عدنان أحمد يوسفلا تزال جهود البحرين، قيادة وشعبـاً، تتضافر من أجل مكافحة تداعيات "كورونا"، حيث شهدنا ومنذ بدء تفشي هذه الجائحة سلسلة من المبادرات المتماسكة التي هدفت إلى حماية الاقتصاد والمجتمـع والانسان، وقد حققت الكثير من أهدافها بفضل فاعلية هذه المبادرات التي شملت تقديم الدعم للمنشآت في مختلف القطاعات، كذلك دعم الأجور والنفقات الأخرى لدى هذه المؤسسات، وأيضا دعـم البنـوك من اجل تمكينها ومواصلة تقديم التسهيلات للمقترضين من أفراد ومؤسسات، ومواصلة أداء دورها التمويلي والتنموي. ولا ننسى مبادرات دعم وتحصين المجتمع صحيا من خلال المبادرة لتقديم التطعيم مجانا إلى كافة المواطنين والمقيمين ومواصلة الإجراءات الاحترازية وغيرها الكثير من الإجراءات.ويمكننا القول بكل اعتزاز: إنَّ مصرف البحرين المركزي كان من أوائل البنوك المركزية في العالم الذي تصدى ووفقا لمنهج متكامل للتداعيات المحتملة لفيروس كورونا على الصناعة المصرفية، والاقتصاد عموما في المملكة، من خلال قيامه بإصدار سلسلة من الإجراءات والتدابير للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين والعاملين في القطاع المالي على حد سواء كما اصدر حزمة من التدابير الرقابية والتنظيمية للتخفيف من آثار التداعيات المالية على مستهلكي الخدمات المالية المتضررين من الفيروس وكذلك المؤسسات المالية والتجار ومساعدتهم لاستيعاب تلك التداعيات بالإضافة لحماية استقرار القطاع المالي بمملكة البحرين، بما في ذلك رفع قدرة الإقراض لدى البنوك بما يعادل 3.7 مليار دينار بحريني وذلك لإعطائها المرونة اللازمة للتعامل مع طلبات العملاء لتأجيل الأقساط أو للتمويل الإضافي خلال المرحلة المقبلة.كما يمكن القول بكل ثقة إن جملة هذه الإجراءات والتدابير عززت من سمعة مركز البحرين المالي إقليميا وعالميا، لكونها تنسجم مع الخبرة المكتسبة والقيادة المتمرسة طول العقود الخمسة الماضية لهذا المركز، والتي أدارت بحنكة وتحرز الصناعة المصرفية في المملكة عبر مختلف الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي شهدها العالم طول هذه الفترة، وكان مركز البحرين المالي قادرا دوما على تخطيها واستئناف مسيرته الناجحة.وفيما يخص الصيرفة الإسلامية، وبالرغم من أنها لا تزال تمثل نسبة ضئيلة من الأصول المالية العالمية، إلا أنها موجودة في أكثر من 60 بلدا بأصول ناهزت 2 تريليون دولار وأصبحت ذات أهمية نظامية في 14 منها (15% وأكثر من الأصول المصرفية). لذلك ونظرا للتنامي السريع للصيرفة الإسلامية من حيث الحجم والتنويع، فأنها باتت تساهم مساهمة رئيسية في مكافحة جائحة كورونا من خلال الشمول المالي والتنمية المستدامة، ومن ثم بات لزاما على السلطات الرقابية والبنوك المركزية أن تهتم بصورة أكبر بدراسة وتصميم دور الصيرفة الإسلامية في الاستقرار المالي العالمي، خاصة أنها أثبتت قدرتها على المساهمة في حماية هذا الاستقرار بصورة كبيرة.لقد أصبحت مملكة البحرين مركزًا عالميًا في قطاع الخدمات المالية الإسلامية، والدولة المضيفة لأكبر تجمع من المؤسسات المالية الإسلامية في الشرق الأوسط. ولقد كان النمو في قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية كبيراً، حيث قفزت الموجودات الإجمالية في هذا القطاع من 1.9 مليار دولار أميركي في العام 2000 إلى32.7 مليار دولار أميركي في يوليو 2020 أي بزيادة فاقت 17 ضعفاً. كما ارتفعت حصة المصارف الإسلامية من السوق من 1.8% من مجموع الموجودات المصرفية في العام 2000 إلى 15.3% في يوليو 2020.
وقد لعبت البنوك الإسلامية في المملكة دورا رائدا في التصدي لجائحة كورونا من خلال النهوض بمسؤولياتها تجاه الاقتصاد والمقترضين، علاوة على مبادرات المسئوليات الاجتماعية، كما تميزت في التوسع في دعم المقترضين العملاء لديها، كذلك تقديم التسهيلات للعملاء الجدد، وواصلت دعم الأنشطة الاقتصادية كما يتضح ذلك من ميزانياتها العمومية.ويسعدني في هذه المناسبة أن اشير إلى لقائي مؤخرا بأحد القيادات المصرفية الإسلامية الشابة الذين أتوقع لهم مستقبلا مشرقا في هذه الصناعة التي تحتاج بالفعل لمثل هذه القيادات. فقد ذكر لي إن مصرفه تواصل مع هيئة الرقابة الشرعية للمصرف لأخذ موافقتها على تقديم جزء من أموال الزكاة إلى الموظفين أو المتدربين لديه الذين اضطر البنك بسبب الجائحة لتقليص وظائفهم. وقد وافقت هيئة الرقابة الشرعية للبنك بالفعل على هذا المقترح، الذي يجسد بحق مبادئ البنوك الإسلامية الملتزمة بالحفاظ على سلامة الموظف وصحته النفسية والعائلية وكونه المعول عليه في إعمار الأرض والمجتمع وقد أثبتت البنوك الإسلامية بالفعل مسؤولياتها الأخلاقية والتنموية خلال الفترة الجائحة سواء في البحرين أو على مستوى العالم الإسلامي والعالم من خلال هذه المبادرات المتميزة.رئيس جمعية مصارف البحرينرئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً