الأربعاء 25 سبتمبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

الانتخابات التركية والكويتيون

Time
الاثنين 22 مايو 2023
View
10
السياسة
م. عادل الجارالله الخرافي

حين تكون المجتمعات حية تتفاعل مع الاحداث في الداخل والخارج، والكويت احداها، اذ كان مجتمعها ولايزال يعمل بنموذج النحلة، التي تستمد الرحيق من الازهار وتصنع منه عسلا، وهو سار على النحو منذ القدم لانه بني على الانفتاح على الاخر، ولم يكن مجتمعا صحراويا منغلقا على نفسه.
هذه الحقيقة جعلته يتفاعل مع المتغيرات، الاجتماعية والسياسية، والثقافية، وحتى في زمن قبل دخول المطبعة البلاد، كان ينشر انتاجه في العراق ومصر ولبنان وغيرها من الدول، بل حتى صحفه كانت تصدر في الخارج.
في ذلك الوقت كان يحاول أن يبني دولة على النمط المعروف عالميا حين ذاك، ولهذا فقد عرفت الكويت انها قادرة على هضم التجارب الاخرى، والاستفادة منها.
هذا المجتمع تأثر بالحركات القومية والوطنية العربية، وكان نصيرا للثورة الجزائرية والفلسطينية، ولقد تفاعل مع الاحداث في الاقليم، كالثورة الايرانية، وغيرها، ولهذا فإن متابعته لما يدور في الاقليم هي امر عادي، كمتابعة الانتخابات التركية.
ربما يكون الاهتمام اكبر مع هذا التركي نتيجة اقبال الكويتيين على السياحة في تركيا، والتملك فيها واقامة المشاريع، وبالتالي فان اي تطورات تشهدها تهم هؤلاء الناس، تماما كمتابعة الانتخابات الاميركية او البريطانية وغيرها، نتيجة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع تلك الدول وغيرها، مما يدفع المرء الى متابعة شأن معين.
ورغم انني لا اؤيد ولا اعيب على المتابعين هذه الانتخابات، الا ان هذه طبيعة الكويتيين، وسعيهم الى الاطلاع على تجارب الاخرين، تماما كما يتابعون القضايا الاخرى، اضافة الى ان هناك من اتخذوا من تركيا ملجأ لهم حين اعترضوا على بعض الاحكام، كما لتركيا دورها في الصراع العربي – الاسرائيلي، وهي احتوت بعض الجماعات الشرق اوسطية، او تتناغم مع النهج السياسي لتلك الجماعات، وبالتالي من الطبيعي ان يكون هناك تفاعل مع الاحداث فيها، رغم انه ليس الامل المنشود.
مناسبة هذا القول ان المجتمع الكويتي حي يتفاعل مع الاحداث التي تجري في الاقليم، ولا بد من قراءة الاحداث والتمعن في مجرياتها، وتطوراتها بما ينسجم مع الواقع الكويتي، لكن لا نكون ملكيين اكثر من الملك، لان تجارب المجتمعات تختلف بطبيعة كل منها وتكوينه، وكذلك ثقافته، فالتطور الاجتماعي يقوم على مبدأ التبادل المعرفي بين الاشخاص والجماعات، وليس على الانغلاق على الذات، لان الانغلاق جمود لا يخدم تطوره.
في كل التاريخ كانت الاقتباسات من الاخرين مشروعة طالما اعترف المرء بصاحبها، لكن لا يمكن الاسقاط الكامل للتجربة على مجتمع تختلف ثقافته وتقاليده وعلاقاته عن المجتمع المقتبس منه.
حاليا تشهد الكويت حملات انتخابية، واذا اعتقد اي شخص انه يستطيع اسقاط التجارب الاخرى على مجتمعنا مع عدم مراعاة الخصائص، الاجتماعية والتاريخية والسياسية، للبلاد، فهو يكون قد ارتكب خطيئة لان الاصل هو كما تفعل النحلة، فهي تعمل بطريقة معقدة بين امتصاص الرحيق من الزهور وتخزينه في معدتها الى حين العودة إلى الخلية، كي تبدأ عملية اخرى من تكوين العسل، بمعنى ان تجارب الاخرين هي رحيق وليست عسلا، وهذا ما يجب ان يفهمه البعض في الكويت.
آخر الأخبار