السبت 02 أغسطس 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

البخيل والعدس

Time
الأربعاء 23 مارس 2022
السياسة
محمد الفوزان

"إيّاكم والعدس فعذابه إلى يوم البعث"، فتعالوا معي لنتعرف على هذه ‏الطرفة.
تزوّج رجل بفتاة ورغم أنّه ميسور الحال إلا أنّه شحيح النفقة، ولا يعرف من أصناف الطعام إلا العدس، وهو ‏ثلاث وجبات في اليوم على مدار الأسبوع والشهر والعام.
‏صبرت زوجته عليه مدة من الزمن، إلا أنّها من حين للآخر تحدّثه في الأمر، وتطلب منه أن يأتيها مرة بلحم أو دجاج، أو أي شيء غير العدس لأنّها أصبحت لا تطيقه، وتفضّل الجوع على أكله، ‏لكنّه كان يرفض رفضا قاطعا، ويذكر لها فوائد العدس ورخص ثمنه.
في يوم من الأيام ذهبت لزيارة أهلها، وكانت تجد حرجا في محادثة أهلها بهذا الأمر،‏ إلا أن إخوتها لاحظوا أنّها ليست على ما يرام، فسألوها ما الأمر، رفضت أن تحكي لهم، وبعد إلحاح منهم ‏لمعرفة المشكلة التي جعلتها مهمومة ومكسورة الخاطر، حكت لهم عن بخل زوجها وشحّه، وأنّها منذ يوم زواجها منه لم تذق شيئا غير العدس.
قالوا لها:" دعي الأمر لنا، وكلّ ما عليك خذي هذه الحبّة المنوّمة وضعيها له في الطعام".
أخذت الحبّة وفعلت كما قالوا لها، ‏ثم جاؤوا إلى بيتها حيث ووجدوا زوجها في سبات عميق، فجرّدوه من ملابسه وألبسوه كفنا، وأخذوه إلى غرفة مظلمة وانتظروه حتى استيقظ ليجد نفسه في مكان مظلم وعليه الكفن، فظنّ أنّه مات.
‏ثم ظهر له اثنان من إخوة زوجته وهما متنكّران وعاجّلاه بالسؤال:
‏من ربك؟
فأيقن أنّه فعلا قد مات وأنّه يُسأل، فأجاب وهو يرتجف خوفا بعد أن كرّرا عليه السؤال.
‏من ربك؟
قال: الله. لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
‏وما دينك؟
‏قال: الإسلام
‏من الرجل الذي بعث فيكم؟
‏قال: محمّد، صلّى الله عليه وسلّم.
‏ماذا كان طعامك في الدنيا؟
‏‏قال: العدس! والله لم أذق طعاما غيره.
‏فقالا له: لم تذق غير العدس، والله سبحانه وتعالى يقول:" كلوا من طيبات ما رزقناكم"، إنّ عذاب العدس أن تجلد بالسياط إلى يوم البعث، وأخرجا سوطين وانهالا عليه ضربا بالسياط حتى أُغشى عليه، فحملوه وأعادوه إلى مكانه، وألبسوه ملابسه وانصرفوا.
‏‏لمّا أفاق سأل زوجته وهو يرتجف من الخوف ويتوجّع من الألم:" ألم يحدث شيء لي، ألم أمت"؟
‏قالت:" لا لم يحدث لك اي شيء، وها أنت حيّ تُرزق، سأذهب لأعدّ لك فطورك، سأعد لك العدس حالا".
‏فصرخ قائلا: لا، إيّاك والعدس فعذابه إلى يوم البعث، سأذهب لأشتري لنا لحما وفاكهة، فالله سبحانه وتعالى يقول:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ".
* * *
‏قالوا: غني بخيل أفقر من متسول.
البخيل شحاذ دائم. والبخيل فقير لا يؤجر على فقره، والبخيل يحاسب حساب الأغنياء بينما هو عاش حياة الفقراء.
‏ البخل يوقف الرزق ويذهب البركة، ويقتل الحب والبسمة في البيت.
والنبي( صلى الله عليه وسلم) كان كثيرا ما يتعوذ من البخل والشح، فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أنه كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلَاءِ الْخَمْسِ وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اللهم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".

إمام وخطيب
آخر الأخبار