السبت 20 سبتمبر 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

التدبر شفاءٌ للقلوب من أمراض الشهوات وللأبدان من الأسقام

Time
الخميس 30 مايو 2019
السياسة
يقول الله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، ولقد اعتنى صحب رسول الله صلي الله عليه وسلم وتابعهم على ذلك السلف الصالح من هذه الأمة، بالقرآن تدبرا وحفظا وفهما وعملا، وفي دراسة تحليلية متعمقة نتحدث عن معنى تدبر القرآن وأهميته وأسباب تحصيله وعلاماته وطريق الوصول إليه وثمراته، ونعرض قصصا ومواقف لتدبر النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن، وكذلك الصحابة والتابعون، وأقوالا لمشاهير عن تدبر القرآن الكريم، وأنه الطريق إلى الحياة الطيبة والشفاء من العلل والأمراض والصلاح.
يؤكد الدكتور خالد بن عبدالكريم اللاحم في كتاب "مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة"، أن قراءة القرآن بتدبر تفيد في الشفاء من جميع العلل والاسقام، فقد قال الحق تبارك وتعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)، (سورة يونس الآية:57)، وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا)، (سورة الإسراء الآية: 82)، وقال الله تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ)، (سورة فصلت الآية: 44).
فالقرآن شفاء للقلوب من أمراض الشبهات والشهوات والوساوس كلها القهري منها وغيره، وشفاء للأبدان من الأسقام، فمتى استحضر العبد هذا المقصد فإنه يحصل له الشفاءان: الشفاء العلمي المعنوي، والشفاء المادي البدني بإذن الله تعالى، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "خير الدواء القرآن"، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها، أو ترقيها، فقال: "عالجيها بكتاب الله".
والشفاء بالقرآن يحصل بأمرين: الأول : القيام به، وخاصة في جوف الليل الآخر، مع استحضار نية الشفاء، والثاني: الرقية به، فالريق الناتج من تلاوة آيات القرآن الكريم له أثر عظيم في القوة والنشاط، والصحة والعافية لا يرقى إليه أي خلطة من خلطات الأعشاب أو مركب من مركبات الصيادلة، ولا أظن مسلما ينكر أثر النفث بالآيات في الشفاء والعلاج، ولكن ليس من أي أحد، وأيضا هو ممكن لكل أحد، ممن يأخذ بالأسباب.
ينبغي أن نتعامل مع القرآن مباشرة فهو ميسر لكل من صدق في التعامل معه وجد في القيام به، أما أن نجعل بيننا وبين القرآن وسطاء ونهمل التعامل المباشر معه فهذا غاية الحرمان، تجد البعض حينما يصاب بمصيبة أو ينزل به مرض يجوب الآفاق ويطوف البلاد بين القراء والمعالجين وما علم أن الأمر أقرب من ذلك وأيسر، فالله سبحانه وتعالى حينما يبتلينا بالشدائد والمصائب يريد منا أن نتضرع وأن نستكين ونتذلل بين يديه سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)، (سورة المؤمنون الآية: 76)، وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)، (سورة الأنعام الآية: 42)، والقيام الطويل بالقرآن هو من أهم صور التذلل لله تعالى والتضرع بين يديه، كما يحصل في صلاة الكسوف وغيرها فالقيام بالقرآن من أقوى أسباب العافية والشفاء.
يقول الدكتور عبد الواسع محمد غالب في كتابه "تدبر القرآن الكريم مفهومه وأهميته ووسائله وثماره": لقد كثر في زماننا هذا الحديث عن الشفاء والنجاح والسعادة والتفوق والقوة، وكثرت فيه المؤلفات وكل يدعي أن في كتابه أو برنامجه الدواء الشافي، والعلاج الناجع، وأنه الكتاب الذي لا تحتاج معه إلى غيره، والحق أن هذا الوصف لا يجوز أن يوصف به إلا كتاب واحد هو القرآن الكريم. إن العبد إذا تعلق قلبه بكتاب ربه فتيقن أن شفاءه ونجاحه و نجاته وسعادته وقوته في قراءته وتدبره تكون هذه البداية للانطلاق في مراقي النجاح وسلم الفلاح في الدنيا والآخرة.
إن من يواظب على تدبر وفهم وقراءة القرآن والعمل به كما فعل النبي محمد صلي الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم فإن هذا سيؤدي إلى شفائه من الأمراض والعلل والأسقام النفسية والبدنية، ويقوده إلى حياة قلبه، وقوة ذاكرته، وصحة نفسه، وعلو همته، وقوة إرادته.

آخر الأخبار