الجمعة 20 يونيو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

" التراب العُماني "... رائعة السَّقاف الخالدة في تمجيد السلطنة والعروبة

Time
الثلاثاء 14 ديسمبر 2021
View
80
السياسة
كويتيات عُمانية - الحلقة الخامسة

كتب - د.محسن بن حمود الكندي:

تبوأت سلطنة عمان مكانة كبيرة في الصحافة الكويتية منذ بزوغ فجرها في عشرينات القرن الماضي وحتى اليوم، تجسد ذلك في نشر فيض كبيرمن أخبارها وحوارات أدبائها وأنشطة مثقفيها وسياسييها وجوانب من نهضتها وتراثها وفكرها في المجلات والصحف الصادرة أنذاك ولم يتوقف هذا التواصل الفكري والصحافي على مرحلة بعينها بل ظل ذلك ممتدا حتى اليوم.
الاهتمام الكبير الذي نالتة عُمان في الصحافة الكويتية يبرز حرص واهتمام الكويت وشعبها بسلطنة العز حضارة وشعبا وتاريخا، هذه السلسلة من التواصل الفكري تستعيدها "السياسة" في حلقات بمناسبة ذكرى عيد السلطنة الـ51، وفيما يلي التفاصيل:

القصيدةُ أهزوجة سياسية أيقظتْ مشاعرَ العُمانيين في المُغتربات والمهاجر وتمثل النخوة العربية

