البراغماتيّ ضد المِثَالِيّ

د. خالد عايد الجنفاوي

الانسان البراغماتيّ هو الشخص الممارس للتفكير العملي، لا سيما من يهتم بمعرفة الحقائق، والوقائع والأدلة، الفعلية والملموسة، وما يمكن تحقيقه على أرض الواقع الحياتي الذي يعيشه حاليًّا، بدلاً من تضييع وقته في التفكير في النظريات، والمثاليات المبالغة، أو إشغال باله في أمور لا يستطيع التحكّم بها.
والبراغماتيّ هو بالطبع مختلف، قلبًا وقالبًا وعقلاً، عن الشخص المثاليّ، الذي يستهلك أغلب جهوده الذهنية في تقصِّي ما هو مثالي وغير عقلاني، وما لا يمكن أن يتحقق وفقًا لكل ما هو عقلاني وصحيح منطقيًّا في الحياة الإنسانية.
ومن بعض الصفات السلبية الأخرى للمثاليّ، وبعض السمات الإيجابية والافتراضات الفكرية العقلانية للبراغماتيّ، نذكر التالي:
- يفكّر ويتصرّف المثاليّ في حياته وفقًا لما يظن أنه يجب أن تكون عليه الأمور بدلاً من التفكير تجاه الحياة بشكل موضوعي، فوجهة نظره مشوشة غالب الوقت بسبب انغماسه المستمر في المثاليات والخياليات، ويسرح عادة في أفكاره وتأملاته الخيالية وأحلامه الطفولية.
ويتصف كذلك بِبُطء فكري يجعله يفوّت مِرَارًا الفرص المواتية لعيش حياة ذات معان حقيقية، وربما يستهويه الشعر الرومانسي، أو يشغل هواه وإحساسه المرهف بإفراط ما هو خيالي في الأدب.
وربما ينفر من قراءة الكتابات الواقعية مثل التاريخ والسير الذاتية والمُذكِّرات، وتغويه الشعارات الايديولوجية وخصوصًا ما تلامس عقد نقصه!
- سمات البراغماتيّ: يفكّر البراغماتيّ فيما يمكن أن يتحقق على أرض الواقع، وما هي الخيارات الفعلية المتاحة أمامه لحل مشكلة معينة أو لمواجهة تحديّ حياتي ما، ويشغل باله ما هو مفيد له فعلاً وفق المعطيات والمقومات المتوافرة في واقعه الحياتي.
ويهتم بصميم الموضوع الصعب بدلاً من تضييع وقته في الجدل حول قشوره أو أعراضه الخارجية، ويركّز تفكيره في استشراف النتائج والعواقب المرجّحة منطقيًّا، وربما تستهويه قراءة علم النفس المظلم، وكتب التاريخ والسير الذاتية وما يشابهها من كتابات واقعية.
ويهتم بلغات الأرقام والاحصاءات والدراسات العلمية، ولا يلتفت الى ما ليس مدعومًا بأدلة علمية، أو يمكن إثباته منطقيًّا، ويرفض الانصياع للأيديولوجيات السياسية، لا سيما التي تستند على ضرورة الامتثال الفكري الأعمى لأتباعها.

كاتب كويتي
@DrAljenfawi