التدين مظهرياً لا مبدئياً!

علي أحمد البغلي

أُصبت بصدمة كبيرة عندما نشرت "السياسة" في عددها الصادر في 11 ديسمبر الجاري، خبراً عن عدم دفع مرتبات ما يقارب 450 مكلفاً من فئة "البدون"، فيما مرتباتهم تتراوح بين 150 و200 دينار شهريا، وهم يعملون في مختلف ادارات وقطاعات وزارة "الاوقاف" (التي تقطر سلفية!).
هذه الوزارة ذات المبنى الهوليوودي الأخضر في منطقة الرقعي المطل على "الدائري الرابع" قرب محكمة الرقعي، رأينا بذخها بأموالنا لمجرد تنفيع المنتسبين لعقيدتها السلفية المتزمتة، ويتضح للمراقب المحايد ذلك من ملايين الدنانير التي كان تصرف على بعثة الحج التي كان يرأسها سنويا السلفي وكيل الوزارة، وكان يدعو الى الحج الفاخر درجة أولى (ديلوكس) وأعضاء حزبه معه، يدفع لهم أجرة الغرف والخيام الفاخرة، والمطوفين من جماعتهم في المملكة العربية السعودية شقيقتنا، التي أطفأت أنوار هؤلاء وأمثالهم، وكشفت لنا عن ضعف ذمة أو "حرمنة" البعض منهم، وآخر من تبلغنا بشوائب ذمته أمام المسجد الحرام السابق، وأمثاله كثيرون!
* * *
لماذا نذهب بعيداً؟ فوزارة "أوقافنا" التي عهد لها، أو هي عهدت لنفسها، إنشاء هيئة لطباعة كتاب الله العظيم القرآن، رغم صرف ملايين الملايين على تلك الهيئة، والتي تربع عليها المرضى عنهم من جماعتها السلفية، لم تطبع ورقة واحدة من أعظم كتبنا، ونحن كمسلمين براء من تلك الافعال!
وذلك يجرنا الى هيئة أخرى أمر بإنشائها أمير راحل كان متديناً كويتياً قحاً وحقاً كما عرفناه، عندما احتككنا به كأمير لدولتنا ونحن وزراء، إذ إن الأمير الراحل بعد أن أصم بعض المتدينين أسماعه وأسماع الشعب الكويتي بضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور التي تنص على "دين الدولة الاسلام والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، طالبين تعديلها الى "دين الدولة الاسلام والشريعة الاسلامية المصدر الرئيس للتشريع"، امر المغفور له الشيخ جابر الاحمد بإنشاء هيئة لهذا الشأن، فزحف عليها "الاخوان" ووظفوا زملاءهم بالحزبية، ولم نر منهم أي تعديل للقوانين أو أسلمتها وخصصهم مبنى فخما في منطقة مشرف الادارية، بل إن بعض زعامات تلك الهيئة، التي صرفت عليها الملايين، كشف عن رأسه وأصبح بكل فخر رئيسا لجمعية أو حزب "الاخوان المسلمين"، الذين طردتهم كل دول العالم تقريبا ما عدا "هذي الكويت امسح على شعر الاصوليين"!
* * *
نرجع لوزارة "الاوقاف" الاصولية وعدم دفعها لمرتبات من يعمل لديها من اخواننا في الانسانية الذين نسميهم "بدون"، ونقول لهم إن المغالين ضد هذه الفئة المظلوم الكثير من المنتمين اليها إنسانياً يطالبون بعدم تجنيس هؤلاء فقط، ولم يُطالبوا يوما بعدم توظيفهم او عدم علاجهم أو تعليمهم، وبذلك تكونون أنتم يا مدعي التدين المظهري -طول لحية وقصر الدشداشة- متدينين مظهريا لا مبدئيا، وحسبنا الله عليكم هو نعم الوكيل، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

وزير، نائب سابق