تُمثلُ قصيدةُ الشاعر الكبير أحمد زين السَّقاف المعُنونة بـ"عُمان والخليج العربي" المنشورة في صدارةِ الصفحة السادسة عشرة من مجلة "العربي" في العدد (122) الصادر بتاريخ الحادي عشر من مارس عام 1968م، والمُعاد نشرها في ديوان الشاعر الصادر عن دار العودة ببيروت، صـ280 - تمثل قيمةً كبيرةً في نفوس العُمانيين والعرب جميعاً.
يقول السقاف في قصيدته:
كلّ شِبْرٍ من الترابِ العُماني
هو قلبي ومُهجتي وكياني
أفتديه وكلّ حبةِ رملٍ منه
أغلى عندي من العقيانِ
وله في دمي حقوقٌ وهل
ينكرُ حقَ الدِّيار غيرَ الجَبانِ
أهله مِعْشَري فأنَّى توجَّهْتُ
وجدتُ الوجدانَ من وجداني
والأصولُ التي نَمَتْهُمْ نمتني
واللسانُ المُبِينُ فيهمْ لساني
أمةُ العُرْبِ أنجبتنا فهذا
من مَعَدٍّ وذاكَ من قحطانِ
نحن عُرْبٌ ولن نكونَ لدى
الجدِّ سوى الأكرمين في الميدانِ
القصيدة في جانبِها الخاص انعطافهٌ نفسية وروحية للعُمانيين الذين تغنوا بها كثيراً ووجدوا فيها معززا روحيًّا لنفوسهم الثكلى المليئة بالإحباطات والهزائم النفسية جراء ما وقع في وطنهم من خذلان في تلك الفترة العصيبة من ستينيات القرن العشرين وما قبلها، فكانت أنشودتهم المفضَّلة وملاذهم الشعري الحالم بالأمل.
قصيدة -ما أروعها!- حَملَ عنوانُها أكثرَ من دلالة بمثلِ ما حَملَ مضمونها كلَّ أشكال التوقعات الوطنية، فكانت أهزوجة سياسية لطالما أنشدها أبناء الخليج جميعاً في صحوتهم القومية، وارتبطوا بأبياتها في نخوتهم العربية المعروفة، الأمر الذي عزز حضورها في وسائل التواصل الثقافي والمقررات الدراسية لمادة اللغة العربية في أكثر من دولة خليجية.
جاءت القصيدةُ منحوتةً من صُمّ الجبال، ومصوغة في هامات الرّجال -كما يقال-ومستوحاةً من ألق المشاعر القومية النبيلة في أقصى درجات تألقها، وفيها ألق الشاعر الثائر وموقفه، وصوته المدوّي بالكلمات الجزلة، فغطَّت فعلاً حاسماً، ورسمت حدثاً جريئاً له ما بعده، حدثٌ ارتبط بالسياسة وآلَ إليها، نكتشفُ ذلك حينما نتعرفُ أن زمنَ كتابتها مرتبطٌ بالمرحلة القومية وما بها من تداعيات الموقف الوحدوي العروبي الحالم بالوحدة، والتائق إلى النضال والكفاح والحرية والاستقلال والوحدة، ونبذ الدخيل ومقارعة المستعمر البغيض، كلُّ ذلك أوجد لها وقعاً ملموساً، وتربة خصبة في نفوس العُمانيين إبان مرحلة الضياع والخسران، والتشرد في المغتربات والمهاجرة، فرفعت معنوياتهم، وأيقظت قلوبهم، وأشعلت روح انتمائهم إلى العروبة قاطبة والخليج خاصة، كما أوقدت في نفوسهم شعلة الأمل والأمان معاً، وربطتهم بالعروبة وبإخوانهم العرب في مشارق الأقطار ومغاربها، فأحسّوا أن لديهم إخوة يتوجعون بتوجعهم، ويتألمون بألمهم وأنهم ليسوا وحدهم في قضيتهم السياسية الفارقة.
القصيدةُ، إذن، ناضحة بالهمِّ القومي الملتهب، الذي يرتفعُ مداه عالياً ليطالَ مكوناتِ الثورةِ والنضالِ، والفخر والاعتزاز، ويرقى بلغته إلى مفردات الفداء والنصرة والتذكير بتاريخ وطن غداً في أقسى حال، إنها نفثةٌ عروبيةٌ، ودرةٌ إنسانية في جبين الدّهر رصعّها قلمُ الشاعرِ الكبير أحمد السَّقاف، وأوجدها حسُّه الشعري المُرهف، فكانت صعقة لكلّ من تسوّل نفسه النيل من عُمان في ذلك الوقت أو التقليل من شعبها.
وفي جانبها الآخر صيحة في وجه كلِّ من أرادَ فصل أوتار الخليج وأوصال العروبة أو النيل منهما.
القصيدة في وصفها المادي، كلاسيكية الاتجاه والتصنيف، مناسبتُها مثبتة -خطأ- في هامش تدوينها مذيلة بعبارة: "كُتبت سنة 1968م ردَّاً على مطالبة شاه إيران بالبحرين"، وفي هذا إحالة -غير موفقة- إلى سؤالِ جوهري يتصل بالمضامين التي حوتها، والمعاني التي أوجدتها، والسياقات التي وصفتها، ومن أهم هذه الأسئلة: إذا سلَّمنا بحقيقة تلك الإشارة وخط فيها بأنه في البحرين فما حظُّ البحرين من مكونات القصيدة الموضوعية؟ ولماذا لم يكن للقضية تفصيل وآلت إلى الإجمال؟ وماذا كسبت عُمان من فارق واضح في النظم والبيان؟ هذه الأسئلة أوجدت إشكالية اعتبرتها بعض المقررات المدرسية خارجة عن إطار مناسبتها، وعنونتها بـ"قصيدة الخليج" ساحبة عُمان من العنوان، وماذا أراد الشاعر من ذلك إذ هو في الاعتبار أفصحَ عن المناسبة وضاق عليه إثباتها؟ أليست هذه مجازفة شعرية تؤول سياقاتها إلى ما يعتمل في حسِّ قائلها من فكر قومي متقد؟ أم أنه أراد شيئاً آخر غير ما ذكرناه؟
والإجابة عن هذه الأسئلة تؤول إلى ما عُرف عن السَّقاف الشاعر من أنه ينسج قصائده في نسق مناسبة ما وأبياتها في نسق آخر، وأحياناً يستخدم مقاطع من قصيدة ما ليربطها بمناسبة أخرى، وقد تكرر منه ذلك في أكثر من قصيدة ما يدعو إلى الشك والتيقن بأن بعض قصائد السَّقاف المثبتة في ديوانه تحتاج إلى تدقيق،وتلك رؤية أفادنا بها من درسه واعتنى بشعره.
ويتأكد لنا هذا اللبس إذا ما عرفنا كذلك بأن القصيدة في نشرها الأول في مجلة العربي لا تحتوي على هذه الإشارة حول مناسبتها، ما يعطينا المبرر بأن القصيدة عُمانية في قلبها وقالبها وهو قائلها لا محالة.
