البَذَخْ لا يُعَالِج عُقْدَة النَّقْص!

د. خالد عايد الجنفاوي

"وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا"(الفرقان 67).
أقصد بالبذخ في هذه المقالة الصرف المفرط على الأكل واللباس الذي يمارسه البعض بشكل مهووس لتعويض عقد نقصهم، خصوصا من هم شغفون بمظاهر الغنى، لكنهم ليسوا من الأغنياء، وبعض من هم محدثي نعمة، وبعض العاديين الذين بالكاد تكفي رواتبهم احتياجاتهم الأساسية، فلا يمارس هذا النوع من الاسراف وفبركة المظاهر الاجتماعية الخادعة سوى من يعاني بالفعل من مشكلة نفسية متأصّلة. ومن أسباب انغماس بعض الناس في البذخ، وكيفية التشافي والتعافي من هذا المرض، نذكر ما يلي:
-البذخ هو الانفاق المفرط على الأكل واللباس بقصد التفاخر والاستعلاء على الآخرين، لا سيما بقصد اصطناع انطباعات كاذبة في أنظار وأسماع الناس عن ثراء الشخص البذِخ، أو عن كرمه المصطنع.
ولا يمارس هذا النوع من السلوك اللا عقلاني سوى من لديه عقد نفسية يريد إخفاءها عن الآخرين، والتي تدور حول شعور مترسّخ بالدونية يرافقه سعي مرضي لمعالجة هذه الحالة النفسية السلبية عبر ممارسة التزوير الاجتماعي.
-أسباب البذخ: يظنّ البَذِخ أنّ صرفه المسرف على اللباس والأكل، ولو عن طريق الاقتراض، سيرفع من شأنه عند الآخرين، وبسبب رغبته في محاكاة لباس وتصرّفات الأغنياء، ولضعف تقديره لذاته، وربما بسبب شعوره بالغيرة الصبيانية تجاه من يشعر أنهم أفضل منه علمًا، أو سمعة، أو مكانة بين الناس.
وربما بسبب وراثته لعقد النقص والشعور المترسّخ بالدونية، او بسبب حداثته في الحصول على الثروة المفاجئة، أو ربما بسبب عدم تحريه للرزق الحلال، وتمثل ذلك في عدم تقديره لما لديه من مال حرام.
-التشافي والتعافي من مرض البذخ: تحرّي الرزق الحلال، والتحكّم بالنزوات المفاجئة، وزيادة نسبة الوعي بالذات، ومخالطة الأسوياء نفسيًّا، والابتعاد عن المشبوهين أخلاقيًّا، وتقدير النعمة قبل أن تزول بسبب تصرفات البذخ، وتعزيز تقدير الذات.
والتوقّف عن مناشدة رضا وقبول الآخرين، والاطلاع، بين الحين والآخر، على أحوال المحرومين والبائسين في العالم، وتذكّر الانسان أنّ البذخ لن ينفعه في آخرته، وبالتصدّق للفقراء ومساعدة المحتاجين.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi