الأحد 29 يونيو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
البطل خليل بن قلاوون يحرر عكا من الاحتلال
play icon
الأخيرة   /   كل الآراء

البطل خليل بن قلاوون يحرر عكا من الاحتلال

Time
الخميس 09 نوفمبر 2023
View
451
sulieman

قصص إسلامية

آخر معاقل الفرنجة، وكان ذلك في زمن خلافة الخليفة العباسي أحمد الحاكم بأمر الله، وذلك في 17 جمادى الأولى 690 هجريا، الموافق لـ 1291/05/1ميلادية.
‏وإليكم قصة التحرير المجيدة.
لقد استطاع الصليبيون احتلال فلسطين ومناطق واسعة من الشام، عام 1099، وبعد عقود تمكن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي من تحرير القدس، ومناطق أخرى في عام 1187، لكن الصليبيين تمكنوا من إبقاء مناطق واسعة تحت سيطرتهم، وأصبحت عكا عاصمة لهم بعد خسارتهم مدينة القدس.
‏في السادس من مارس عام 1291، غادر السلطان خليل بن قالاوون القاهرة، وبحلول الخامس من إبريل كان جيشه يقف بمواجهة عكا، فنصب دهليزه الأحمر فوق تلة مواجهة لبرج المندوب البابوي، على مسافة غير بعيدة من شاطئ البحر، وانتشر جيش المسلمين من نهاية سور مونتموسارت حتى خليج عكا.
في اليوم التالي بدأت المناجيق برمي الأحجار الضخمة على أسوار عكا، وراح رماة السهام يمطرون المدافعين من الفرنجة المتمركزين فوق أبهاء الأبراج، وأفاريزها بسهامهم.
‏ثم استخدم جيش المسلمين سلاحاً يدوياً صغيراً يطلق نيراناً كثيفة وسريعة أطلق عليه الفرنجة اسم "كارابوها"، وقد أحدث هذا السلاح أضراراً بالغة بالمقاتلين الفرنج، وصعب عليهم التقدم نحو المهاجمين من جيش المسلمين.
‏تمكن الجيش الإسلامي من إحداث أضرار، وبعض النقوب في الأجزاء الضعيفة من الأسوار، وأخذ الأمير سنجر الشجاعي ومقاتلوه على عاتقهم نقب سور برج جديد، يسمى برج الملك، فقام الفرنجة بإشعال النار فيه.
اعتمد الفرنجة على الإمدادت والتعزيزات العسكرية القادمة من قبرص إلى عكا عن طريق البحر، كذلك أصبحوا يقومون بغارات ليلية على معسكر جيش المماليك.
‏وفي الرابع من شهر مايو استرد الفرنجة بعض الثقة والأمل، حين وصل الملك هنري الثاني من قبرص، وفي صحبته 40 سفينة محملة بالمقاتلين والعتاد.
‏لم تنجح التعزيزات الصليبية في تغيير مسار المعركة، فاستمر جيش المماليك في قصف أسوار عكا حتى بدأت أبراجها واصيبت بأضرار بالغة، وتنقيبها عبر المهندسين المماليك، فانهار برج الملك هيو، وتبعه البرج الإنكليزي وبرج الكونتيسة دو بلوا.
‏وفي فجر يوم الجمعة 18 مايو سمع الفرنجة في عكا دقات طبول جيش المسلمين، الذي زحف اتجاه المدنية، وامتداد الأسوار، وكانت الطبول قد حُملت على ثلاثمئة جمل لإنزال الرعب في صدور الفرنجة، بصوت هديرها.
‏وقد ارتدى قادة جيش الفتح عمائم بيضاء، وراحت تتدفق على شوارع المدينة حيث دار قتال عنيف، وسادت عكا حالة من الفوضى العارمة والرعب الهائل، واندفع سكانها المذعورون إلى الشواطئ بحثا عن مراكب تنقلهم بعيداً، ولا يدري أحد بالتحديد كم منهم قتل على الأرض، أو كم منهم ابتلعه البحر.
أعلن الصليبيون استسلامهم وتسليم المدينة، وفر عدد كبير من أمرائهم بمراكبهم، وبقي عدد منهم متواجدا في أحد حصون المدينة لترتيب أوضاعهم، وشؤون السكان الفرنجة، فأرسل السلطان الأشرف قالاوون الأمير كتبغا المنصوري ليقدم العفو الشامل والأمان، بشرط ليخرج الفرنجة دون خوف، وفعلا غادر الفرسان التوتونيون الفرنجيون مع عائلاتهم.
‏وبعد مغادرة أولئك الفرسان غدر الفرنجة الباقون في الحصن، وقتلوا الأمير كتبغا المنصوري، فخرج من الحصن الأمير الفرنجي دي سيفري في محاولة لإصلاح الأمر، فقتله السلطان خليل، وقتل الوفد الذي معه انتقاما لمقتل الأمير كتبغا المنصوري.
ثم خرج باقي الفرنجة وغادروا المدينة بعد أن اخذوا عهودا جديدة بالأمان.
‏وصلت أنباء انتصار جيش المسلمين وتحريره عكا إلى دمشق والقاهرة، ففرح الناس وزينت المدن، ودخل السلطان خليل دمشق ومعه الأسرى الفرنجة مقيدون بالسلاسل، وقوبل الجيش الإسلامي بالاحتفالات ورفع رايات النصر، وزينت دمشق، وعمت البهجة بين الناس.
الأمة الإسلامية خلال تاريخها الطويل أنجبت نماذج كثيرة من الشخصيات، والأبطال العظام، الذين خلدهم التاريخ، وسطر أمجادهم بأحرف من نور، ودافعوا عن حياض الإسلام والمسلمين.
حملوا لواءه ونشروا رسالته الحضارية، بين الأمم، وهم يسيرون على هدي القرآن الكريم، وعلى نهج النبوة الشريفة، متمثلين أخلاق الرسول الكريم وخصاله الحميدة، وحكمته، وحلمه، وشجاعته، وكرمه وصدقه، فكان القدوة الحسنة لأصحابه، ولجميع المسلمين إلى يوم القيامة.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة…"( سورة الأحزاب 22).
وسيرة أبطال الإسلام غنية بالعبر والعظات، والدروس التي لا تنفد، وكانوا قدوة ومثالا يحتذي بهم الشباب على مر العصور، يهتدون بنهجهم، وفكرهم، وسلوكهم، وخلقهم.
وشبابنا اليوم بأشد الحاجة إلى هذه السيرة البطولية، وقيمها، ومعانيها السامية، والاستفادة من نهجها، لتنير طريقهم وترشدهم إلى جادة الصواب.

إمام وخطيب

محمد الفوزان

[email protected]

آخر الأخبار