البريد والكهرباء

طلال السعيد

الله يذكر البريد والكهرباء و"الشؤون" بالخير في زمان الطيبين، فقد كانت ابوابها في السابق مفتوحة لكل كويتي يريد ان يدرس ويشتغل.
جيل كامل من الكويتيين عملوا في البريد كتبة او موزعي بريد، او غيرها من الوظائف البسيطة، كذلك بالكهرباء كقارئ عدادات، او موزع للفواتير، وفي "الشؤون" كمراسلين.
وقد كان المسؤولون يعاملوننا معاملة خاصة ايام الطيبين، فاذا جاء وقت الامتحانات منحونا اجازة خاصة على مسؤوليتهم للاستعداد للامتحانات، وكانوا يفرحون بنجاحنا، وكأنما نحن اولادهم، فخرج جيل كامل يتحمل المسؤولية، ويقر بفضل البلاد والمسؤولين الطيبين الذين اعطوه فرصة العمل والدراسة.
اغلب ذاك الجيل تقلد فيما بعد مناصب قيادية في البلد نتيجة جده واجتهاده، فرد المعروف لوطنه ولمسؤوليه الطيبين من خلال وقفته مع ابناء وطنه.
هذا كان الوجه المشرق لكويت الطيبين قبل ان يأتينا سعادة المستشار الوافد الذي اخذ يعقد الامور، ويمنع الجمع بين الوظيفة والدراسة، والجمع بين وظيفتين، وما الى ذلك من العقد التي لها اول وليس لها آخر، حتى تغير الوجه الحقيقي للبلاد، فليست هذه بلادنا التي نعرفها.
ليس هؤلاء هم مسؤولونا الذين نعرفهم، فقد اصبحوا اداة بيد المستشار الوافد، الا من رحم ربي منهم، يبحثون عن كل ما يزيد الامور تعقيدا، ويضعون العراقيل في طريق كل مواطن طموح لا يستطيع ان يستغني عن الوظيفة وفي الوقت نفسه يريد ان يحقق طموحه الدراسي، لكن الابواب تغلق بوجهه، بينما سعادة المستشار وصحبه الكرام يجمعون ثلاث وظائف في الوقت نفسه، ولا يحاسبهم احد!
الوطنية بالشعب الكويتي فطرية تولد مع المواطن، ويرضع حب البلد ونظامها مع حليب امه، لكن التعقيدات والعراقيل التي توضع امام المواطن تقتل به الروح الوطنية، حين يقال له: اما النقل ممنوع، في الوقت نفسه يرى تسريبات الكتب التي تصدر من تحت الطاولة لاصحاب الحظوة، ويرى ديوان الخدمة يرشحه للعمل في مكان لا يتفق مع شهادته او ميوله، أو دراسته.
ذلك ينمي شعور الاحباط عند جيل كامل تم قتل طموحه، فلم يحقق ما كان يحلم به، ولم ينفع وطنه، بل اكثر من ذلك انعكس ذلك الشعور على بيته ومجتمعه، حتى اصبح الشعور بالاحباط شعورا عاما مع الاسف!
فهل من منقذ ينسف قرارات المستشار الوافد التي تحد من طموح المواطن وتضع له سقفا قريبا جدا من رأسه تمنع عليه تجاوزه؟
مثال ذلك ديوان الخدمة "المحتل: الذي اصبحت مهمته التخلص من ارقام الكويتيين طالبي التوظيف، بينما مهمته الاساسية هي تنمية طموح المواطنين، وتوجيههم التوجيه السليم لخدمة بلدهم في المكان الذي يحبونه، ويعطون فيه من دون بخل، عكس ما هو حاصل حاليا، حين يتعامل معنا الديوان كرقم يريد ان يخفضه على حساب الوطن والمواطن، وهذا قليل من كثير... زين.