القصيدةُ في جانبها الفني تتموضعُ في قالب المدرسة الكلاسيكية، وتمتحُ من نكهتها متسمة بخصائص "العناية بالأسلوب الحي الناضح بالدلالات الموحية، والحرص على فصاحة اللغة وجزالتها، وأناقة العبارة ورونقها، وكأن همَّ قائلها مخاطبة الجمهور المثقف طمعاً في النصرة والتضامن، فضلا عما تضمنته من العواطف الإنسانيّة العامة المختزنة في الكيان الذاتي الجمعي لا الفردي، وتوظيف الأدب لخدمة الواقع والقضايا السياسية، والجنوح إلى الحقيقة كما هي دون مزايدة، والاهتمام بالأمة والبحث عن القواسم المشتركة بين أقطارها".
ثانياً: القصيدة في نسيجها البنائي اكتظاظ متوحّد بالمشاعر، وبنيةٌ مرصّعة بالتفاصيل:
تتكونُ القصيدة من أربعةٍ وعشرين بيتاً تسْبَحُ جلَّها في ساحل البحر العروضي (الخفيف)، والقافية النونية المُطلقة، المتناسبُ نغمها قلباً وقالباً مع حالة الشاعر المتدفقة المتسمة بالثورة والاندفاع، وارتفاع مدى الصوت الصارخ في وجه الأعداء، إنها صرخةٌ قائمةٌ على وحدة البيت دون سواه، متصلا بوحدة المعنى.
وترتكز القصيدة على مباحث متعددة من بينها ما يلي:
1- نشدانُ الوحدة والاشادة بالروابط ووشائج القربى بين عمان ومثيلاتها العربيات.
2- منطلقاتُ الثورة والاستنهاض: وفيها تحدي الطامع في أرض الخليج والموجه سهامه نحوها، ولعله في ذلك إشارة إلى المطامع الفارسية وتهديدات شاه إيران على نحو ما تشي تجوزاً، إشارة مناسبتها المثبتة.
3ـ الدعوةُ إلى اليقظة والاستعداد والصحوة واستنفار الهمم نحو العطاء والتنمية والصحوة بكل أشكالها.
4- استنطاق التاريخ العُماني والاعتزاز به، واتخاذه أداة للإقناع، وتوجيه الخطاب.
وترتفعُ حدةُ الخطاب القومي ومستوياته الصوتية في القصيدة في تنامي مطرد متواصل، منتقلاً الشاعر فيه بين "الأنا" الثورية ذات البعد الوحدوي" و"نحن" المستنهضة ذات الاتجاه المعني بالمستقبل المنشود وما فيه من ازدهار وتقدّم؛ كلُّ ذلك يجري في بأسلوب فخر واعتزاز متكاتفين، لذا يكثر في معجمه كلمات تفوح بالقوة من مثل "دوّخوا– الطوفان– الفتوحات– الخطوب تهزّ وأخرى تؤول إلى المصطلحات الحضارية (مَعَدٍّ: جذر العرب الأول)– قحطان "كتلة قبلية قديمة"– الزيف "الغش"– نهضة "التقدم والازدهار"– البهتان "الكذب والتزييف" فضلا عما تضمنته من تشبيه وكنايات وخيال مبدع، وكذلك الأساليب الانشائية المتمثلة في: الأمر (تقحّم - تلفت -أعدها - فَجر)" والنداء "المكثف الرامي إلى التخصيص والحصر والفخر (يا خليج. الأباة.)، والسؤال الحائر التائه (أيّ فرق)، والتكرار (كلّ)، والاستثناء الذي يفيد القصر (سوى الأكرمين) وغيرها.
القصيدةُ -إذن- تؤول إلى فكرة مركزية هي: اعتداد الشاعر وفخره بعروبته واعتزازه بأمته مؤكداً المكونات والأوصال الجامعة بين ذوي هذه الأمة أقطاراً وشعوباً، وهي تنبثق من هذه الفكر المركزية أفكار جزئية قوامها التحدي والاباء والصحوة، والاستنهاض والدعوة إلى لمّ الشمل والتصدي للخطر الغاشم.
الشاعر-إذن– ابن بيئته وسليل مرحلته المتوهجة، يبدأ مطلعه الأول بكلمة "كلّ" التي تفيد اتساع الرؤية الشمول القاطع الذي لا يتجزأ منه شيئاً، ثم يكرره للتأكيد عليه جاعلا من "كل" هذه أداة تعبيرية لإظهار ألقه الشعري الحالم باستحالة التجزئة وعدم التفريط في "كل شبر" رغم أن "الشبر" قطعة صغيرة لا يساوي حجما وكأن الشاعر يؤكد عدم المساومة على تراب الوطن البتة، وذلك –لا شك تقديراً لمكانته في نفسه وهي تنبع من مكانة القلب والمهجة والوجدان، وكلها علامات ثلاث تُقيم عُرى أواصل القيمة المعنوية والمادية للوطن المعني "عُمان" ومنه الخليج والوطن العربي.
ينتقلُ الشاعر –بعد ذلك إلى بيان ثيمات القيمة المعنوية والمادية للوطن المخاطب ببعث تراثه ومفردات حضارته، وبأنه طهر أرضه من أعداء سابقين كالفرس والبرتغال والأوروبيين فكانت هذه القيمة الخالدة المتجذرة تشي بذكر مفرداتها، فيقول "له في دمي– أهله أهلي... وأصوله التي ننتمي) لتكون المحصلة: أمة العرب التي أنجبته، غير أن الضمير يتحول من المفرد الى المجموع" أنجبتنا، وتراوح الضمير بين الأنا المفردة ونحن الجامعة تؤكد سعي الشاعر إلى اثبات القيمة والأهمية التي تبرز المكان المتمثل في عُمان" التي أظهر عدم مساومته في أرضها، فكلّ شبر منها هي روحه ومهجته وكياني وأنَّي للمهجة والقلب المساومة فيها، فهذه حواسه التي تجعله حياً، والشاعر استخدمها لإثبات عدم حياته إلا بها.. حتى غدت مؤصلة ومرتبط بالجناح الآخر من هذه النفس وهي الفكر أو العقل الذي ينبع من إدراكه وتبنيه للفكر القومي الذي يظهره في عمومية مطلقة: "الشمال الذي يتممه نجد حبيب إلى الجنوب اليماني"، وكذلك قوله: (دوّخوا البرتغال في البر والبحر وكانوا في الحرب كالطوفان) فهذا البيت نتاج تلك العلاقة الحميمة المرتسمة في ذاته والمكونة له وهي المعادل الموضوعي للمشاعر والأحاسيس التي أظهر القلب والمهجة والوجدان... على أن ذلك كله جاء توطئة وتمهيد لمقصد الشاعر الذي أظهر في ربط العلاقة وهي قومية لا محالة بين كريم من عُمان... وماجد بحراني) الهدف الذي رمت إليه القصيدة في احتجاجها السياسي على مطالبة شاه إيران بالبحرين فكان عُمان وسائر أقطار العروبة مطالبة بهذه المطالب فالعدو هنا لا شك أن أطماعه ستتوسع، فمتى بدأ بالبحرين فسواحل الخليج ودوله كلها مراميه، فتراه يقول:
والشمالُ الذي يُتَمِّمُهُ نجدٌ
حبيبٌ إلى الجنوبِ اليَماني
وحدتنا الخطوبُ حتى غدونا
رغم أنفِ الخطوب كالبنيانِ
تتوالى بعد هذا البيت مؤكدات النفي والرفض والشجب التي يحشدها الشاعر في وجه من يراه عدوا طامعا في أرض العروبة.

