الأربعاء 25 سبتمبر 2024
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء   /   الأخيرة

البشر أثناء الكوارث

Time
الخميس 24 أغسطس 2023
View
104
أحمد الدواس

مختصر مفيد

في 27 مارس سنة 1964، ضرب زلزال آنكوراج، عاصمة ولاية ألاسكا الأميركية، ومسحها من على وجه الأرض خلال أربع دقائق ونصف الدقيقة بقوة 9.2 درجة على مقياس "ريختر"، فانتزعت المباني من أساسها، أو انشطرت نصفين. كان بالمدينة نحو 100 ألف نسمة، وبعد أن هدأت هزة الزلزال، تبين ان الأهالي تعاملوا مع الموقف بعاطفة وتعاون مذهل، إذ خرجوا يبحثون عمن يكون على قيد الحياة، ويستخدمون الحبال لرفع من كان منهم تحت الركام، وانتشرت السيارات تحمل المصابين الى المستشفيات، وكان الكل يمد يد العون بأي طريقة كانت، وهو شعور لا يحدث في الأيام العادية.
ووفق رأي المتخصصين بعلم الاجتماع، فان الكوارث تستخرج أفضل ما لدى الإنسان من مشاعر طيبة، ويعزو آخرون هذه المحن لسبب ديني، فالله يريدنا ان نتعاطف ونتراحم بيننا.
في ماضي الكويت أصابتنا كثير من الأحداث والكوارث الطبيعية، من أمطار، وأعاصير، وأمراض، وجراد ومجاعات، وفي المحن والأزمات تضرر الكويتيون، لكنهم تخطوا ذلك بالتواصل والتراحم ومساعدة بعضهم بعضا، فتواصلوا حتى بعود الكبريت، مثلاً، اذ كان الجار يطلب من جاره عود كبريت ليشعل ناراً للتدفئة أو لصنع الطعام.
وفي الكوارث تظهر مشاعر الخير والشر، وشتان ما بينهما، فعندما تعرضت أميركا لإعصار "هارفي" سنة 2017، ولإعصار "إيرمـا" ثم لإعصار ثالث.
تعاون الأميركيون بين بعضهم بعضاً، وفتح بعضهم منازلهم لإيواء الغرباء، وقدموا لهم شيئاً من طعام المنزل، وظهرت سيارات تحمل أكياساً من الهبات والمعونات، والمواد الغذائية والصابون، وأغطية الفراش، فازدحمت الشوارع بالسيارات.
أشادت بعض الصحف الأميركية والأوروبية بالمسلمين لأنهم فتحوا المساجد لإيواء الناس من خطر العاصفة، أو لمن تضرروا بفعل الكارثة، وبالطبع قدموا لهم الطعام، لكن منظمات خيرية ظهرت فجأة تطلب التبرعات النقدية، وهي تحتال على الناس في اربعة آلاف موقع جديد على شبكة الانترنت، فأرسل كثير من الأميركان نحو 300 ألف شكوى للشرطة، فالكوارث فرصة للمحتالين لنهب الصدقات.
هذه قصص عن مشاعر الخير والشر، لكن الأفضل أو الأجمل من ذلك، ان تعطي لا أن تأخذ، وهو ما يشعرك بالسعادة، فقد دلت الدراسات الأميركية والهندية على ان بذل الخير ومساعدة الناس (الصدقة والزكاة) تخفف التوتر والكآبة، وتنفع الصحة، وقد قرأت معلومة مفادها ان الشخص المتوتر والحزين لما يساعد الناس يشعر بأن ثقل التوتر وما يصاحبه من آلام في جسده قد انزاح عن كاهله، فتسري السعادة والراحة في جسده.
لقد أثبتت دراسات اجرتها 54 جامعة أميركية ان بذل الخير تجاه الناس تُشعر الإنسان أنه أكثر سعادة وصحة أفضل.
وقال الدكتور داغ أومان من جامعة كاليفورنيا: "كان الأطباء يعتقدون لفترة طويلة ان الأدوية تعالج الكآبة، وابتعدنا عن القيم التقليدية الفاضلة والمشاعر الروحانية، ولقد سبق القرآن كل الدراسات بذكر فضل العطاء وثوابه".
في بلدنا يحدث نهب وسلب للمال العام على الدوام، ولا يُشترط بالضرورة حدوث إعصار أو كارثة طبيعية، رغم ان المسؤول أقسم بالله ان يؤدي وظيفته بالذمة والشرف، وأترك القاريء ليتأمل الأسباب.
سفير كويتي سابق

أحمد الدواس

[email protected]

آخر الأخبار