محمد الفوزانحقق رئيس تنزانيا الراحل في 17 مارس 2021 جون بومبيه ماغوفولي خلال خمس سنوات بعد انتخابه في أكتوبر 2015 الشيء الكثير في محاربة الفساد وعزل المفسدين.فهو أقال مسؤولين بارزين عدة، وواجه الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة، واتخاذ قرارات صارمة ضد آلاف مؤلفة من الموظفين الكبار الفاسدين في القطاع العام.لقد كانت تنزانيا تتكبد خسائر بقيمة 240 مليار شلن تنزاني؛ أي بما يعادل 110 ملايين دولار سنويًّا من جراء إنفاقها رواتب على موظفين وهميين غير موجودين.كانت تنزانيا تعد من أفقر دول العالم، تلك الدولة التي يقطنها نحو 56 مليون نسمة، والقابعة على مساحة تزيد على 945.203 كيلومترات مربعة، والتي يقدر ناتجها المحلي بأكثر من 63 مليار دولار، عانت كغيرها من الفساد المستشري الذي لم يدع مجالًا لتحقيق أي تنمية حقيقية؛ فظلت طيلة نصف قرن في خانة الفقر والتخلف والقروض والديون.من الإجراءات التي اتخذها في محاربته للفساد بدأها بطرد مسؤولي السكك الحديد، ورئيس جهاز مكافحة الفساد نفسه، ورئيس مصلحة الضرائب والجمارك، وهيئة موانئ النفط والأراضي، وسجنهم، ثم طرد الآلاف من الموظفين المرتشين.ثم اتبع سياسة التقشف، وتخفيض رواتب الوزراء وكبار المسؤولين، وتخفيض عدد الوزارات إلى 19 وزارة، ثم ألغى جميع سفريات المسؤولين إلى الخارج إلاّ بترخيص مباشر منه وتوقيعه.كما طلب من الوزراء كافة كشف حساباتهم البنكية وممتلكاتهم، وتوعد بإقالة أي وزير لا يتعاون في الكشف عن حسابه.لقد قدم الرئيس التنزاني الراحل دروسًا لكثير من قادة الدول الفاشلة الفاسدة الفقيرة التي نخرها الفساد، والذين يتحدثون منذ أمد عن مشاريعهم في محاربة الفساد في بلدانهم، لكنهم لم يحققوا شيئا من ذلك؛ ولذا لا يزال الفساد مستشريًا في تلك الدول.بينما القائد التنزاني الراحل ماغوفولي قدم دروسًا في كيفية الإصلاح لتنعم بلاده بنهج جديد ناجح وتنمية واعدة؛ ومن ثم تفرغ المسؤولون لمرحلة بناء حقيقي للدولة وتنمية الشعب، اقتصاديًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا. فمنذ شغله منصب وزير الأشغال العامة، وذلك قبل توليه رئاسة البلد، اشتهر بزياراته المفاجئة وغير المتوقعة لمواقع العمل، مفاجآت ومباغتات مستمرة كان يقوم بها، وبعدما أصبح رئيسًا أيضًا، وعاقب كل المقصرين على الفور وفي اللحظة ذاتها.لذلك سمي الرجل "البلدوزر"، وأصبح الشعب يمجده ويحترمه، ويكون بذلك أحد أعلام التغيير في تنزانيا، ونموذجًا يحتذى به دوليًّا، كما يحتذي اليوم الماليزيون بمهاتير محمد باني النهضة الماليزية، وكما يحتذي السنغافوريون بلي كوان يو صانع نهضة سنغافورة، وغيرهم الكثير ممن احترموا شعوبهم فاحترمهم الشعب ومجدهم التاريخ في بلدانهم والعالم.إمام وخطيب
[email protected]