* * *

تصل القصيدة في كامل نسقها بخطاب التحدي والعنفوان من خلال القوة الدافعة والمدافعة عن الوطن المقصود وكأن الوحدة في ذهنه تحقق والنصر تجلّى "فالملايين عرفت حقيقة طمع العدو في أرض الخليج ولم يبق مجالا للتدجيل والكذب والشعارات الجوفاء التي ترى الخليج فارسياًّ":
والملايينُ قدْ أفاقتْ لم تبق
سبيلٌ للزيفِ والبُهتانِ
فأعدْها كما بدأتْ وفجّر
ثورة في العلومِ والعُمْرانِ
فالبيتان محصلة القصيدة، وغاية الشاعر ومبتغاه في الاحتجاج واليقظة والثورة والفخر يريم بها رؤيته الحالمة بتقدّم الأوطان، وازدهار حياة إنسانها، فكأنها رسالةٌ احتجاج وصرخة وبعثُ همم، ويا لها من رسالة! وما أنبلها من صرخة!
وتبقى قصيدة السَّقاف نبراساً خالداً مضيئاً بعُمان البلد العربي التليد، ولسان حاله ينبض بالحبّ لحضارته وأهله الذين هم في الاعتبار هوى فؤاده الأدبي لا محالة... ويبقى مطلعُ القصيدة "كلُّ شبرٍ من التراب العُماني..." حاملاً لدلالات كبرى ليس أقلها التجذر والانغراس وعدم التفريط في الأرض والتراب، وأكثر من ذلك الاعتزاز والافتخار والاشادة بالمجد العُماني الخالد وما أنبلها من إشادة.

أكاديمي وكاتب عماني


غلاف أحد دواوين الشاعر


جانب من تراث عمان الستينات


الشاعر احمد السقاف


من أعداد مجلة العربي




السَّقاف الشاعر القومي

لا يُمكن تناول قصيدة السقاف دون تناول مرجعياتها المتمثلة في ذات الشاعر، فقائلها حلمُه قوميٌّ، وقلبه عروبيٌّ، وروحه استنهاضية تواقة متقدة، وفكره ينبضُ بالأمل والألم تجاه أقطار الأمة العربية كلها.. ذلك هو الشاعر الحضرمي مولداً الكويتي انتماءً أحمد زين السَّقاف (1919) الذي تترجم المدونات حياته الكثيرة له "كمعجم البابطين" بالنَّص التالي "أنه شاعر ولد بجنوب الجزيرة العربية، ثم هاجر للكويت وعاش فيها ودرس في مدارسها،وأكمل دراسته النظامية في بغداد والقاهرة فحصل على درجة عالية في الحقوق، وعين في أواسط الاربعينات مدرساً في أكبر مدرسة بالكويت، فمديراً لها، وفي عام 1962 عُيّن وكيلاً لوزارة الإعلام "الإرشاد والأنباء" وفي عام 1965م عين عضواً منتدباً للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي بوزارة الخارجية.
أصدر السَّقاف مجلة "كاظمة" 1948، وفي عام 1952 تولى رئاسة تحرير مجلة "الإيمان"، ورأس وفد رابطة الأدباء إلى اجتماعات مؤتمرات الأدباء ومهرجانات الشعر في كثير من الأقطار العربية من دواوينه الشعرية: شعر أحمد السَّقاف 1986- نكبة الكويت 1997. وله مؤلفاته: منها: المقتضب في معرفة
لغة العرب.



عُمان في قلب السَّقاف وكيانه

أحبّ! السَّقاف عُمان بمثل ما أحبَّ كافة أقطار العروبة، وسعى إليها باذلا روحه وشعره، وجاهد من أن تبقى عربية حرة مستقلة شامخة رفيعة اتساقا مع تاريخها الحافل وحضارتها التليدة وهو بذلك يستثمرُ المنطلقات القومية على نحو ما يقول:
إن قوميتي فداءٌ وبذلٌ
لبني أمتي إذا جدَّ ما جد
أتحدَّى بَغْيَ الطُغاةِ بوعي
تتباهي به النجومُ وتعْتد
عرف السَّقاف عُمان بمثل ما عَرَفَ أقطار العروبة الأخرى، فهي عنده سيان كمثيلاتها العربيات يجري حبّها في دمه وفق توقٍ قوميّ متقدٍ ونزعة عروبية ونضال لا يعرف الحدود فتراه يقول:
إن العروبةَ إقدامٌ وتضحيةٌ والعُرْبُ
عبر عصور الدهرِ ما هانوا
بدأت صلة السَّقاف بعُمان من صلة روحية بالمكان وأهله ورموزه وخاصة أولئك الذين زاملهم في بغداد وعرفهم في الكويت،إضافة إلى قراءات ممنهجة ثقافية مبكرة غذت روحه وفكره بحضارتها التليدة فعرفها بحكم الجوار الجغرافي والقرب الاجتماعي والعلاقات الثقافية والاجتماعية، ثم توطدت في سفراته الأولى لطلب العلم في الأقاصي، فكانت بغداد محطَّ رحاله وفيها مرج البحرين يلتقيان، هناك التقى بعُمان ممثلة في زملائه الذين وفدوا إليها في شبابه أي في الاربعينيات.



لقاء مع السقاف

لا يمكن أن أختم مقالي هذا تحليلا لهذه القصيدة وبياناً لمكانتها في نفوس العُمانيين دون أن ألجَ إلى ذلك اللقاء التاريخي اليتيم الذي جمعني به بمكتبه، فقد التقيتُ بالسَّقاف في مكتبه صبيحة يوم الثلاثاء 20 أبريل العام1989، وكان لقائي به بحثاً عن ذكرى رفيقه الأستاذ عبدالله الطائي الذي عرفه في بغداد طالباً، وفي الكويت موظفاً، والتقى به لا شك في رحاب الصحف كاتباً، وكانت بينهما علاقات ثقافية برهنتها حياة الطائي في الكويت لعشر سنوات متواصلة، كان الطائي فيها الوجه الثقافي العماني في ذلك القطر الخليجي المجيد.
آخر الأخبار