرابات النفسية التي تسببت بها الجائحة، هناك أيضاً ازدياد معدلات الادمان على المخدرات وتعاطي الكحول التي شكلت نسبة أيضاً في أعداد المنتحرين، مؤكدة في نهاية حديثها على أن التوعية هي حجر الزاوية في مكافحة ظاهرة الانتحار وغيرها من الظواهر المجتمعية السلبية التي طفت على السطح بعد جائحة كورونا، ولفتت الى أن التوعية مسؤولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية.
كتبت- إيناس عوض:"الانتحار" حرّمته الاديان وازدرته المجتمعات، تعددت وسائله وبقيت نتيجته واحدة، نمت معدلاته طرديا غربيا وعربيا ايضا، تنوعت أسبابه وجاء "كورونا" ليضيف سببا اضافياً.سجل في الكويت وحدها أكثر من 40 حالة خلال أربعة أشهر فقط تحديداً من فبراير الى يونيو الماضيين، غالبيتهم من أبناء الجاليات الآسيوية، حسب سجلات الاجهزة الامنية، يضاف اليها 15 محاولة فشل أصحابها في إزهاق أرواحهم وسجلت بحقهم قضايا في المخافر وبقيت محاذير عودتهم حاضرة بدافع من تلك النفوس الضائعة."السياسة" التقت خبراء ومختصين ورجال دين للوقوف على أسباب هذه الظاهرة وتزايد أنتشارها اخيراً، حيث أجمعوا على ضرورة تضافر الجهود حكوميا وأهليا لمعالجتها والوقوف على أسبابها.وفي التفاصيل:قالت استشارية الطب النفسي ورئيس قسم الطواري بمركز الكويت للصحة النفسية الدكتورة نجاح محمد العنزي إن السبب المباشر لارتفاع معدلات الانتحار في الكويت، هو قلة وغياب الوعي بضرورة علاج العوارض النفسية التي تنعكس سلباً على استمتاع الانسان بحياته، وتقلل من قدرته على أداء عمله بكفاءة، مشيرة الى أن أهمال الاضطرابات النفسية أيا كان نوعها وشكلها يؤدي الى تفاقمها من الدرجة البسيطة الى المتوسطة ثم الشديدة، التي تضع الشخص في حالة من اليأس التي لايستطيع التعايش معها، فيجد في الانتحار وإنهاء حياته سبيلاً للتحرر من المعاناة التي يعيشها.أسباب الانتحاروأضافت أن العوامل التي تدفع البعض للانتحارعديدة ومتشابكة واختلافها يرتبط بطبيعة كل مجتمع، وبشكل عام ترتفع معدلات الانتحار في المجتمعات التي يغيب أو يقل فيها الوازع الديني مثل المجتمعات الغربية، مقارنة بالمجتمعات المتدينة وخصوصاً الاسلامية، التي تحرم الانتحار بشكل قاطع وتعلنه كفراً صريحاً، محددة ثلاثة أسباب رئيسية لارتفاع معدلات الانتحار في الكويت أولها الاضطرابات الشخصية والسلوكية، وثانيها سوء استخدام المؤثرات العقلية والمواد المخدرة، وآخرها زيادة حالات اضطراب المزاج ثنائي القطب وغيرها من الامراض والأعراض النفسية.واوضحت أن جائحة كورونا ساهمت في تعظيم أثر الأسباب السابقة التي لا تأتي منفردة بل تتداخل مع عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية دفعت البعض الى الانتحار، وهو ما يفسر ازدياد أعداد المنتحرين في فترة الجائحة بسبب فقدان الوظيفة ومصدر الدخل، أو بسبب الطلاق وفقدان شريك الحياة، او الحزن بسبب موت عزيز.علاج الظاهرةوفيما يتعلق بالسبل والأساليب التي تسهم في علاج ظاهرة الانتحار بينت العنزي انها تبدأ من الوعي بالاعراض التي تؤثر على نفسية الانسان وأدائه في الحياة، وضرورة أن يقترن هذا الوعي بسرعة اللجوء الى الاختصاصيين لعلاج الخلل النفسي أياً كان نوعه أو درجته، مشددة على أن التأخر في الوصول للطبيب النفسي بسبب الخوف من نظرة المجتمع، الذي يعتبر ذلك وصمة عار في جبين كل من يطلب العون النفسي، يفاقم المشكلة ويدفع من يعاني منها الى ايذاء نفسه بدرجة قد تصل الى القتل.واشارت الدكتورة العنزي الى الحملة الوطنية للوقاية من إيذاء النفس "غد" والتي كانت من ضمن أطباء الرعاية الاولية والطب النفسي الذين أطلقوها بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية عام 2019، ركزت على توعية العاملين في وزارة الصحـة، ووزارة التربية والداخلية، وعموم المواطنين والوافدين بكيفيـة التعامل مع الحالات التي ينتابها هاجس إيذاء النفس "الانتحار" وقد يقدم عليه الإنسان في أي لحظة سواء بعد الإصابة بانهيار عصبي أو التعرض لمشاكل معقدة تفقدهم الأمل في الحياة أو نتيجة لمرض نفسيمن الكبائر... وليس كفراًمن جانبه، قال الأستاذ في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية الدكتور مطلق الجاسر إن الانتحار من كبائر الذنوب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به، مضيفاً أنه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ).الخواء الروحي وأضاف ان الانتحار لا يعني كفر صاحبه، بل يُحسن إليه بالدعاء له بالرحمة والمغفرة، بل هذا يتأكد في حقه لحاجته له، موضحاً إن الانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة كما يظن بعض الناس، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء غفرها وإن شاء عذّب بها.وعن أسبابه يضيف: من أبرز الاسباب التي تدفع البعض الى الانتحار الخواء الروحي وضعف الإيمان بالله تعالى أو انعدامه عند كثير من الناس، وبخاصة في الدول غير الإسلامية، وكذلك المعاناة من بعض الأمراض النفسية المزمنة والشديدة.المخدرات بدورها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية أنوار الحمد: إن الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار عادة ما يعانون من اضطرابات نفسية تزيد عن قدرتهم على الاحتمال، ويجدون في الانتحار ملاذاً للتحرر منها، مشيرة الى أن جائحة كورونا بكل ما ارتبط بها من اجراءات وأحداث هيأت بيئة مثالية لزيادة حالات التوتر والقلق والاكتئاب وغيرها من الحالات النفسية، التي سرعان ما تفاقمت لدى البعض ودفعتهم للانتحار.وأردفت: وبالاضافة الى الاضطرابات النفسية التي تسببت بها الجائحة، هناك أيضاً ازدياد معدلات الادمان على المخدرات وتعاطي الكحول التي شكلت نسبة أيضاً في أعداد المنتحرين، مؤكدة في نهاية حديثها على أن التوعية هي حجر الزاوية في مكافحة ظاهرة الانتحار وغيرها من الظواهر المجتمعية السلبية التي طفت على السطح بعد جائحة كورونا، ولفتت الى أن التوعية مسؤولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية.