الاثنين 30 سبتمبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

البشاشة والبسمة المشرقة تقرِّبان القلوب وتعملان على التآلف بين الناس واشاعة المودة

Time
الخميس 19 يوليو 2018
View
5
السياسة
قد يظن بعض الناس أن التدين في التشدد وعدم البشاشة مع الآخرين، وهذا خطأ. فإن البشاشة وهي طلاقة الوجه والسرور الذي يتجلىعند لقاء الناس بعضهم مع بعض، والبسمة المشرقة على شفاههم من أهم عناصر التدين، لأنها تقرب بين القلوب، وتعمل على التأليف بين الناس، وكذلك البشاشة أيضا في لقاء الإنسان بأهله وأبنائه وأفراد أسرته.
وقد ذكر القرآن الكريم من مظاهر التكريم والإنعام في الجنة أن يلقى الإنسان أهل مسرورا حيث قال تعالي: (وينقلب إلى أهله مسرورا). ومن أهم مظاهر المعروف بين الناس، أن يلقى الإنسان أخاه الإنسان بوجه طلق لا عبوس فيه، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك) رواه مسلم.
وقد يريد الإنسان أن يقدّم عوْنا لأخيهّ الإنسان فلا يجد ما يملكه ليساعده به، فيوجه الإسلام إلى أن يكون في لقائه معه ما يُعبرّ عن المشاركة الوجدانية التي يشعر فيها المحتاج إلى العون بمحبة أخيه له، وبأنه يشعر بشعوره فيلقاهبوجه فيه بسمة وبشاشة، وطلاقة وسرور، يتفهّم ما يريد، ويكون للمشاركة الوجدانية نوع من التعبير الإيجابي الذي يدل على التواصل بينهما، عن أبي ذرٍ رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) رواه مسلم.
فلا يحقر الإنسان أي مشاركة أو أي تواصل يقدمه للمجتمع وكان رسول الله صلى الله عليه، يضحك ويبتسم في الخير وفي كل وقت ولا يقول إلا حقاً وخيراً.
ومقابلة الإنسان لأخيه بالتبسم تدل على معنى السلام والوئام وعلى المحبة والمودة، عن جابر بن عبدالله البجلى رضي الله عنه أنه قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلمت، ولا رأني إلا بتبسم في وجهي، ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل ، فضرب بيده في صدري وقال: (اللهم ثبته، واجعله هاديا مهدياً) رواه البخاري.
وبهذا يتضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة كما قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) سورة الأحزاب.

الأسوة الحسنة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن اللقاء باشا في وجوه الناس، لا يلقي الناس إلا بالوجه الطلق ويتبسم في وجوههم ليشيع فيهم روح الألفة والسلام والمودة والمحبة بل كان عليه الصلاة والسلام يعلم الناس أن يواجهوا المواقف المثيرة والاستفزازية بالبسمة والضحك حتى يقضي على التوتر الذي لدى الناس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت الى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك،(فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء) رواه مسلم.
فانظر إلى أي مدى كان يقابل السيئة بالإحسان، ويضحك للرجل الذي جاء في حدة وشدة، إنه دفع بالتي هي أحسن كما قال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) سورة فصلت/34.
•لقد وضح القرآن الكريم كيف تكون البشاشة يوم القيامة ونضرة الوجوه وحسنها عنوانا على نعيم الآخرة، ودلالة على سرور صاحبه، خاصة وهي تنظر إلى ربها سبحانه وتعالى، كما قال الله عز وجل بها شأنه: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) سورة القيامة /22.
كما صورت لنا بعض الآيات بشاشة الوجوه، وضحكها واستبشارها يوم القيامة، وهي وجوه المؤمنين، عليها سيما البشاشة والبشارة بما تلقاه يوم القيامة من النعيم المقيم، والجزاء الكريم قال الله تعالى: (وجوه يؤمئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة) كما تتحلى بعض الوجوه بالنعيم في الآخر فيظهر أثر ذلك عليها، ويبدو عليها الرضا والبشاشة، قال الله تعالى: (وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية).
وتظهر البشاشة في تلألؤ وجوه المؤمنين الأبرار فيظن في وجوههم نضرة النعيم أي حسنه ولمعانه وبريقه واشراقه.
قال الله تعالى: (تعرف في وجوههم نضرة النعيم)
فإذا كانت البشاشة على تعدد معانيها من سمات أهل النعيم في الجنة، أليس الأمثل والأفضل أن يتحلى بها الناس في دنياهم مطبقين ما كان عليه رسولهم صلوات الله وسلامه عليه، وما يتحلى به أهل الجنة في الجنة؟
• ومن طلاقة الوجه عند مقابلة أشرار الناس ما روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن رجلاً أستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: (بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة متى عهدتني فاحشاً؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره) رواه البخاري.
وهكذا نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلق في وجه الرجل أي تهلل وبدت البشاشة عليه، وهذا من باب مقابلة المسيء بالاحسان، ومداراة الناس.
وفي هذا ما يدل على أن بشاشة الوجه لا تكون للذين هم أهل الخير والبر والطاعة فقط بل حتى أهل السوء والشر، فحين نقابلهم بالبشاشة يكون في هذا حل للموقف، وإضفاء روح التسامح والتوجيه إلى السماحة وحسن المعاملة، وهذا أفضل من التشدد حتى في وجوه هذه الأنواع من الناس، ولكن لا يقدر على ذلك إلا كبار النفوس، عظماء القلوب والنفوس.

آخر الأخبار