الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
التحفيز في المؤسسات… ضرورة ملحة
play icon
كل الآراء

التحفيز في المؤسسات… ضرورة ملحة

Time
الخميس 03 أغسطس 2023
View
94
السياسة

أفراح جاسم السعيدي

تعرَّف الدوافع أو الحوافز أنها قوى من داخل الأفراد تشجعهم من خلال تحفيز الرغبات، وتلبية الاحتياجات للعمل بجد، الاأداء المتميز في سبيل تحقيق الأهداف، على جميع الأصعدة، سواء على الشخصي منها، أو الدراسة، أو العمل.
وتختلف هذه الدوافع من شخص الى آخر وفق احتياجه وأهميته، ولطالما اهتم علماء النفس في الدسلوك البشري، وجعلوا منه مركزا للنظريات، والأبحاث ساعدت على فهم المعنى الحقيقي للدافع، وكيفية تحقيقه.
لعل أبرز النظريات هي هرم "ماسلو"
(Maslow’s (Hierarchy للتحفيز وتعرف أيضا بنظرية الاحتياجات، التي تؤكد أن لا شيء يحفز الفرد ويدفعه للتصرف بطريقة محددة أكثر من احتياجاته الشخصية، حيث صنف الاحتياجات على خمس مستويات تصاعديا من الأسفل للأعلى، وكل مستوى يمثل نوعا مختلفا من الاحتياج، عندما يتم تلبية واشباع مستوى ما ينتقل الفرد للمستوى الذي يليه.
يبدأ الهرم من الأسفل بالحاجات الأولية والأساسية للإنسان للبقاء على قيد الحياة، كالغذاء والمسكن والهواء، وما ان يتم تحقيق واشباع هذه الاحتياجات ينتقل للأعلى، وهي الحاجة للأمان، المادي والمعنوي والنفسي، فيبذل الفرد المزيد من الجهد لإشباع هذه المرحلة، لينتقل للمرحلة التي تليها، وهي الحاجة الى إشباع الحاجات الاجتماعية، كالشعور بالحب والانتماء للمجتمع.
وبعدها ينتقل للطبقة التي تليها وهي الحاجة للتقدير والاحترام من الأخرين، إلى أن يصل لأعلى الهرم، وهي طبقة الحاجة لتحقيق الذات.
وجاء العالم فريدريك هرتزبرغ بنظرية الرضا والتحفيز الثنائي، اذ أثبت ان هناك علاقة طردية بين الرضا الوظيفي والإنتاجية في العمل عبر عاملين مهمين من العوامل الرئيسية التي تؤثر على الأداء، وهي العوامل الأساسية والعوامل المحفزة، والمقصود بالعوامل الأساسية العوامل التي لا تحفز الموظفين بشكل مباشر كالراتب، سياسة المؤسسة، العلاقة بين الموظفين، الأمان الوظيفي وبيئة العمل، لكنها قد تؤثر على الرضا العام للموظفين إذا لم تكن موجودة بشكل صحيح.
أما العامل الثاني هو العوامل المحفزة، التي تساعد الفرد على رفع مستواه الوظيفي وتحقيق الرضا، والالتزام كالتقدم المهني، الشعور بالإنجاز، التعلم والنمو الوظيفي، الاعتراف بالمجهود، ومنح المكافآت.
وكما نرى، تعددت النظريات والنتيجة واحدة، وهي ان الإنسان بطبعة يحتاج إلى التحفيز لكي ينجز مهماته ويحقق الأهداف، وبما أن الفرد هو نواة المؤسسة، وجزء أساسي من تحقيق النجاح، فلا بد أن تجعل المؤسسات من التحفيز جزءا من سياستها بنوعيه التحفيز المعنوي والتحفيز المادي، عن طريق وضع خطة بأسس ومبادئ واضحة منذ البداية للموظف والمسؤول، مع تخصيص ميزانية تمكن المؤسسة من تنفيذ تلك الخطة.
فلابد ان يمنح المسؤولون التقدير المعنوي للموظفين من خلال تكليفهم مسؤوليات مهمة تتناسب مع مهاراتهم لشعروا بأنهم أشخاص ذات قيمة، ومؤثرون في المؤسسة.
كذلك الاعتراف بمجهودهم الذي بذل في انجاز مهمات كلفوا بها، وتوفير فرص التطوير الشخصي والوظيفي عن طريق منح الموظفين برامج، وورش تدريب عالية المستوى، وخلق بيئة عمل إيجابية تشجع من العمل الجماعي، والتعاون بين الموظفين، هذا بالإضافة إلى الحرص على ترقية الموظف في الوقت المناسب، لأنه عندما يتيقن الموظف أن لديه فرصه للترقية، والتطور في مساره المهني، فإنه سيصبح أكثر تفان والتزاما في أداء واجباته الوظيفية.
قد يتساءل البعض ما أهمية التحفيز المؤسسي، وما هو العائد نظير ما تقدمه المؤسسة للموظفين؟
تهتم المؤسسات العالمية في التحفيز لما له من عائد كبناء علامة للمؤسسة، والمحافظة على سمعتها، تحقيق الأهداف، زيادة الإنتاجية والابداع، والمحافظة على الموظفين المتميزين، لكن، للأسف، ان جميع النظريات والدراسات التي اهتمت بسلوك الفرد والمؤسسة قابلة للتطبيق محليا في القطاع الخاص، لأن الملاك هم أصحاب القرار قادرون على رسم وتنفيذ السياسة المناسبة للشركة، مهتمين بالفرد أولا لأنهم على إيمان تام أنه كلما شعر الموظف بالأمان والراحة والاستقرار سيعتبر نفسه جزءا من المؤسسة، وبالتالي سيعطي أكثر.
ولأنه كلما أعطى كلما أخذ، على عكس واقع الحال في مؤسسات القطاع الحكومي التي تعجز عن تكريم المتميزين لأنها تخضع لقوانين ووائح وضعت منذ سنوات من جهات رقابية أخرى، فلا تمتلك الحق في زيادة راتب الموظف أو منحه مكافأة خاصة، أو حتى ترقيته نظير كفاءته، أن الموظف في القطاع الحكومي يترقى وفق عدد سنوات التعيين لا الإنجاز والخبرة الفعلية.
في المقابل يتم معاقبة الموظف فورا في حال ارتكب خطأ ما دون قصد، الأمر الذي يجعل من الموظف الحكومي يؤدي مهماته بأقل مستوى وأداء، ولا يهتم بأهداف المؤسسة ليخرج بأقل الخسائر، وهي المحافظة على راتبه الثابت نهاية كل شهر، إلا من رحم ربي من العاملين بهذا القطاع، ممن يكون دافعهم داخلي ذاتي ناتج عن الإيمان والتربية.
واستذكر هنا القاعدة الأساسية الشهيرة من خلال مشهد في مسرحية للفنان المصري الكوميدي محمد صبحي، التي تشرح واقع الحال والتي قال فيها: "تشتغل كتير تغلط كتير تترفد، تشتغل نص نص تغلط نص نص تتجازى، ماتشتغلش خالص ماتغلطش خالص تترقى".
خلاصة القول، إن تحفيز الفرد هو عملية حيوية وضرورية لتحقيق النجاح والتميز، والمؤسسات التي تقدر وتدعم موظفيها وتحفزهم، ستكون قادرة على تحقيق أهدافها بفعالية، وبالتالي، يجب أن يكون تحفيز الفرد على رأس أولويات الإدارة لضمان الاستدامة والتميز والنجاح.

كاتبة كويتية

[email protected]

آخر الأخبار